أشاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرة أخرى بالمؤسسة العسكرية الجزائرية وبجهودها في التصدي للهجمة الإرهابية، مؤكدا أن استفتاء 29 سبتمبر المقبل سيكون الفرصة المواتية ليمنحها الشعب حصانة نهائية باسمه، وسيرفض كل الأصوات الخارجية مثلما رفضها من قبل لا سيما التي تجرم مؤسسات الجزائر الدستورية في إشارة إلى الاتهامات الموجهة إلى العسكر بالتورط في المجازر ضد المواطنين الأبرياء. و لا يزال المستقبل السياسي للجبهة الإسلامية المحظورة يكتنفه الغموض،و لم يفصل فيه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة القاضي الأول في البلاد نهائيا، وقد كان هذا انطباع كل من استمع إلى الخطاب الذي ألقاه، أول أمس، في ولاية سكيكدة (410 كلم شرق العاصمة)، بمناسبة ذكرى مؤتمر الصومام 20 أوت 1955. ففي الوقت الذي جدد فيه بوتفليقة تأكيده على أن كل من تسبب في المأساة الجزائرية وفي العبث وأوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم، لا مجال له للعودة إلى ممارسة السياسة نهائيا، لكنه خاطب الإنقاذيين بالقول إن كل من احتمى بقوانين الجمهورية واحترم الدستور فهو امن.. ومن بغى وحاول التحايل فلا تماثله الدولة، مما دفع المراقبين والمتتبعين للتريث وعدم التسرع في إصدار حكم نهائي حول مصير الجبهة الإسلامية ، لكن محللين آخرين رأوا أن كلام بوتفليقة دعوة صريحة لقادة الجبهة الإسلامية للفصل بين الدين والسياسة والعودة مجددا تحت غطاء سياسي اخر وفق ما ينص عليه الدستور في هذا المجال. ويتساءل أكثر من مراقب في ما إذا كان الحظر القانوني على الحزب سيشمل كل رموز الجبهة، حيث ذهب بوتفليقة إلى إعادة تأكيد ما تطرق إليه في خطاب 14 أغسطس الأخير، خاصة عندما قال لقد استخلصنا ما يكفي من الدروس حتى لا نقع مجددا في التهلكة جراء العبث في الدين لأغراض سياسية، مشيرا إلى أن الإسلام قد ميز بين ما هو سياسي أي ما له علاقة بالحكم وبين ما هو ديني أي ما له علاقة برفاهية الإنسان من خلال عبوديته لله، وهو ما يعني حسب المراقبين دعوة صريحة من رئيس الجمهورية إلى تكريس اللائكية وفصل الدين عن الدولة. ولقطع الطريق على من تلاعبوا بالإسلام لتحقيق أغراض سلطوية، دعا بوتفليقة الجزائريين للإقبال بقوة على صناديق الاقتراع، لان نسبة المشاركة في الاستفتاء والمزكية له طبعا تمنع عناصر الجبهة الإسلامية للإنقاذ من العودة إلى العمل السياسي و منعهم من اقتراف شرورهم من جديد على حد تعبير الخطاب. أما بالنسبة لقادة الإنقاذ الذين لم يدعوا إلى العنف وحمل السلاح، أعلن بوتفليقة في خطابه،أول أمس، أن كل من احتمى بقوانين الجمهورية فهو امن، مما يعطي الانطباع بان المشروع القادم الذي سيلي ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بإمكانه رفع هذا الحظر بما تسمح التوازنات الوطنية.