انسحب أغلب مسلحي المعارضة السورية من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يعاني من حصار خانق منذ ثمانية أشهر، تطبيقاً لاتفاق أبرم مع الفصائل الفلسطينية. وقال مدير الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية أنور عبد الهادي لوكالة "فرانس برس" ان أغلب المسلحين انسحبوا من المخيم. ويقيم في اليرموك قرابة 20 الف شخص، وسط ظروف مأسوية منذ حزيران/يونيو 2013، اثر فرض قوات النظام حصاراً على المخيم الذي يسيطر المقاتلون المعارضون لنظام الرئيس بشار الأسد على غالبية أحيائه. وبحسب أحدث حصيلة للمرصد السوري لحقوق الانسان، أدى نقص الغذاء والادوية الى وفاة 88 شخصاً في المخيم خلال الأشهر الماضية. وأضاف أن "المسلحين الفلسطينيين انتشروا على أطراف المخيم لمنع دخول أي مسلح غريب ريثما تتم تسوية أوضاعهم وتسليم اسلحتهم وفق مبادرة وقعوا عليها". وتم التوصل الى اتفاق اواخر كانون الاول/ديسمبر 2013 عن طريق لجنة المصالحة الشعبية مع مقاتلي المعارضة في داخل المخيم، وحظي باجماع الفصائل الفلسطينية البالغ عددها 14 سمح بموجبه اجلاء عدد من الحالات الانسانية وادخال المساعدات الغذائية الى المخيم. واوضح عبد الهادي أن "وفداً شعبياً يضم أكثر من خمسين شخصية على رأسهم ممثلو الفصائل الفلسطينية جال أول من امس (السبت) في المخيم للتأكد من خلوه من المسلحين" لافتا الى ان "المؤشرات تدل على ان اغلب المسلحين انسحبوا فعلاً من المخيم". واشار الى ان الوفد "سيقوم بجولة جديدة على الجزء الشرقي من المخيم ليتم التأكد من خلوه من المسلحين". ورجح عبد الهادي الى ان "يكون المسلحون قد اتجهوا نحو منطقة الحجر الاسود ومنطقة التضامن" المتاخمة للمخيم. واضاف المسؤول الفلسطيني "سيتم ادخال فريق هندسي خلال 24 ساعة للكشف عن وجود متفجرات او الغام في المخيم لكي يتم التعامل معها قبل ادخال ورشات الصيانة لازالة الانقاض واجراء الاعمال اللازمة تمهيدا لعودة الاهالي اليه". وقبل اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد، قارب تعداد الفلسطينيين في اليرموك 150 الفا. ومع تمدد المعارك في صيف 2012 الى احياء على اطراف دمشق، نزح العديد من سكان العاصمة الى اليرموك، ما رفع عدد سكانه بشكل ملحوظ. لكن المخيم نفسه سرعان ما تحول الى ساحة حرب، وانتقل اليه العديد من السوريين الذين حملوا السلاح ضد القوات النظامية. وشارك مسلحون فلسطينيون في القتال، بعضهم الى جانب المعارضين، وآخرون الى جانب القوات النظامية، لا سيما منهم عناصر الفصائل الموالية للنظام، ابرزها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة. وذكر عبد الهادي ان "المساعدات الانسانية ستستأنف فور استكمال هذه العمليات وعودة مؤسسات الدولة اليه" معتبرا ان "عند حدوث ذلك قد لا يكون من هناك لحاجة للمساعدات لان الاهالي سيتمكنون حينها من التجول بحرية". وكانت وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) طالبت السبت بالسماح لها مجددا بدخول مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق، وذلك بعد اسبوع من تعليق عمليات توزيع المساعدات فيه. في الاطار ذاته ناشدت منظمات المجتمع المدني والأهلي الفلسطيني في لبنان المبعوث الأممي والعربي لسورية الأخضر الإبراهيمي ومؤسسات المجتمع الدولي التدخل العاجل لوضع حد لحصار نظام الأسد وقصف قواته وطائراته الحربية للمخيمات الفلسطينية. وأكدت المنظمات في بيان وزع في بيروت امس أن المخيمات الفلسطينية تعيش ظروفاً مأساوية بسبب استمرار الحصار والقصف من مواقع قوات الأسد الذي لم يتوقف حتى الآن.