"في أثر قوافل الضياع تبعت آثار القطيع أمعنتُ في الخطى على آثارها وأرسم العلامة... هنا الشمال ومن هنا اليمين حتى إذا ما شمر الليل عن سواعده تأهباً لنصب خيمة المساء مثبتاً أوتادها وكشر السواد عن كهفٍ عميق!" في ديوان جديد للشاعر سعد الحميدين يحمل عنوان "سين بلا جواب!" عن دار بيسان، مضيفاً بهذا الديوان مشروعة الشعري التاسع في مسيرته الإبداعية منذ بداية إصدار الديوان الأول رسوم على الحائط عام 1976م والذي يُعد من أول الدواوين الحداثية التي طُبعت ووزعت في المملكة ولاقت صدىً واسعاً محلياً وعربياً مما جعل طيفاً واسعاً من النقاد يعتبرونه الانبثاق الإبداعي والتكوين الواعي لجسد القصيدة المتجاوزة للزمن القديم، بجانب دواوين أخرى طُبعت للشاعر في دول عربية متعددة كديوان: وللرماد نهارته، غيوم يابسة، وعلى الماء بصمة، ضحاها الذي، أيورق الندم، وتنتحر النقوش أحياناً، خميةً أنتِ والخيوط أنا، كما صدر لهُ عن دار المدى الأعمال الشعرية تضمنت ستة دواوين إضافة إلى ترجمة بعض دواوينه إلى الإنجليزية. يتركز الشاعر في هذا الديوان على هم السؤال كمحرك أساسي للكتابة وللبحث والتحليل عن كمية الوجع الذاتي الذي يتمركز حوله الشاعر بذات القلق الإبداعي الذي تعودنا عليه من تاريخه الذي بناه على ركام الإنسانية وأوجاعها وطموحاتها التي لم تأخذ وحتى الآن وقتاً كافياً للعيش بأدنى درجات النزاهة والحرية، وزرع مدارات واسعة من ظِلال الأشياء الجميلة لإحلال السلام على روحها القلقة، كما يحاول الشاعر استثمار علامات الاستفهام المصيرية للحصول على كمية أوفر من الحيرة؛ هازاً بذلك تماسك الإنسان العربي الهش من خلال إعادة سلسلة الأحداث في أزمنتها الماضية والحاضرة والمستقبلية إلى ذاكرة الجيل الحالي خصوصاً والجيل العربي عموماً. إن الشاعر في هذا الديوان يسعى بجرعات وافرة من الإصرار أن يعيد صناعة الذات الإنسانية بطريقة أكثر جرأة تعتمد على إبراز حقيقة المخاوف التي يعيش بداخلها الإنسان، والأوهام التي كان يظن بأنها وجه الحقيقة الجميل، معيداً بذلك تكريس الطموح النيتشوي في أن ينقد الإنسان ذاته ليس هدماً لمشروعه الحياتي وإنما ارتقاءً به بشكلٍ يمكنه من مواجهة مخاوفه وإدراك ماهية الصراع الوجداني الذي يهرب منه لقرون ويتحاشاه ويقتله بدون سبب وجيه! تكون هذا الإصدار من عشر قصائد مطولة أتت في عناوين متحدة مع بناء القصيدة الخاص، وفي نفس الوقت مستقلة في رؤيتها العامة والواسعة من خلال صناعة دلالات جديدة تساعد المتلقي على فهم الكامن من الأشياء ووضع الغامض على طاولة الوضوح. كما وتجدر الإشارة أن عناوين هذا الإصدار التاسع أتت وفق التسلسل التالي: "ربيع الرماد، أنفاس، لا شيء مثل الشيء، كلمات تمشي، رسمة على صفحة الوقت، زمن العجب، تجويف"، كما وقد أتت قصائده في قرابة الثمانين صفحة من الحجم المتوسط. الغلاف