يقف سوق الخميس الشعبي شامخًا بمحافظة الدرب في جازان، ماضيًا بحركته التجارية الفريدة بموعده الأسبوعي الذي عرفه الأهالي منذ أكثر من 150 عامًا، مزدهرًا بمعروضاته العتيقة، وحركة البيع والشراء الأسبوعية. ويشكّل السوق علامة بارزة في تاريخ محافظة الدرب وظل على مدى عقود محافظًا على مكانته بين الأسواق التجارية الحديثة، ومعززًا القيمة الاقتصادية بالمحافظة، وبقي في ذاكرة الباعة والمشترين على مدى أكثر من قرن ونصف. وفي جولة لمراسل وكالة الأنباء السعودية في أرجاء السوق الواقع إلى الجنوب من طريق "جازان – مكةالمكرمة" تم رصد الحركة التجارية الدؤوبة التي تبدأ مع ساعات الصباح الأولى كل خميس، وبقدوم الباعة ناصبين معروضاتهم العتيقة من المقتنيات والأواني الفخارية التي تحتل مكانًا هامًا داخل السوق، وتعرض فيه أواني "المغش والحيسية" والميفا وكثيرا من أواني الطهي والشرب الفخارية التي اشتهرت بها منطقة جازان منذ القدم. وينتشر باعة البن والهيل والقرفة والبهارات في أنحاء السوق إلى جانب باعة السمن والعسل والأسماك بأنواعها القادمة من السواحل البحرية القريبة من المحافظة, فيما تنثر النباتات العطرية من فل وكادي وبعيثران وشيح روائح زكية تزيد المكان عبقا من النسيم الأخاذ، وتستقطب الزوار من كل مكان حيث يحرصون على اقتناء تلك النباتات وخاصة عقود وعصابات الفل. ويجد الزائر لسوق الخميس بالدرب الواقعة إلى الشمال من مدينة جازان بنحو 130 كيلومترًا فرصة لاقتناء أنواع من الأقمشة والملبوسات الشعبية، كالمصانف وهي الإزار الشهير في جازان، إذ تصطف محلات بيع المصانف بأنواعها الهندي منها واليمني مختلفة في قيمتها من 50 حتى 300 ريال وفقًا لجودة صناعتها، ويعرض الباعة أنواعًا مختلفة من الحمام والدجاج والحجل التي تجد رواجًا لدى هواة الطيور ومربي الحمام حيث يجدون في السوق فرصة أسبوعية لاقتناء أنواع مختلفة منها , فيما تنتصب في زاوية السوق "القعادة" وهي أريكة الخشب المشهورة بجازان، ومازالت تحظى باهتمام من قبل رواد السوق ومن المشترين، فلم تزل تحتلّ مكانها الرئيس في بيوت أهالي المنطقة. ويحقق السوق ذروته في الحركة التجارية في أوقات العطل المدرسية والإجازات وأيام الأعياد، حيث يفد زوار الدرب إلى هذا السوق خصيصًا، لما يمتاز به من معروضات تراثية متنوعة فضلاً عن بقية المعروضات، وعلاوة على المكانة الاقتصادية التي يعززها السوق بالمحافظة، فإنه يعد واحدًا من مقومات السياحة ومقصدا للزوار، ويجري العمل حالياً على تأهيل السوق، وفق طبيعته وبيئته التراثية بالتنسيق مع المجلسين البلدي والمحلي بالمحافظة وقدماء الباعة بالسوق.