لا تقوم الحياة، بمختلف أشكالها، إلا بوجود كوكب الأرض في حالة جيدة. فالبيئة الطبيعية تتعرض مثلاً لنقص في الهطول لفترات طويلة فوق أراضٍ لا تخضع لسيطرة الإنسان مما يؤدي إلى التصحر فيها. ويقدّر أن التصحر يهدد ثلث سطح الأرض وخمس سكان العالم. كما أن تلوث الهواء واستنفاد المياه أو تلوثها وتحات التربة والنمو الحضري كلها عوامل تهدد البيئة من حولنا. البيئة لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها فنقول:- البيئة الزرعية، والبيئة الصناعية، والبيئة الصحية، والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية، والسياسية.... ويعنى ذلك علاقة النشاطات البشرية المتعلقة بهذه المجالات... وقد ترجمت كلمة Ecology إلى اللغة العربية بعبارة "علم البيئة" وهو "العلم الذي يدرس علاقة الكائنات الحية بالوسط الذي تعيش فيه ويهتم هذا العلم بالكائنات الحية وتغذيتها، وطرق معيشتها وتواجدها في مجتمعات أو تجمعات سكنية أو شعوب، كما يتضمن أيضاً دراسة العوامل غير الحية مثل خصائص المناخ (الحرارة، الرطوبة، الإشعاعات، غازات المياه والهواء) والخصائص الفيزيائية والكيميائية للأرض والماء والهواء. وإذا كانت البيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته، فإن أول ما يجب على الإنسان تحقيقه حفاظاً على هذه الحياة أن يفهم البيئة فهماً صحيحاً بكل عناصرها ومقوماتها وتفاعلاتها المتبادلة، ثم أن يقوم بعمل جماعي جاد لحمايتها وتحسينها و أن يسعى للحصول على رزقه وأن يمارس علاقاته دون إتلاف أو إفساد. يعتبر الإنسان أهم عامر حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، ويوما بعد يوم ازداد تحكماً وسيطرةً في البيئة، خاصة بعد أن أتاح له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته. مما أدى إلى الإخلال بتوازن النظم البيئية، وانعكاس أثره على حياة الإنسان، فمثلا قد أدى الاستخدام السيئ للمراعي إلى تدهور النبات الطبيعي، الذي يرافقه تدهور في التربة والمناخ، فإذا تتابع التدهور تعرت التربة وأصبحت عرضة للانجراف. ومن ثم أدى تدهور الغطاء النباتي والصيد غير المنتظم إلى تعرض عدد كبير من النباتات والحيوانات البرية إلى الانقراض، فأخل بالتوازن البيئية. ويؤكد العلماء أن من الثابت أن مصير الإنسان، مرتبط بالتوازنات البيولوجية وبالسلاسل الغذائية التي تحتويها النظم البيئية، وأن أي إخلال بهذه التوازانات والسلاسل ينعكس مباشرة على حياة الإنسان ولهذا فإن نفع الإنسان يكمن في المحافظة على سلامة النظم البيئية التي يؤمن له حياة أفضل، ومن ذلك: - الإدارة الجيدة للغابات: لكي تبقى الغابات على إنتاجيتها ومميزاتها. - الإدارة الجيدة للمراعي: من الضروري المحافظة على المراعي الطبيعية ومنع تدهورها وبذلك يوضع نظام صالح لاستعمالاتها. - الإدارة الجيدة للأراضي الزراعية: تستهدف الإدارة الحكيمة للأراضي الزراعية الحصول على أفضل عائد، كما ونوعاً مع المحافظة على خصوبة التربة وعلى التوازنات البيولوجية الضرورية لسلامة النظم الزراعية. وفي بلادنا مثالان يتضح فيهما كم من المضرة لحقت بالبيئة المحلية جراء أفعال يحاول أصحابها تحقيق مكسب مادي بسيط على حساب المصلحة العامة للبلاد والعباد. انهما الاحتطاب الجائر والرعي أيضاً الجائر، ففي هذه الأيام التي نواجه فيها برداً لم نر مثله من قبل وكالعادة في كل شتاء يذهب البعض إلى الصحراء فيقطعون الأشجار لبيعها كأداة للتدفئة، وعاماً بعد آخر ربما يأتي يوم لا نرى فيه شجرة واحدة على امتداد البصر، مما يجعلنا في مواجهة الجفاف، والتصحر، ويزيد من متاعبنا في بيئة صحراوية جافة تحتاج للترطيب وليس زيادة جفافها. على الجانب الآخر نشاهد بعض الرعاة وأصحاب المزارع يطلقون دوابهم على الزرع الناشئ، فتلتهمه الماشية حتى قبل أن يبدأ في النمو، وتقضي عليه قبل أن يُولد، ولو فكر هؤلاء قليلاً لاكتشفوا أنهم لو تركوا النبات ينمو ويتحول إلى شجرة وارفة، فإنهم سيجنون ثمره، ويضمنون الغذاء لهم ولبهيمة الانعام، لكنهم كمن ضيع صيده في عجاجه. أما الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار فهذا يحتاج إلى تدخل حاسم من الجهات المعنية، فالتوعية في هذا المجال لا تجدي نفعاً، نظراً لأن من يمارسونه لا يعترفون سوى بالمال، ولذا فإن الضرب على أيديهم ومعاقبتهم وتنفيذ الأنظمة الخاصة بهذا الأمر دون تمييز هو فقط ما يردعهم عن المضي في غيهم. ويجب على كل من تهمه مصلحة الوطن بأن يبلغ السلطات فور علمه أو مشاهدته لمن يقطعون الأشجار، خاصة وأننا نعلم أن جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية مهتمة جداً بهذا الأمر مثل هيئة الحياة الفطرية والبلديات في كل مدى وقرى المملكة، حتى أنها تناشد الجميع بين فترة وأخرى للمساهمة معها في الحفاظ على البيئة من عدوان البشر. ومن هذا المنبر اناشد المسؤولين في وضع نظام مراقبة دقيق لحماية الشجر من البشر وحماية النباتات التي في مراحل النمو من بهيمة الانعام وذلك بتنظيم اوقات الرعي ومعاقبة كل من يخالف ذلك أياً كان. نحن بحاجة إلى تنفيذ صارم للأنظمة، ومراقبة مستمرة للأماكن التي تتواجد بها الأشجار والنباتات، وأن يكون ذلك بصفة دائمة، حتى نضمن أن تؤتي تلك الحملات ثمارها، وتحقق الغاية من شنها.