يتحدث المختصون عن مرض السكري حينما يعددون مضاعفاته عن تأثيره السلبي على العين والشبكية والقلب والأوعية الدموية والكلى والمجاري البولية وضغط الدم والشرايين التاجية، وقد يغفلون أن هذا المرض إن لم يتم التحكم به أن له تأثيرا على الرئة والمجاري التنفسية، وأحببت أن أتطرق لهذا الأمر بشيء من الاختصار. أثبتت الدراسات المتعددة أن لمرض السكري تأثيرا على الرئة وخاصة النسيج الرئوي أكثر من تأثيره على المجاري التنفسية ولكن ما هي الأسباب وما هي الأعراض؟ الأسباب المؤدية لهذا التأثير السلبي على النسيج الرئوي: إن زيادة السكر في الدم وما يصاحب زيادة السكر من تراكم السموم المختلفة والأحماض المتعددة تؤثر على الأنسجة الرئوية وكذلك الأوعية الدموية المحيطة بالأنسجة الرئوية وتؤدي الى ما يعرف بمرض الرئة التقييدي والذي يجعل الرئة أقل حجما من سعتها الطبيعية والتي تؤدي على المدى البعيد إلى صعوبة التنفس وقلة الأكسجين، إن هذا التأثير السلبي يزداد عند إصابة المريض بأمراض القلب وضغط الدم وزيادة الوزن وهي الأمراض المصاحبة عادة لمرض السكري، إن مرض السكري الرئوي مرتبط بعوامل الالتهاب مثل السي بروتين والإنترليوكين والتي تزداد مع عدم التحكم بالسكر ومع طول زمن الإصابة بمرض السكري، إن أوائل هذه الدراسات الموضحة لهذه العلاقة بين مرض السكري والمرض الرئوي المقيد للرئة وعملها، هي تلك الدراسة البريطانية التي ضمت عددا تجاوز أربعة الاف مريض ممن لديهم مرض السكري وليسوا مصابين بمرض في القلب أو الضغط أو الجلطات ونحوها والتي قد تؤثر هذه العوامل على عمل الرئة ووجدت الدراسة أن هناك علاقة بين المرضين، إن تأثير مرض السكري وخاصة غير المتحكم به تؤثر على الحويصلات الهوائية والنسيج الداخلي لها وكذلك النسيج المخاطي للشعيبات الهوائية، إن هذه الدراسة البريطانية قد دعمت بدراسة حديثة من جامعة دينفر تؤكد هذه العلاقة سواء لدى المدخنين أو غير المدخنين من مرضى السكري مما تقلل من قدرة مرضى السكري على ممارسة الرياضة الخفيفة وليست تلك التي يصاحبها إجهاد، وذهبت بعض الدراسات الأخرى إلى أبعد من ذلك من وجود علاقة بين مرض الرئة والإصابة بمرض السكري وذلك بأن مرضى الرئة وخاصة مرض الرئة التقييدي لديهم قابلية للإصابة بمرض السكري أكثر من غيرهم، وإذا نظرنا إلى مرض الرئة الانسدادي (مثل الربو وحساسية الصدر) وليس التقيدي أو التقييدي، فإن مرض الرئة الانسدادي الذي يصيب القنوات التنفسية والشعيبات الهوائية لا يزيد من نسبة إصابة الشخص بمرض السكري. هناك دراسة مشابهة أجريت في المملكة العربية السعودية وشملت عددا محدودا من مرضى السكري يقارب الأربعين مريضا، أوضحت نفس العلاقة بين مرض السكري وبين مرض الرئة التقيدي. والجميل في هذه الدراسة أنها بينت أن مرضى السكري الذين تجاوزت الإصابة لديهم عشر سنوات أن حجم الرئة أصغر من حجمها مما كانت عليه قبل ذلك. وذلك يعني أن مرض الرئة يمتد ويتفاقم مع مرور الزمن وبالتالي أصبح لزاما التحكم بمستوى السكر في الدم ليس فقط للحد من مضاعفات السكري على القلب والأوعية الدموية والشبكية ولكن للوقاية من مضاعفاته على الرئة أيضا والأنسجة الرئوية والحويصلات الهوائية. وأيضا نستفيد من نتائج هذه الدراسات المتعاقبة أن مريض السكري وخاصة مريض السكري النوع الثاني يحتاج الى فحص للرئة بصفة مستمرة عن طريق منفاخ إن صح التعبير خاص لقياس قدرة الرئة على إخراج الهواء للخارج، ومن الأسباب الأخرى الوقائية من تدهور عمل الرئة هو الحرص على عدم التدخين والاصابة بالالتهابات الفيروسية المختلفة وأخذ التطعيمات اللازمة ونحو ذلك. * قسم الغدد الصماء