وزارة التربية والتعليم تركة مثقلة بالبيروقراطية، وهيكل إداري عجز عن أن يتطور، ومشروعات تتعطل لأسباب غير معقولة، وعام دراسي هو الأقل في أيامه وشهوره من أي نظام عربي وعالمي، ولأسباب واهية كالأمطار والغبار تعطل المدارس، والمعلم بدأ يفقد تأهيله لعدم وجود تدريب على أحدث الأساليب، وسبب آخر جعله لا يقدم قدراته لأن راتبه لا يوازي جهده، وضعف التربية الاجتماعية في المنزل والشارع وداخل المدرسة جعله عرضة للإهانة والاعتداء، وصارت مجمل هذه السلبيات تنعكس على أداء الطالب لأن البيئة العامة في المبنى المستأجر أو المملوك للدولة وضعت مواصفاته وتطبيقاته دون مراعاة للهدف من هذه المنشأة، وكيف تتناسب والجو العام النفسي لهيئة التدريس والطالب معاً، وهذا لا يقتصر على التعليم العام للبنين وإنما شمل تعليم البنات عندما استُنسخت الأنظمة السيئة ونقلت إليه.. الأمير خالد الفيصل كان الخيار الأهم لهذه المهمة الصعبة والتركة المثقلة بكل شيء لأنه سيصل إلى جهاز لابد من إعادة بنائه من الصفر، وسيواجه نقصاً في الكوادر القائمة التي لم تعد قادرة على التطوير والاستجابة لتحديات المراحل القادمة، ولا ننسى أن عملية التطوير التي رصدت لها ميزانية تعادل ميزانية وزارة مماثلة لعدة سنوات، شاهدناها مبنى وشكلاً بلا موضوع، والكلام هنا ينبني على الإنجاز وحده الذي أصبح عليلاً متباطئاً مثل ما جرى ويجري في الجهاز المركزي وتعقيداته.. لا نحتاج إلى التأكيد على دور التربية وأسسها وعطائها على مجمل التنمية البشرية التي هي البديل الموضوعي لأي تطور اجتماعي وتقني في رفع مستوى الوعي والثقافة، وجميع الأنشطة التي تبنى عليها عملية النهوض الشامل.. القضية ليست في نقص الكفاءات، وإنما بتوظيفها وانتقائها بصورة دقيقة بحيث يكون الموظف للوظيفة، لا العكس، ولا يوجد شح مالي أو تراكم ديون حين تتصاعد ميزانيات الوزارة كل عام بما يوفر كل شيء بدءاً من المنشآت الكبيرة، إلى تأمين احتياجات الطالب والمدرسة، ولعل إحداث تغيير شامل في هذه البنى المتعطلة إدارياً وفنياً يحتاج إلى رسم استراتيجية كاملة للتعليم العام.. الأمير خالد نجح في كل المواقع التي أدارها لأنه يملك حسّاً إدارياً وعقلاً منفتحاً وقراراً شجاعاً يأخذ بمبدأ التطوير، وهذه التجربة والتأهيل والقدرة على الأداء هي شروط تتوفر فيه عن جدارة، والوزارة الأم، إن صح التعبير، تحتاج إلى مشارطه وعملياته الجراحية لأنها تحولت إلى حالة صعبة من الترهل المتوارث، وقطعاً نعرف أن جهوده قد لا تكون نتائجها سريعة، لأنه يحتاج إلى دراسة التفاصيل لكل المعوقات، وإعادة هيكلةٍ وبناء أسس أخرى بديلة، وبقدر ما استبشرنا به نرجو له التوفيق في مسار صعب، ولكننا نتفق أنه رجل هذه المهمات، وقد تكون قيادة العملية التربوية هي الأهم في مرحلة نحتاجه في زمن تطلعاتنا نحو الأفضل والأقدر.