في العراق: الصحافة طائفية، والسياسة طائفية، والسلطة طائفية.. صحيفة المستقبل العراقي نشرت أمس أن السعودية تعد خطة لتهريب النائب أحمد العلواني الذي اعتقلته قوات أمن المالكي، الخبر يذكر أن السعودية استأجرت جنوداً أفارقة لتقوم بعملية اختطاف العلواني، وذاك بعد أن كثفت جهودها الدبلوماسية وبعثت برسائل للأمين العام للأمم المتحدة والسفير الأمريكي في العراق من أجل الضغط على حكومة المالكي لإطلاق سراح العلواني. سبب ذكر هذا الخبر في هذه الزاوية ليس القصد منه الرد على الادعاءات الكاذبة، بل من أجل توضيح حالة الاحتقان الطائفي التي تمسك بكل الآلات والبشر التي تقوم بإنتاج المعلومات والإجراءات والسياسات في العراق، فالسلطة هناك سلطة طائفية وشرعيتها تستمدها من رماد الطائفية ودخانها، ولكي تتوغل أكثر في وحل سياسة الإقصاءات لابد من تقديم كيان كبير وله حضور مؤثر في الإقليم ترمي عليه أكاذيبها، بقصد أن تكون الطائفية بين دولتين وليس بين سلطة وشعبها حتى تتمكن من الهروب للأمام من التزاماتها الوطنية اتجاه شعبها الذي ينتمي لعدة طوائف وليس طائفة واحدة، الحرب الدعائية الموجهة للمملكة ليست جديدة فقد تعرضت المملكة للحرب الدعائية الناصرية والبعثية والخمينية، ولكن الموجع بالحرب الطائفية الموجهة من حكومة المالكي ضد المملكة بأنها تسعى لتجريد أبناء العراق من مطالباته الوطنية والإنسانية وتحويلها إلى إملاءات خارجية لتتمكن من إسقاطها شعبياً، وهذا أمر ينبئ بأن حكومة المالكي مستمرة بحربها الطائفية ضد الشعب العراقي وليس ضد أي طرف خارجي.. فبعد أن أخذت حكومة المالكي الضوء الأخضر من واشنطن لضرب الجماعات الإرهابية في العراق عملت لتوظيف هذه الرخصة الدولية في صراعها مع خصومها السياسيين، فبدأت بتصفية خصومها بالسلاح والاعتقالات.. ونكون بهذا قد دخلنا مرحلة التحالف الطائفي والدولي، من أجل إفراغ ساحات المعارضة العربية من جميع الأصوات التي تنادي بترسيخ القناعات الوطنية ورفع سقفها فوق القناعات الطائفية، ففي سورية يتلقى الأسد دعماً دولياً لاعتبارات نصفها طائفية والنصف الآخر مصالح لا تتحقق إلا بالرفع من شأن الاعتبارات الطائفية، وحكومة المالكي كذلك، وحزب الله في لبنان يتسلح بطائفيته ويفجرها بوجه الوطن من أقصاه إلى أقصاه، فليس العالم العربي وحده الذي تحول إلى تجمعات طائفية يقتل بعضها بعضاً، بل العالم بضخامته وثقله أصبح مسانداً للطائفية ومدافع عنها بالسلاح والقرار، فواشنطن تزود حكومة المالكي بالطيران ليقضي على الإرهاب وخصومه السياسيين غير الطائفيين وكذلك تعمل روسيا. المملكة تواجه اليوم حرباً دعائية بسبب هذا التحالف الجديد بين دعاة الطائفية في المنطقة وبين بعض القوى الدولية العظمى، فالقصد من هذه الحرب أن تشتبك المملكة سياسياً ودعائياً مع دعاة الطائفية، حتى تتحقق بعض المصالح لدعاة الصراع الطائفي في المنطقة، فالأكاذيب والادعاءات التي تنشر وتذاع بين فترة وفترة القصد منها جر المملكة إلى هذا الصراع، فالطائفية عنوان مرحلة وليست إخفاقات سياسية موقتة.