مدينة الرياض والتي تشهد نمواً متزايداً بالسكان والطلب على مياه الشرب التي كانت تعتمد في السابق على مياه الشرب من الآبار الجوفية التي حفرتها الدولة في أنحاء متفرقة من مدينة الرياض وإنشاء السدود لتجميع مياه الأمطار. إلا ان الحاجة تدعو إلى انشاء مزيد من الآبار العميقة (المنجورية) التي تصل أحياناً إلى 1500 متر ففي عام 1367ه أضيفت أول بئر منجورية في حي الشميسي لتلبية الطلب المتزايد من المياه في مدينة الرياض في وقتها وتبعتها عدة آبار متفرقة في أطراف مدينة الرياض مثل الحاير ونساح ولأن مدينة الرياض خلال تلك الحقبة كانت تشهد نمواً كبيراً في السكان وامتداداً أفقياً في البناء والعمران حتى اتجهت وزارة الزراعة والمياه إلى تدعيم المصادر المائية فأقيم مشروع مياه صلبوخ على بعد 60 كم شمال الرياض محتوياً على حقل لمجموعة من الآبار المنجورية العميقة بعدد 16 بئراً ومحطة تنقية والذي افتتح في عام 1389ه اضافة إلى مشروع بويب ومشروع الوسية الذي افتتح في عام 1401ه. وفي عام 1403ه كانت النقلة النوعية في تعزيز مياه الشرب المحلاة بمدينة الرياض عند افتتاح محطة الجبيل لتحلية المياه عام 1403ه المصدر (المؤسسة العامة لتحلية المياه). خلال هذه الفترة الذهبية التي تعيشها مدينة الرياض وجميع مدن المملكة التي كانت تشرف على تنفيذ البنية التحتية فيها شركات عالمية أجنبية بقيت جودة أثر عملهم طوال هذه السنين فلم نكن نسمع إلا نادراً عن انكسار أو تسرب في شبكة المياه ويعود ذلك إلى جودة العمل رغم الامكانيات المحدودة سابقاً ومع رياح التغيير في البنية التحتية وإنشاء شبكات جديدة لاحياء مدينة الرياض الحديثة والمترامية الأطراف أصبح التنفيذ سريعاً وبجودة ضعيفة وبالمقاول المحلي وبأيدٍ آسيوية عربية مما أدى إلى غرق مدينة الرياض تحت بحيرة من المياه المحلاة التي كلفت الدولة الكثير من الجهد والمال لإيصالها إلى سكان المدينة عطفاً على هذه الانكسارات التي تحدث بين الحين والآخر مما تسبب في بحيرة ظاهرة وحفر كبيرة تبتلع معها السيارات مما دعا الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إلى طرح مشروع تخفيض منسوب المياه في المدينة لكون الوضع أصبح مأساوياً نتيجة ارتفاع منسوب المياه السطحية. ففي عام 1429ه صدر مرسوم ملكي رقم (5) بالموافقة على تأسيس شركة المياه الوطنية برأس مال قدره 22 مليار ريال وذلك للرقي بخدمة المياه والصرف الصحي إلا ان الذي يحدث على أرض الواقع مخيب للآمال فشركة المياه طوال هذه السنوات لم تنجح في استقطاب شركات ذات مستوى عالمي في تنفيذ شبكات المياه والصرف ومازال الاعتماد على المقاول المحلي ذي الصبغة العربية، فالشركة تركت هذا وتفرغت في فرض غرامات مالية على تسربات غسيل المنازل وجندت لذلك مراقبيها ليل نهار وفي المقابل يحدث انكسارات لأنابيب المياه في شوارع رئيسية تستمر يومين وثلاثة تعادل تسربات حي كامل دون اكتراث في ضعف واضح لأداء الصيانة لدى الشركة وليت الأمر يقف عند هذا الحد فاختلاط مياه الشرب مع مياه الصرف الصحي نتيجة الانكسارات ووصولها إلى منازل المواطنين كارثة صحية تهدد حياتهم بالأمراض والأوبئة وكأن الأمر لا يعنيها. إلى متى يا شركة المياه الوطنية.