انخفض معدل التضخم السنوي في المملكة من 3,2% في سبتمبر الماضي إلى 3% في أكتوبر 2013، وأظهرت بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات استمرار انحسار الضغوط التضخمية في مجموعة الأغذية والمشروبات الأكثر تأثيراً على معدل التضخم العام في السوق المحلية، حيث انخفض معدل تضخم الأغذية والمشروبات من 6,9% في يوليو 2013م إلى 5,2% في أكتوبر 2013، كذلك انخفض معدل التضخم السنوي لمجموعة السكن وتوابعه من 4,2% إلى 3,5% خلال نفس الفترة. كما أظهر تقرير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات للأرقام القياسية لتكاليف المعيشة، بداية ظهور حركة تصحيحية في السوق العقارية، حيث انخفض معدل تضخم تكاليف الإيجار من 5% في يوليو 2013م إلى 3,5% في أكتوبر 2013م. ومن المتوقع أن تستمر معدلات تضخم تكاليف الإيجار بالانخفاض التدريجي لاسيما مع قرب إعلان وزارة الإسكان عن آلية توزيع 500 ألف وحدة سكنية أمر بها خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – في 18 مارس 2011، ووجه – حفظه الله – في 27 ديسمبر 2011 بتحويل مبلغ 250 ملياراً من فائض ميزانية العام المالي 2011 إلى حساب في مؤسسة النقد لتوزيع الخمسمائة ألف وحدة سكنية على المواطنين حسب الاستحقاق. من جانب آخر، انخفض معدل التضخم السنوي لأسعار الجملة في السوق السعودية من 1,6% في يوليو 2013م إلى 1,1% في أكتوبر 2013م. وهذا مؤشر يعزز الاستقرار في السوق المحلية. ولا يزال الوقت مبكراً لتحديد أثر الحملة التصحيحية التي تقوم بها وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارة العمل على معدلات التضخم في المملكة، حيث يتوقع أن ترتفع أسعار بعض الخدمات نتيجة تخفيض العمالة الوافدة وارتفاع المستوى العام للأجور. لكن في المقابل، سيترتب على تخفيض العمالة الوافدة بأكثر من مليوني عامل انخفاض الطلب الكلي لاسيما على السكن والأغذية والمشروبات. ويبدو من التقارير الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن تأثير انخفاض الطلب الكلي على الأسعار سيكون أقوى من تأثير ارتفاع أسعار بعض الخدمات. مما يرجح استمرار انحسار الضغوط التضخمية في السوق المحلية السعودية. وسبق لمؤسسة النقد العربي السعودي أن توقعت في تقرير التضخم للربع الثالث من عام 2013م أن يواصل معدل التضخم العام في المملكة انخفاضه إلى ما دون 3% خلال الربع الرابع من عام 2013م لاسيما مع انخفاض الضغوط التضخمية في مجموعة الأغذية والمشروبات، واستمرار انخفاض أسعار السلع الأساسية في الأسواق العالمية. حيث توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض مؤشر أسعار السلع الأساسية بنسبة 1.5% في عام 2013م مقارنة بالعام السابق له. وأكدت مؤسسة النقد في تقريرها عن التضخم على أنه بالرغم من أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن تشهد الأطعمة في الأسواق العالمية ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.6% في عام 2013م، إلا أن توقعاته تشير إلى انخفاض أسعارها بنسبة كبيرة تبلغ 6.4% في عام 2014م، وأن الأطعمة والمشروبات ستسجل معدلات تضخم سالبة (انكماش) حتى نهاية عام 2017م. كما أشار تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي إلى أن توقعات صندوق النقد الدولي تظهر انخفاض متوسط معدل التضخم في أهم 15 دولة مصدرة إلى المملكة من 3.1% في عام 2012م إلى 2.7% في عام 2013. واستمرار تحسن أوضاع السوق المحلية السعودية خلال عام 2014م يعني أن معدلات التضخم في المملكة ستكون في المستويات الطبيعية بين 2 إلى 3%، وهذا يساعد على تحقيق الأهداف العاملة للتنمية. والسياسة المالية والنقدية في المملكة لا تستهدف التضخم، وإنما تستهدف تحقيق النمو في ظل استقرار المستوى العام للأسعار. وقد تأثرت خطط التنمية سلباً خلال الخمس سنوات الماضية بما يعرف ب"التضخم الركودي"، أي ارتفاع معدلات التضخم المتزامن مع ارتفاع معدلات البطالة. إلا أن بداية انحسار الضغوط التضخمية واستمرار الحملة التصحيحية في سوق العمل سيساهمان في توفير فرص عمل أكثر للمواطنين في ظل استقرار المستوى العام للأسعار. وهذا سيمكن الحكومة من تحقيق الأهداف الاستراتيجية للتنمية لاسيما مع توقعات صندوق النقد الدولي أن تستمر المالية العامة للدولة في تحقيق فوائض مالية حتى نهاية عام 2018.