أقلقني جداً الخبر الذي نُشر مؤخراً في الصفحة الأخيرة من هذه الجريدة بعنوان (الطلاق يشكل 40% من حالات الزواج خلال ستة أشهر) إذ يقول الخبر: (أظهرت إحصاءات وزارة العدل لحالات الزواج والطلاق المسجلة في المحاكم السعودية خلال نصف السنة المنقضي من العام الهجري الحالي، تسجيل 4 حالات طلاق مقابل كل 10 حالات زواج حيث بلغت حالات الزواج 35662 حالة، مقابل 15126 حالة طلاق. وكانت محكمة الرياض سجلت ما نسبته 28% من مجموع حالات الزواج المسجلة في المحاكم السعودية خلال نصف السنة المنقضي من العام الهجري الحالي بواقع 10080 حالة، تلتها محكمة مكةالمكرمة ب 4055 حالة، بنسبة بلغت 11% من مجموع حالات الزواج، فمحكمة جدة ب 3885 حالة زواج، ثم محكمة الطائف ب 2263 حالة، ومحكمة الدمام ب 1423 حالة، ثم محكمة نجران ب 1347 حالة زواج، تلتها محكمة بريدة ب 1264 حالة، فمحكمة الأحساء ب 1064 حالة زواج، ثم محكمة حائل ب 1054 حالة. هذه الأرقام مخيفة للغاية وتثير العديد من التساؤلات ! الطلاق ليس بالأمر السهل، وتبعاته كبيرة جداً، اجتماعيا وأسريا، أتساءل عن سر تزايد الحالات وارتفاع عددها، لابد من وجود خلل في التهيئة لدخول عش الزوجية، فما كان يصلح قبل سنوات لا يصلح اليوم، أضحينا أسرى لبعض المشاكل الاجتماعية العصرية بسبب وسائل الاتصال والتكنولوجيا وغيرها وهي جزء لا يتجزأ من حياتنا اليوم التي قد يكون من نتائجها فشل عقد الزوجية، بسبب عدم تعاملنا الصحيح معها ومع معطيات العصر، وتلك جزء من أمور أخرى في الواقع المعاش، نتحدث عن دراسات وأبحاث لعلماء الاجتماع والمختصين في هذا الجانب، لكننا لم نر نتاج هذا الجهد العلمي يطبق على الواقع، وكأننا نسير عكس الاتجاه، ومن المؤشرات هذه النسبة المتزايدة. ارتفاع نسب الطلاق أمر لا يمكن تجاوزه دون التوقف ألف مرة عنده، لسبر غور المشكلة (واقعياً)، ومعرفة الأسباب الحقيقية التي أدت لذلك، مثل هذا الموضوع ليس بحثاً للترقية والحصول على درجة علمية، أو محاضرة أو لقاء تلفزيوني عابر، بل هو مطلب ملح يجب أن يُلتفت إليه من قبل كل الجهات ذات الاختصاص، نتحدث عن بناء أسرة، يقابله تشتت أسرة لا سمح الله، الكثير يتساءل هل هناك خلل في معايير التوافق الزوجية قبل الإقدام على هذه الخطوة من قبل الطرفين؟ نسمع عن برامج للمقبلين على الزواج، تعلم فنون الحياة الزوجية، مواجهة المشاكل الزوجية، بناء الحياة الزوجية.. وغيرها من عشرات التساؤلات التي تطرحها بعض تلك الدورات (غير المجانية) لا ننكر فائدتها، لكن هل تلمس الواقع وتشخّصه وتعطي مفاتيح الحلول والتفكير المنطقي؟! أم أنها تجعلك تعيش للحظات في خيال، ومن ثم تصطدم بالواقع الذي قد يصعب عليك مواجهته بعقل واتزان. فالشاب أو الشابة قد يعيش متناقضات في كيفية إدارة الحياة الزوجية، فقبل الزواج يسمع، وبعده يعيش واقعاً، وما بين هذا وذاك كيف نجعلهما يمسكان العصا من الوسط لتسير الحياة إلى بر الأمان؟! أسأل الله عز وجل السعادة والهناء لكل زوجين، والتوفيق لكل من سيدخل عش الزوجية، ونحن مقبلون على الإجازة الصيفية موسم الأفراح والزواجات.. فلنستوعب مثل هذه المفاهيم قبل توقيع عقد النكاح.