الخبر مقدس لكن التعليق حر. لعل هذا أول درس يتعلمه الصحفي وهو يخطو خطوته الأولى على بلاط صاحبة الجلالة الصحافة. والتعليق هنا غالبا ما يلحقه الصحفي بمضمون خبره، لكنه عادة يفضل أن يكتبه على شكل مقال منفصل. والمقالات تتنوع بتنوع مضامينها وأساليب كتابتها أيضا. ومع أن الصحافة بدأت في نشأتها الأولى عالميا وعربيا صحافة رأي إلا أنها تطورت لاحقا لتكون صحافة خبرية في مجملها، ثم عادت في السنوات الأخيرة محتفية بالرأي على حساب الخبر استجابة للتطورات التي ألمت بوسائل الإعلام ووسائل الإتصال والتواصل عموما. فنتيجة لشعور الصحافة، الورقية تحديدا، بالعجز في التميز الخبري في ظل انتشار الخبر بوسائل أخرى أسرع وأكثر رشاقة منها عادت هذه الصحافة الورقية لتبحث عن مضمار للتميز وجدته في فنها الأول القديم وهو فن المقالة والتحليل الخبري الذي يحاول البحث فيما وراء الخبر من خلال معالجة تحليلة تعتمد على أدوات معرفية كثيرة. وربما لهذا، ولأسباب أخرى، لاحظنا انتشار المقالات الصحفية في الآونة الأخيرة بشكل كبير سواء أكان ذلك في الصحف والمجلات الورقية أو في المواقع الإلكترونية والمدونات الشخصية. لكن المؤسف أن كثيرا من الكتاب الصحفيين الشباب والمبتدئين في الكتابة الذين وجدوا مساحات مفتوحة للنشر أمامهم ما زالوا يعانون من عدة مشكلات على صعيد كتابة المقال رغم حماستهم المشتعلة وأهدافهم المميزة وتحليلاتهم اللافتة، وكثير منهم لا ينقصهم سوى قليل من المعرفة الأسلوبية والتدريب اليومي بالإضافة الى الطلاع المستمر. ومع أن بيئات تعلم كتابة المقالة موجودة في كليات وأقسام الإعلام في الجامعات وغيرها من الجهات الأكاديمية والتدريبية الا أنني أرى أن مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر والفيس بوك الانستغرام وغيرها تصلح أيضا لهذا النوع من تلقي المعرفة والتدرب على ممارستها. ومن هنا فكرنا بإطلاق حساب متخصص لتعلم فن كتابة المقالة على شكل وسم #كيف_تكتب_مقالة. وقد أسعدني انتشار هذا الموقع الذي أطلقناه على تويتر منذ أيام قليلة فقط مما يعكس الرغبة لدى الكثيرين في التعلم المنهجي السريع لهذا الفن الكتابي، وهو ما ضاعف حماستنا للعمل على تقديم دروس في كيفية كتابة المقالات الصحفية بأنواعها. بالاضافة الى نيتنا في تقديم دروس في الصحافة الإلكترونية والفرق بينها وبين الصحافة الورقية، مع الاستعانة بكتاب كبار مشهورين في كتابة المقالات بفروعها المختلفة كالمقالة السياسية والمقالة الرياضية والمقالة الاقتصادية والافتتاحيات والزوايا اليومية ومقالات الصفحات الأخيرة ليقدم كل منهم خلاصة تجربته من خلال تغريدات سريعة في الحساب بشكل دوري. ونحن لا نتوقع أن كل من يتابعنا في هذا الحساب ويود تعلم اساسيات كتابة المقالة ينوي أن يصبح كاتبا صحفيا محترفا، فلكل متابع أسبابه وأهدافه، أما أهدافنا فهي تدريب من يود ذلك على كتابة مقالة بطريقة صحيحة حتى وإن لم يكون موهوبا، فكتابة المقالات في جانبها الأكبر عمل مهني يمكن التدرب عليه وإجادته، من دون أن نغفل جانب الموهبة الذي يتجلى في اللمسة التي تميز كل كاتب عن اخر، ولهذا علاقة بالموهبة وهي مما لا نستطيع أن نعد بتوفيره للمتابعين!