لا حديث يعلو حالياً فوق حديث "الاستثمار الزراعي الخارجي" لدى العاملين في القطاع الزراعي، وذلك عقب إطلاق وزير الزراعة الموقع الإلكتروني لمبادرة الملك عبدالله، مما يعني تدشينها بشكل رسمي، فهناك الكثيرون يتحدثون عن المخاطر التي سيواجهها المستثمرون، وعلى النقيض من ذلك هناك من يرى أن الفرصة متاحة للمستثمرين السعوديين في مواقع آمنة، فلا بد من استغلالها. ووفق التقارير الدولية فقد واجه العالم في منتصف عام 2007م نقصا ملحوظا في عرض السلع الغذائية الأساسية، مما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار، وحرصاً من المملكة في المساهمة مع بعض دول العالم لإيجاد حل لهذه المشكلة جاءت هذه المبادرة، والتي تهدف إلى العمل على توفير مخزون استراتيجي آمن من السلع الأساسية مثل (الأرز، القمح، والشعير، الذرة، فول الصويا، الثروة الحيوانية والسمكية، السكر، الحبوب الزيتية والأعلاف الخضراء)، بما يحقق الأمن الغذائي والمائي للمملكة، ويحول دون نشوء أزمات غذائية مستقبلية، بالإضافة إلى الحفاظ على استقرار أسعار المواد الغذائية بصفة مستدامة، والاستفادة من وسائل الإنتاج المتاحة داخل المملكة في إطار المبادرة. د. عبدالله العبيد وقال الخبير الزراعي الدكتور عبدالله العبيد وكيل وزارة الزراعة سابقا إنه لا شك أن من أهم الأسباب عدم اكتمال الإجراءات المطلوبة لهذه المبادرة حيث لم يتم إطلاق التسهيلات الائتمانية اللازمة إلا قبل فترة قصيرة وللأسف لم تفعّل حتى الآن مع إنني أرى أن التسهيلات الائتمانية التي تم إعلانها غير كافية وغير جاذبة ولا تتوافق مع طبيعة الاستثمار الزراعي وكثرة المخاطر التي تواجهه حيث إنه يختلف عن أي نوع من أنواع الاستثمارات الأخرى، بالإضافة إلى عدم وضوح آلية استلام المحاصيل عند وصولها للمملكة، كما أن الإدارة الحالية هذه المبادرة ينقصها الكفاءات اللازمة المتخصصة التي تشرف عليها وتتابعها. المملكة استشعرت ضرورة أزمة الغذاء مبكراً وأطلقت مبادرة الاستثمار الزراعي في الخارج وعن المخاطر المتوقعة أوضح العبيد أن أي استثمار مهما كان نوعه يواجهه العديد من الأخطار ولا بد أن تكون فرضية وجود مثل هذه المخاطر مأخوذة في الحسبان، وفيما يتعلق بالأخطار والمخاطر التي قد تواجه المستثمرين السعوديين في الخارج فإن أهمها احتمالية عدم الاستقرار الأمني والسياسي في بعض الدول المستضيفة خاصة إذا كانت هذه الدول من الدول النامية والأقل نمواً بالإضافة إلى ضعف استخدام التكنولوجيا، وكذلك ضعف أو انعدام خدمات البنية الأساسية من طرق وموانئ ووسائل اتصال وطاقة كهربائية وغيرها، ومن المخاطر الهامة أن الاستثمار الزراعي سيكون في سلع رئيسية قد تكون الدول المستضيفة للاستثمار في أمس الحاجة اليها خاصة في حالة الكوارث والأزمات مما قد يمنع خروجها للخارج، كذلك عدم وضوح الأنظمة والإجراءات وضعف الشفافية والالتزام بالاتفاقيات، وأخيراً عدم توفر عناصر الإنتاج الحديثة من أسمدة كيماوية وبذور محسنة وميكنة والإدارة الجيدة وغيرها. الدول المستضيفة للاستثمار يجب أن تتمتع بالاستقرار الأمني والسياسي وأضاف العبيد "أرى أن هذه المبادرة مهمة جداً حيث ستساهم مستقبلاً في تأمين احتياجات المملكة من السلع الغذائية الرئيسية خاصة وأن المملكة تعتمد بشكل كبير على تأمين احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية على الإنتاج الخارجي عن طريق الاستيراد، كما أن الطاقة الإنتاجية للقطاع الزراعي في المملكة محدودة نظراً لمحدودية الموارد اللازمة، وتتضح أهمية مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج عندما ندرك أن هذه المبادرة أطلقت قبل عدة سنوات على الإجراءات التي اتخذتها المملكة لمعالجة ارتفاع الأسعار وفق قرار مجلس الوزراء رقم (125) وتاريخ 29/4/1429ه ونظراً إلى استمرار ظاهرة ارتفاع الأسعار وتقلباتها للسلع الغذائية الرئيسية فإن ذلك يبرر أهمية تفعيل هذه المبادرة لتكون أحد الروافد الرئيسية لتأمين احتياجات المملكة من السلع الغذائية الرئيسية، من جانب آخر الاستثمار الزراعي الخارجي أسلوب تنتهجه كثير من الدول لتأمين احتياجاتها من السلع الغذائية الرئيسية وهو يتوافق أساساً مع رغبات وطموحات الدول المستضيفة لهذا الاستثمار والتي تنقصها بعض المقومات اللازمة مثل التمويل والتقنية والإدارة الجيدة لاستغلال إمكاناتها الموردية التقليدية اللازمة للاستثمار الزراعي من أجل تحقيق نموها الاقتصادي، ومن جهة أخرى يرى أن جذب الاستثمارات الأجنبية أصبح من الأهداف الرئيسية للانتعاش الاقتصادي في كثير من الدول، وكذلك لاستغلال وفرة الموارد التقليدية خاصة المياه والأراضي والعمالة الرخيصة ومن هنا يتضح أن الخيارات الموجودة أمام المستثمرين كثيرة ومتنوعة إلاّ أن أنسب هذه الفرص هو ما كان في مناطق ذات موارد وفيرة خاصة المياه والأراضي والعمالة وذات استقرار أمني وسياسي مستمر هذا بالإضافة إلى وجود أنظمة وإجراءات واضحة وشفافة ولا شك أن اتفاقية التعاون الزراعي التي وافق عليها مجلس الوزراء بقرار رقم (6) وتاريخ 18/1/1431ه عند توقيعها مع الدول المستضيفة للاستثمار ستكون من أهم الضمانات التي ستساعد المستثمرين على اختيار الدول المستهدفة بالاستثمار وتجعلها أكثر اطمئناناً على استثماراتهم. ونصح العبيد المستثمر السعودي بالانطلاق للاستثمار بعد وضوح الرؤية في اختيار المناطق المناسبة والتركيز على المحاصيل المطلوبة وأن يكون الاستثمار الزراعي كبيراً للاستفادة من اقتصاديات الحجم والتأكد من توقيع الدولة المستضيفة للاستثمار اتفاقية التعاون الزراعي مع المملكة، وأن لا تتم هذه الاستثمارات إلا بعد دراسات الجدوى الاقتصادية اللازمة من مكاتب استشارية متخصصة، كما إنني أرى أهمية وجود شريك محلي لتذليل الكثير من العقبات على أن تكون عقود الشراكة واضحة وموثقة من الجهات الرسمية في البلد المستضيف، ولدي قناعة بأن الاستثمار في المنتجات الغذائية يعتبر من أهم وأنجح الاستثمارات، نظراً لزيادة الطلب المستمر على هذه المنتجات رقم ارتفاع أسعارها. سمير قباني وهنا يقول الخبير في الشؤون الزراعية سمير بن علي قباني رئيس اللجنتين الزراعيتين بمجلس الغرف، وغرفة الرياض سابقا وعضو العديد من الجهات الزراعية أن الاستثمار الزراعي الدولي لتوفير المواد الغذائية والمحاصيل المختلفة لا يعد ممارسة مستجدة أو "بدعة" مستحدثة لدينا فهي تتم منذ عقود طويلة من الزمن سواء من قبل مستثمرين أفراد أو شركات دولية عابرة للقارات، أو مؤسسات وهيئات حكومية حول العالم. وأضاف قباني "لقد وقفت على هذه الأنواع المتعددة في عدد من دول العالم منها شركات بريطانية وأخرى برازيلية وصينية وكورية وغيرها، بل توجه مستثمرون من أمريكا مؤخرا بزيارة استراليا بهدف استئجار طويل الأجل أو تملك أراض للاستثمار الزراعي للبيع محليا والتصدير لعدة دول وذلك عقب مواجهة عراقيل نظامية في كل من البرازيل وكندا". الشركات اليابانية العملاقة مثل "سوموتومو" توجهت خلال السنوات الماضية للتوسع في استثماراتها الدولية في مجال الأمن الغذائي وخاصة الحبوب في استراليا وأصبحت منافسا دوليا في تصدير الحبوب خاصة القمح. ومؤخرا قامت شركة "سانجنتا" مقرها سويسرا عملاق منتجات التقاوي ووقاية المحاصيل بالإعلان عن قرارها باستثمار 500 مليون دولار في مجال الأمن الغذائي وإنتاج المحاصيل في أفريقيا، ويعتبر العديد من التجار والمستثمرين السعوديين من السباقين في الاستثمار الزراعي في الخارج لتوفير عدد من المنتجات التي يتم تصديرها للمملكة منذ عقود وذلك عن طريق عقود طويلة الأجل أو تأجير مساحات زراعية في تلك الدول أو شرائها لضمان توفير واستدامة الإنتاج والتصدير. وفي منطقة الخليج العربي برزت عدة شركات حكومية على الساحة الدولية وتنوعت استثماراتها حول العالم من أهمها القطرية "حصاد" التي على سبيل المثال بلغ ما تم استحوذ عليه فرعها في استراليا 225 ألف هكتار وبصدد إنتاج 165 ألف طن حبوباً ومائة ألف رأس ماشية حيث تهدف حصاد القطرية لتكون لاعب رئيس في توفير الأمن الغذائي للخليج العربي من خلال تنوع استثماراتها الدولية، إضافة إلى التوسع في الخزن الإستراتيجي للمحاصيل والمواد الغذائية، وهناك أيضا شركة "جنان" الإماراتية، فالاستثمار في المجالات المتعددة للأمن الغذائي بهدف التصدير أو البيع في الأسواق الحلية والمجاوره والعالمية يعتبر من الاستثمارات المستقبلية الواعدة حيث إن توفير المنتجات الزراعية وضمان انسيابها بات تحديا مع زيادة سكان العالم وكذلك زيادة من لا يجدون حاجتهم من الغذاء تقدر أرقامها المنظمات الدولية بمليار نسمة. ويواصل حديثه "مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي والغذائي في الخارج ستساهم في دعم هذا التوجه للمملكة بعمل مؤسسي يدعم المستثمر والشركات الجادة ضمن الضوابط والشروط التي تم إعلان صندوق التنمية الزراعية عنها مؤخرا وفي نفس الوقت ستقوم من خلال ذراعها التنفيذي شركة "سالك" بالاستثمار الخارجي ودعمه من خلال أكثر من اسلوب وممارسات تجارية مرنة ومتنوعة تهدف للربحية وإعطاء عائداً على الاستثمار. وذكر قباني أنه من المهم أن يأخذ التوجه نحو الاستثمار في مجال الأمن الغذائي والزراعي في الخارج عدة اعتبارات ليعظم المنفعة ويقلل من المخاطر من أهمها مراعاة معايير"الاستثمار الزراعي الدولي المسؤول" والتي تم وضعها بتنسيق وتوافق عدة هيئات ومنظمات دولية ذات العلاقة منها البنك الدولي ومنظمة الغذاء والزراعة "الفاو" والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وغطت كل ما يتعلق بالسياسات المختلفة والآثار الاقتصادية والاجتماعية والموارد الطبيعية والآثار البيئية وغيرها. ومن هذه الاعتبارات أيضا أن يكون بطبيعة الحال الاستثمار مبنيا على دراسات الجدوى الاقتصادية في الأساس كما بشروط التمويل المعتادة وأن العائد على الاستثمار مجد في البلد المضيف تحسبا لأي ظرف طارئ ولم يتم التصدير، فيكون البيع في السوق المحلي للدولة المضيفة للاستثمار مربح، وهذا ما هو معمول به فعلا في الاستثمارات الزراعية السعودية الخاصة، وأن لا ينحصر استثمارنا الغذائي والزراعي والدولي في شراء وتأجير واستصلاح الأراضي بشكل مباشر وإنما بحسب الأفضلية والأقل مخاطرة في كل دولة. ففي البرازيل على سبيل المثال الفرصة المتاحة هو تأسيس شركات مشتركة للتعاقد مع مشاريع زراعية لتوفير محاصيل بالمواصفات المطلوبة فلا تسمح القوانين بالشراء المباشر للأراضي وليس أفضل وأكثر خبرة على أية حال من المزارع البرازيلي والجمعيات الزراعية في إنتاج المحاصيل المطلوبة على أرضها، كما أن الفرص متاحة والعروض متوفرة للمشاركة مع شركات عملاقة دولية تعمل عبر القارات في مجال الزراعة والغذاء وتوفير المحاصيل وإمكانية المساهمة في شراء وتملك حصص في الشركات المماثلة الرئيسة المورده للمحاصيل، ولعل أحد أهم الركائز والتوصيات التي تكررت في أكثر من دراسة متخصصة حول موضوع الأمن الغذائي والاستثمار الزراعي والغذائي في الخارج، ألا وهي السعي بجدية نحو بناء الخزن الاستراتيجي للسلع الغذائية والمحاصيل، وهنا أنوه بما تقوم به المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق من التوسع في مشاريع الخزن الإستراتيجي للقمح بهدف الوصول لمخزون يمتد لعام كامل. ولذلك لا بد أن نتحول من مرحلة التوصيات لمرحلة التنفيذ للخزن الاستراتيجي الغذائي وهو ما يبدأ بتأسيس كيان يأخذ على عاتقه هذه المسؤولية والتنسيق والتنظيم مع كل الجهات ذات ذات العلاقة. عبدالله الدبيخي وفي زاوية أخرى لا بد من الوقوف على تلك الشركة التي سيكون لها دور رئيسي في ذلك الاستثمار، حيث يقول مديرها العام المهندس عبدالله الدبيخي تأسست الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني(سالك) في عام 2009م كشركة مساهمة سعودية برأسمال ثلاثة مليارات ريال مملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، وبدأت أعمالها في الربع الثاني من عام 2012م، وتعمل في مجال الاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني في جميع أنحاء العالم، حيث تركز على الدول ذات الميزات النسبية في المجال الزراعي وخصوصا تلك التي تتمتع بفائض كبير في المنتجات الزراعية. وزاد في حديثه "وقد عملت سالك منذ تأسيسها على وضع رؤيتها ورسالتها واستراتيجيتها الاستثمارية بحيث ترتكز على هدف أساسي يتمثل في المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، أو كما جاء في نظامها الأساسي المساهمة بأكبر قدر ممكن في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة"، مؤكدا أن الشركة وضعت في رؤيتها أن تكون شركة استثمارية رائدة في الاستثمارات الشاملة في قطاعي الزراعة والمنتجات الحيوانية والصناعات المتعلقة بهما وشريك فاعل بتلك القطاعات، أما رسالتها فهي بناء وتنمية أعمال ذات قيمة مضافة للمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي بمعايير متميزة يحتذى بها، وتعتبر رؤية سالك ورسالتها الموجه الرئيس في توجيه استراتيجية الشركة وقرارتها الاستثمارية والتجارية. وأضاف "وترتكز رؤية ورسالة الشركة على محورين أساسين هما دعم قدرة سالك للمساهمة في خدمة مشروع الأمن الغذائي من خلال الاستثمار في سلع استراتيجية محددة في المجالين الزراعي والحيواني تشمل القمح والشعير والذرة والصويا والأرز والسكر والزيوت النباتية والأعلاف واللحوم الحمراء، مع تحقيق عائدات استثمارية وتدفقات نقدية تسهم في نمو عائدات الشركة وتوسع مشروعاتها، وتشمل استراتيجية الشركة ربط تلك المنتجات بالدول المتميزة بها، كما وتم تحديد ضوابط اختيار الشركاء المحليين والعالميين". وتنظر سالك وفق الدبيخي للمستقبل بخطط عملية متفائلة تتضمن مشاركة القطاع الخاص المحلي من ذوي القيمة المضافة البارزة، مع تقوية الشركة وتفعيل قدرتها على خدمة مشروعها الأساس، وهو المساهمة في الأمن الغذائي من خلال استثماراتها في مشاريع استراتيجية عالمية في مجالها، كما تسعى سالك لزيادة حقوق مساهميها من خلال تطوير شراكات استثمارية ناجحة عالميا، ومن خطط الشركة إدخال تحسينات فنية واسعة في القطاع الزراعي لرفع الكفاءة وزيادة الإنتاج في القطاع الزراعي مع توزيع وحسن استغلال الموارد الزراعية لتوفير المواد الغذائية بجودة وسعر مقبول. د. سعد خليل وبدوره قال الدكتور سعد خليل مدير مكتب مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي الخارجي إن المملكة أدركت أنه لا يمكن توفير احتياجاتها الغذائية الأساسية من الإنتاج الزراعي المحلي نتيجة لشح المياه فبعد أن اتخذت الدولة قرارا اقتصاديا استراتيجيا بتوقف شراء القمح من الإنتاج المحلي تدريجياً والتوقف نهائياَ في نهاية عام 2016م، وأن يكون البديل الاستيراد من السوق العالمي والاستفادة من عضوية المملكة في منظمة التجارة العالمية، وما ينطبق على القمح ينطبق على الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه، وكان لأزمة ارتفاع أسعار الغذاء في عام 2007-2008م وما صاحب ذلك من عدم استقرار في الأسعار نظرا لعدم استقرار المعروض من السلع الغذائية الأساسية في السوق العالمي وهذا يعطي مؤشراً بأن الأمن الغذائي قد يتعرض لأزمات مستقبلية بعدم توفر السلع في السوق العالمي حتى لو توفرت السيولة للشراء، فمبادرة الملك عبدالله تهدف إلى المساهمة في الأمن الغذائي الوطني من خلال تشجيع القطاع الخاص بالاستثمار الزراعي في الخارج. ويذكر بأنه ليس هناك دول محددة دون أخرى فإن أي دولة تتوفر فيها الموارد الطبيعية والفرص الاستثمارية ومقومات الاستثمار الزراعي وتوفر الرغبة لدى الطرفين في التعاون في مجال الاستثمار فإنه يمكن إضافة الدولة لقائمة الدول المستهدفة بالاستثمار، وحتى الآن تحققت هذه المقومات في 31 دولة على مستوى قارات العالم الخمس. وأشار إلى أن السلع الأساسية التي تسهم في الأمن الغذائي والتي يحتاج إنتاجها لكميات كبيرة من المياه أو أن ظروف المملكة غير مناسبة لإنتاجها لذا تعد سلعاً مستهدفة للاستثمار الزراعي في الخارج في إطار المبادرة ومنها القمح والأرز والسكر والذرة والشعير واللحوم الحمراء والأسماك والأعلاف الحيوانية. وأكد أن القطاع الخاص السعودي لديه فوائض مالية ولديه خبرة كبيرة في مجال الاستثمار الزراعي بشقيه النباتي والحيواني ويستخدم تقنية حديثة في الإنتاج والتصنيع، هذه الإمكانات تكملها الدولة بالتعاون مع الدول المستهدفة بالاستثمار لتسهيل مهمة المستثمرين وحماية استثماراتهم من خلال توقيع اتفاقيات إطارية واتفاقيات عدم الازدواج الضريبي واتفاقيات حماية للاستثمارات السعودية في الخارج، أضف إلى ذلك أن الذراع التمويلي للمبادرة(صندوق التنمية الزراعية) يقوم بإقراض المستثمرين السعوديين سواء شركات أو أفرادا وفق ضوابط وشروط لتقليل عنصر المخاطرة وضمان تسديد القروض خلال مدة تصل إلى 12 سنة من بدء الاستثمار، وأخيرا أسست الدولة الذراع الاستثماري للمبادرة (الشركة السعودية للاستثمار الزراعي في الخارج) "سالك" لتسهم في دعم المستثمرين من خلال الدخول في شراكات مع المستثمرين السعوديين شركات وأفرادا في مشاريع استثمارية كبيرة تسهم في توفير السلع الغذائية الأساسية وتوريد جزء منها للسوق السعودي. عبدالله البصير إلى ذلك قال ل"الرياض" عبدالله البصير المهتم بالقضايا الزراعية إنه قبل عدة سنوات كنت مع وفد زار دولة كازاخستان التي تتوفر فيها كل مقومات الاستثمار الناجح من الأراضي الشاسعة البكر المروية من الأمطار والأنهار وكذلك المراعي الخضراء طوال عشرة أشهر من السنة وعدد السكان قليل لا يتجاوز الخمسة عشر مليون نسمة ولمسنا الرغبة الأكيدة منها بفتح الأبواب للمستثمرين وعرضوا علينا شراء الأرض أو تأجيرها بأسعار زهيدة مع توفر البنية التحتية من كهرباء وبترول وكذلك التقنية والخبرة الروسية التي بقيت بعد رحيل الروس عنهم، فمثلا سعر الخروف النعيمي هناك لا يتجاوز الثلاث مئة ريال. وأضاف "استغربت كثيرا من عدم تواجد السعوديين في هذا البلد الواعد خاصة أنه بلد مسلم يحتاج لنا توعوياً ودينياً واقتصادياً واعتقد أن الاستثمار بها سيكون مفيدًا لتوفر الاستقرار السياسي وقلة السكان وتوفر الأراضي الشاسعة والمياه الكثيرة من الأمطار والأنهار والمراعي واليد العاملة المدربة، ولكن هناك فقط مشكلة النقل لأن كازاخستان دولة داخلية فنحتاج للطائرات لنقل المنتجات".