تعيش غالبية الجهات الحكومية أمام تحديات عدة، سواء من جهة معرفتها بالقوانين والأنظمة النظامية لعملها أو من خلال عدم إلمام افرداها بتلك القوانين حين التعاطي مع المواطنين، فجوة كبيرة لابد من ردمها بحسب وصف المحامي والمستشار القانوني حمود فرحان الخالدي، والذي طالب، برفع الوعي لدى بعض الجهات الرسمية والتي يتوقع منها الإحاطة بالجوانب النظامية لعملها الموكلة به حيث لازالت أخطاؤها الإدارية تتراكم بسبب عدم الوعي من تلك الجهات، ومبالغة بعض المسؤولين لاستخدام صلاحياتهم واتخاذ البعض منهم لقرارات دون أخذ الرأي القانوني من الجهات القانونية المعتمدة لديها قبل إصدار قراراتهم التي ستنعكس سلباً على وقوع تلك الجهات في قضايا إدارية لاحقة أمام القضاء الإداري حيث سيكون لها الأثر المادي والمعنوي. وأكد الخالدي ل»الرياض» أن جميع الجهات الرسمية لا نجدها قد زادت من جرعات التثقيف الحقوقي لمنسوبيها حال تعاملهم مع مراجعي تلك الجهات، بل بقي المنسوبون يجتهدون اجتهادات تكون في غالبها وفق ما يعتقدون انطلاقا من مصالح إداراتهم، مما قد يكون معه التعطيل غير المبرر، في ظل عدم رجوعهم حال إصدار القرارات للجهة المختصة والإدارة القانونية التابعة لهذه الجهة أو تلك، مستشهدا من واقع تجربة أن بعض متخذي القرار لا يرجع إلى الجهات القانونية في جهازه وإدارته إلا بعد رفع الدعوى الإدارية على إدارته، حيث يتعامل مع الأمر بنظرية الإدارة المركزية. وأشار الخالدى وانه على العكس تماما يتلمس المتابع أنه خلال السنوات الخمس الماضية زيادة وعي المواطن والمقيم للجوانب القانونية، حيث أضحى المواطن والمواطنة والمقيم على حد سواء من خلال السؤال والبحث والقراءة عن الحقوق والمطالبة بها لدى الجهات القضائية والرسمية، مبينا أن هذا الوعي انعكس على ثقافة الحقوق والمطالبة بها وعدم التفريط بأي حق مكتسب ومراعاة الجهة الحكومية ومحاسبتها على الخطأ الإداري سواء كان ذلك في عقد عمل أو تنفيذ ومن ثم شهدت الجهات القضائية تلك أعدادا كبرى من القضايا لم تستطع التواكب معها نظرا لكثرة القضايا وقلة الكوادر القضائية مما جعل التأخير هو السمة المميزة لبعض تلك المحاكم. ونبه الخالدي إلى ضرورة أن يتماشى الوعي الحقوقي لدى الأفراد مع الوعي لدى الجهات العامة والخاصة حتى تتوافر أركان الوعي وتنخفض نسبة الأخطاء ومن ثم الترافع والتقاضي الذي أرهق المحاكم وزادت النسب فيه إلى أرقام تجاوزت المعقول. وأوضح إن مؤسسات المجتمع المدني عليها مسؤولية قانونية وأخلاقية وأدبية في نشر وتعزيز الثقافة الحقوقية لها وللآخرين، واستشهد بما قامت بها الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام (بناء) وذلك بعمل لائحة حقوقية لمنسوبيها تبياناً لما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات تدليلاً لشفافيتها في إبراز الثقافة الحقوقية لمنسوبيها لينعكس ذلك إيجابياً على علاقتهم مع الفئة المستهدفة في علاقتهم العملية، هذا من جهة ومن أخرى، يلزم كذلك على المحامين باعتبارهم إحدى الفئات التي لديها دراية بالأنظمة والتشريعات وتثقيف الناس بالثقافة الحقوقية بما لا يتعارض مع مصالحهم. وأوصى المحامي الخالدي، بأن أول الطريق لإشاعة الوعي الحقوقي يكون من خلال إصلاح القوانين ولوائح العمل في الدوائر الرسمية، وإقامتها على أساس تيسير حياة الناس، حيث إن طبيعة المجتمع الإنساني تقتضي تقاطع مصالحهم، واختلاف أفكارهم لذا فإن بيان الحقوق للناس أهم من يرسم الطريق لكل خلاف يسبب الفوضى والتناوش داخل أي مجتمع من المجتمعات.