تعد المراهقة من أخطر المراحل العمرية التي يمر بها الإنسان على اعتبار أنها النقطة الفاصلة بين مرحلتي الطفولة والرشد، ورغم أن كلمة مراهق تعني الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي إلا أن المراهق حقيقة لا يصل إلى النضج الكامل. وتعد حقيقة المراهقة بمثابة الميلاد الجنسي أو اليقظة الجنسية للفرد، حيث يتحدد البلوغ الجنسي عند الذكور بحدوث أول قذف منوي وظهور الخصائص الجنسية الثانوية، وعند الإناث بحدوث أول حيض، هذا بالإضافة إلى ظهور الخصائص الجنسية الثانوية. ورغم أن المراهقة تعد نقطة تحول أو علامة انتقال من مرحلة لأخرى، أي من مرحلة الطفولة لمرحلة الشبه رشد، إلا أن النضج الجنسي الذي يحدث بهذه المرحلة لا يعني بالضرورة أن المراهق قد وصل إلى النضج العقلي الحقيقي. مراحل النمو التي يمر بها المراهق في هذه المرحلة النمو الفسيولوجي: تعد مرحلة المراهقة طفرة في النمو، حيث يلاحظ أن هناك نموا جسمانيا سريعا يصاحبه نضج في الغدد الجنسية يؤدي إلى ظهور أول عملية قذف لدى الذكور وأول عملية حيض لدى الإناث كما تحدثنا عن ذلك سابقا. وكما هو معروف لدى المتخصصين فان البلوغ الجنسي يبدأ بنمو الغدد والأعضاء التناسلية، حيث يلاحظ هنا أهمية الغدة النخامية Pituitary Gland التي في أسفل المخ، والتي تستثير هرموناتها المشاعر الجنسية والدورة الجنسية وتستثير الخصيتين عند الذكور وكذا المبيضين عند الإناث. شيء لابد أن نذكره هنا وهو أن البكور الجنسي سببه النمو الحيوي السريع والزائد للغدد وبالذات النخامية، والتأخر الجنسي سببه أيضا قصور في إفراز الغدد (زهران،2005). وحقيقة يختلف سن البلوغ الجنسي بين الجنسين، حيث يتراوح سن البلوغ بين الإناث مابين 9-18، بينما يتراوح بين الذكور من 11-18، والجدول (1) يوضح الفروق بين الجنسين: ويحدث البلوغ الجنسي عند الذكر عندما تنشط الخصيتان وتفرزان الحيوانات المنوية والهرمونات الجنسية، حيث تمتزج الحيوانات المنوية بالسائل المنوي الذي تفرزه البروستاتا، ومع بداية البلوغ يقذف المراهق حوالي 300-600 مليون حيوان منوي. ويصاحب البلوغ الجنسي ظهور الخصائص الجنسية الثانوية والتي من أهمها نمو شعر العانة وشعر الوجه وتحت الإبط وعلى الجسم بصفة عامة، بالإضافة الى تغير الصوت. تعد مرحلة المراهقة طفرة في النمو وأما الإناث فيحدث عملية الحيض لدى الإناث أولا ثم الخصائص الجنسية الثانوية كظهور الشعر حول العضو التناسلي وبروز الصدر والعلامات الأخرى. هنا لابد ان نوضح ان بدء الحيض لدى الفتاة مرتبط بالطول والوزن والعمر الهيكلي Skeletal Age، أي أن الإناث الأطول والأثقل والأنضج في النمو الهيكلي يبلغن مبكرا مقارنة بزميلاتهن الأقصر والابطأ في النمو الهيكلي (زهران،2005). والجدول (2) يوضح ظهور الخصائص الجنسية حسب الأعمار النمو الجسمي: كما قلنا هناك طفرة في النمو بهذه المرحلة، بل زيادة سرعته لمدة تصل الى 3 سنوات عن الإناث من سن 10-14 والذكور من 12-16، علما بأن النمو يستمر إلى سن 18 سنة رغم أن بعض العلماء يرى أن الزيادة مستمرة إلى سن الحادية والعشرين. وهنا يلاحظ تغير الوجه من الشكل الطفولي إلى الملامح الجديدة، فضلا على زيادة الطول واتساع الكتفين ومحيط الأرداف وطول الجذع والساقين بالإضافة إلى نمو القوة العضلية لدى الفتيان. النمو الانفعالي: توصف هذه المرحلة بأنها مرحلة الانفعالات العنيفة والتي لا تتناسب مع مثيراتها، وقد تتخذ هذه الانفعالات شكل التذبذب وعدم الثبات، حيث تلاحظ أن سلوك المرأة يتأرجح مابين السلوك الطفولي وتصرفات الكبار. كما ان التناقض الانفعالي وثنائية المشاعر واضحة بهذه المرحلة لمواقف متشابهه لدرجة ان الشخص الراشد لا يستطيع أن يحدد ماذا يريد هذا المراهق. ما يريده اغلب المراهقين هو الاستقلال الانفعالي أو ما يسمى بالفطام النفسي عن الوالدين (زهران، 2005). من الأمور الواضحة في هذه المرحلة هي ظهور الخيال وأحلام اليقظة والمغامرات الجنسية بشكل واضح بهذه المرحلة، إلا أن تربيته الدينية بالمرحلة السابقة واقصد أثناء الطفولة يحرك لديه ما يعرف بالشعور بالذنب او الإحساس بالخطيئة. النمو الاجتماعي: يظهر في هذه المرحلة اثر الشلة أو الصحبة على سلوك المراهق، حيث ان قدرة الشلة على تحريك سلوك المراهق تفوق سلطة الوالدين والسلطة القانونية، ولذا علينا إذا أردنا أن نخاطب المراهقين ببرامجنا التوعوية أن تكون عن طريق أندادهم. ينمو أيضا لدى المراهق ما يعرف ب"التنمر" حيث يلاحظ أن البعض يحاول ان يكون قائدا لهذه الشلة يوجهها بقوة شخصيته أو قدرته المالية أو بشدة بطشه، يساعده في ذلك شريحة من المراهقين الذين لديهم رغبة بأن يصبحوا توابع لهؤلاء القادة. النمو الجنسي: الجنس هو المحرك الأوحد لسلوك المراهق بهذه المرحلة ولذلك يرى بعض المظاهر الجنسية بهذه المرحلة كالفضول الجنسي والنشاط الجنسي والرومانسية من اجل لفت انتباه الجنس الآخر وحب القصائد الغزلية والكتب الرومانسية وظهور الأفكار الخاطئة وغيرها. بقي أن نقول ان المراهقين منقسمون على أنفسهم حول استجاباتهم حول خبر استقبال دخولهم لمرحلة المراهقة، فمنهم من تنتابه الحيرة، والبعض الآخر يتكتم على الخبر ويتظاهر وكأن شيئا لم يكن، والبعض الاخر يطرأ عليه الخوف والقلق والخجل، بينما يستقبل البعض هذه التغيرات بنوع من الفخر والإعجاب آملا أن ينعتق من الوصاية التي حظي بها ردحا من الزمن عندما كان طفلا. وسوف نكمل حديثنا عن هذه المراهقة الوسطى بعدد الأسبوع القادم بإذن الله تعالى. توصف هذه المرحلة بأنها مرحلة الانفعالات العنيفة