تجربتان عشتهما مؤخرا ولم أخطط لهما مسبقا ولكني كنت راضيا وسعيدا بعدهما؛ الأولى كانت في مانشستر البريطانية وحضرت خلالها مباراة في كرة القدم بين فريقي مانشستر يونايتد وليفربول برفقة عدد من الزملاء، والثانية كانت في محافظة جدة الأسبوع الماضي في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين بين فريقي الشباب والأهلي. أنا لست مهنيا محترفا في كرة القدم ومجرياتها وأنديتها ولاعبيها، ولكن لدي قدر لابأس به من المعلومات استقيتها من خلال طبيعة عملي في الإعلام وخاصة الأخبار وإدارة القنوات وأخيرا رئاستي لهيئة الإذاعة والتلفزيون التي شَرُفت بأن تحصل على نقل حصري للدوري السعودي في المواسم الثلاثة الماضية. سأحصر حديثي في مقالي هذا عن الملعب والجمهور والجو العام، ولا علاقة لي بمجريات المباراة. في مانشستر رأيت قبل بداية المباراة وحضور كامل الجمهور صورة جميلة لمنشأة رياضية مكتملة الأركان ؛ طاقة استيعابية كبيرة، تنظيم، مقاعد محددة الأرقام وبعدة ألوان، ألوان زاهية، سجادة أرضية خضراء، وجمهور على الرغم من عراقته الكروية، إلا أنه قدم نموذجا يُحتذى في النظام والالتزام بالآداب العامة. كل مشجع يعرف مسبقا أين سيجلس، ولم ألحظ أي تدافع أو فرد يجلس في مقعد غير المخصص له. بدأت المباراة وازداد الحماس وتعالت أصوات المشجعين بأهازيج كروية تطرب السامع. لم يكن هناك لغط ولا رمي لعبوات المياه تجاه اللاعبين. انتهت المباراة بخسارة مانشستر بثلاثة أهداف، وإلى الدقيقة الأخيرة كان جمهوره وفيا ولم يغادر وظل يردد أهازيج التشجيع . أخيرا: كان الخروج من الاستاد انسيابيا ما سهّل وصول الجماهير إلى سياراتهم رغم كثرة أعدادهم. طوال مشاهدتي لهذه المباراة كانت تراودني الأماني بأن نحظى بمثل هذه المنشأة ومثل هذا التنظيم ومثل هذا الجمهور. في (الجوهرة) تحقق جزء كبير من هذه الأماني، وعندما دخلت الملعب دُهشت بهذا المعلم؛ طاقة استيعابية كبيرة، ألوان زاهية، إضاءات مبهرة للملعب والمدرجات، ومقاعد للجمهور بألوان ومسارات متعددة، وفوق كل ذلك كان تشريف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عاملا له ابلغ الأثر في كل ما شاهدناه على أرضية الملعب وفي مدرجات الجماهير . المقاعد كانت مرقمة ولكن لم يكن هناك التزام أو تنظيم للمقاعد وفق الأرقام المثبتة عليها. أهازيج التشجيع كانت قوية وممتعة وأضفت جوا حماسيا على جو المباراة، وإن صاحبها تصرفات غير محمودة أقدم عليها بعض الجهلة حين قذفوا بعبوات المياه تجاه اللاعبين تعبيرا عن عدم الرضا. جمهور الأهلي كان وفيا وبقي حتى نهاية المباراة يشجع ويدعم وهذا ما يحتاجه كل فريق من جمهوره، وكرة القدم فوز وخسارة. شكرا لك يا خادم الحرمين على مدينتك الرياضية، وشكرا لكل من ساهم في أن نرى منشأة بهذا الجمال، وكلنا أمل في أن نرى منشآت رياضية أبهى وأجمل في كل مناطق المملكة، وأن نرى جمهورا رياضيا يتحلى بأرقى السمات في تعامله مع الملاعب والمشرفين عليها، ومع اللاعبين من كل الفرق المشاركة، وإن كانت منافِسَة.