نظام سمك.. لبن.. تمر هندي يحرج اللجنة ويفقدها ثقة الوسط الرياضي لا يبدو أن لجنة الانضباط في الاتحاد السعودي لكرة القدم تريد أن تنهي الموسم الرياضي بما تحمد عليه، فحالة الارتباك والضعف أمام بعض الحالات تارة، والتعامي وإدارة الظهر عن حالات أخرى تارة ثانية، والتباين في القرارات إزاء الأحداث المتشابهة تارة ثالثة، ما زال هو ديدن اللجنة في تعاطيها مع أحداث الموسم حتى وهو يمضي لطي آخر صفحاته، واقع هذه اللجنة يظهره شبه الإجماع من الوسط الرياضي على سوء إدارتها إن لم يكن إجماعاً اذ لا يبدو أنها تحظى بثقة أحد، خصوصاً أن الوسط الرياضي ما أن يبارك خطوة من خطواتها إلا ويرتد عن مباركته بعد أيام قلائل حين يجد سوء التعاطي مع حالات أخرى، وهو ما أفقد اللجنة الثقة بل إنها ظلت على الدوام الخاصرة الرخوة في جسم اتحاد الكرة المنتخب. حالات كثيرة يمكن استحضارها لإثبات واقع اللجنة الهش، لعل آخرها الارتباك الواضح من قبل مسيريها في التعاطي مع تصريح رئيس نادي الشباب خالد البلطان والذي تعرض فيه لرئيس الاتحاد السعودي احمد عيد بعد مباراة فريقه في ذهاب نصف النهائي لكأس الملك أمام الاتفاق، وهو التصريح الذي أشغل الوسط الرياضي وأخذ مساحة واسعة من أحاديثه، خصوصاً مع انقسامهم حول ما إذا كان التصريح يحمل أبعاداً عنصرية أم لا؟، أم أنه فقط تصريح مسيء ومهين وإن لم يكن عنصرياً في حق الرجل الأول في كرة القدم السعودية كما يرى آخرون، أم أنه لا يحمل أية إساءة فضلاً عن العنصرية كما يبرر ذلك البلطان ومريدوه. هذا الارتباك ظهر بشكل جلي في التصريحات التي أطلقها رئيس اللجنة إبراهيم الربيش ونائبه ناصر الحمدان اذ حاولا تسطيح القضية من خلال التعاطي معها كأي حالة ترد للجنة على الرغم من إدراكهما بأنها ليست كذلك باعتبار أن التصريح طاول رأس الهرم في اتحاد الكرة بما يمثل من شخصية اعتبارية، وهو ما يحدث لأول مرة، ولكون التصريح قد أنتج حالة اشتباك قوية في الوسط الرياضي، ورفع من درجة السخونة فيه ما كان يستوجب تدخلاً سريعاً من اللجنة للنظر فيه وليس كما قال الربيش في تصريح له (سنجتمع خلال الأيام المقبلة للنظر في تصريح البلطان واتخاذ العقوبة المناسبة وفق اللائحة الموجودة لدينا، وعموما لن نستعجل في الاجتماع؛ لأن العقوبة لا تخص مشاركة لاعب أو حضور جمهور وتستدعي البت فيها قبل مباراة للفريق وإنما هي تصريح لرئيس نادٍ ننظر فيها متى اجتمعنا ولا تحتاج لعقد اجتماع طارئ). فالربيش في تصريحه لا يرى ضرورة عقد اجتماع طارئ ليضع بذلك حالة البلطان مع أي حالة أخرى على الرغم أن الحصافة كانت تستدعي المباشرة في القضية مع اليوم التالي لها؛، خصوصاً وقد أخذت كل تلك الأبعاد بمجرد إطلاقه للتصريح، وهو ما جعلها تتحول لقضية رأي عام ظلت تكبر حيناً بعد آخر ككرة ثلج، وفضلاً عن ذلك والأخطر في الربيش أنه قرر من حيث يدري أو لا يدري أن البلطان سيكون تحت طائلة العقوبة حينما أكد بأنهم سيجتمعون بعد أيام للنظر في التصريح و(اتخاذ العقوبة المناسبة وفق اللائحة الموجودة). هكذا قال، وهو ما يعني أن النية مبيتة لدى الربيش ولجنته حتى قبل أن يتم النظر في القضية ودراسة حيثياتها، وهو ما يوضح سوء التعاطي القانوني لدى اللجنة مع هذه الحالة وغيرها إن من جهة التعاطي الإعلامي في قضية منظورة، أو من جهة تقرير العقوبة قبل النظر فيها. وليس بعيداً عن الربيش ما فعله نائبه ناصر الحمدان الذي تعاطى هو الآخر مع القضية إعلامياً بطريقة تعبر عن ضعف وارتباك واضحين حينما ظهر عبر القناة الرياضية السعودية محاولاً التقليل من حجم التصريح باتهام الإعلام بتضخيم القضية، بل المصيبة أنه قال حرفياً أن (القضية أثرت الوسط الرياضي وأصبحت حديث الناس) قبل أن يتراجع منقلباً على قناعته ليقول: (ا اعتبرها قضية بل حالة، ولكن الإعلام كبرها وجعلها كالأمواج). هذا التعاطي السيئ من قبل اللجنة سواء إعلامياً أو قانونياً يذكرنا بتعاطي مماثل في قضايا سابقة كقضية هتافات جماهير الهلال في مباراة الاتحاد والتي حملت بعداً عنصرياً، ما أدى لصدور قرار بتغريم الهلال 100 ألف ريال، مع حرمان جماهيره من دخول الملعب في مباراة على أرضه والتي أكد على إثرها الربيش أن اللجنة نظرت للحالة وفق (السي دي) الذي حصلت عليه من الناقل الرسمي قبل أن يظهر المعنيون في القناة الرياضية والشركة الناقلة لينفوا صحة تصريحات رئيس اللجنة، أما قانونياً فالثقة باتت مزعزعة تجاه اللجنة خصوصاً بعد إسقاط الحكم الصادر في القضية ذاتها من لجنة الاستئناف لأسباب تتعلق باختلاق قانوني واضح في عمل اللجنة. ولا يقف سوء عمل اللجنة على مثل هذا التعاطي فقط، وإنما الأخطر في اختلال المعايير بين حالة وأخرى، ففي حين تأخذ بالقرائن وليس الأدلة المباشرة كما في حالة معاقبة البلطان بعد تصريحه في حق الحكم مرعي العواجي؛ إذ وعلى الرغم من المدائح التي دبجها رئيس الشباب بحق العواجي إلا أن اللجنة عاقبته باعتبار مديحه استهزاءً وإسقاطاً بقصد السخرية؛ متماهية في ذلك مع شكوى لجنة الحكام، في وقت غضت فيه الطرف وأدارت الظهر لشكوى الهلال على إثر تصريح رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي بعد مباراة الهلال والنهضة والذي وصف فيه أحداث المباراة ونتيجتها ب "الفيلم الهندي" على الرغم ما فيه من إسقاط لم يخفَ على الوسط الرياضي، وقبل ذلك كانت قد قفزت على بيان نادي الاتحاد الشهير الذي تطاول على كل مؤسسة اتحاد الكرة ولجانها والعاملين فيها، وغير هذه قضايا كثيرة بدت فيها مواقف اللجنة ضعيفة ومعاييرها مزدوجة وكأنها تعمل بنظام سمك.. لبن.. تمر هندي!