تضخم البروستاتا الحميد يشير الى زيادة في عدد خلاياها مع نمو حجمها ويصيب الملايين من الرجال المسنين الذين تجاوزوا 50 سنة من العمر في كل انحاء العالم لاسيما ان العديد من الدراسات الوبائية والتشريحية اظهرت ان حوالي 50٪ من الرجال في سن الخمسين وحوالي60٪ منهم في سن الستين وحوالي 80٪ من الذين تجاوزوا 70 سنة من العمر مطالبون بفرط التنسج وتزايد في حجم تلك الغدة نسيجياً واما بالنسبة الى الاعراض البولية التي تترابط مع تلك الحالة وابرزها تباطوء سرعة البول مع تقطيعه والضغط لافراغ المثانة والتريث لمدة طويلة قبل البدء بالتبول والالحاح والتكرار البولي نهاراً وليلاً وتقاطر البول بعد الانتهاء من التبويل واحياناً السلس البولي واحتباسه وعدم القدرة على تفريغ المثانة كاملاً فقد تظهر عند حوالي 50٪ من هؤلاء الرجال المصابين بالتضخم النسيجي للبروستاتا بعد ان تجاوزوا 50 سنة من العمر ولكنها قد تترافق مع حالات اخرى تصيب الجهاز البولي كضيق في عنق المثانة والاحليل او وجود خلل عصبي في المثانة او لاسباب اخرى الا ان التضخم البروستاتي يعتبر السبب الرئيسي لتلك الاعراض البولية في معظم تلك الحالات اي لدى حوالي 30٪ من الرجال المسنين بعد سن الخمسين وقد يسبب لهم المشاكل الجنسية. ورغم ان هذا التورم البروستاتي حميد الا انه قد يؤثر على جودة الحياة خصوصاً مع حدوث وتكرار التبول نهاراً وليلاً والسلس البولي اللذين ينغصان حياة هؤلاء المرضى ويؤثران على نشاطاتهم اليومية والمهنية والاجتماعية ونادراً ما يسبب لهم المضاعفات الطبية كالفشل الكلوي والالتهابات البولية المتكررة والحصيات في الكلى والجهاز البولي وخصوصاً في المثانة والبيلة الدموية والاحتباس البولي. وتلك الاعراض والانزعاج منها تكون عادة متفاوتة بين الرجال فمنهم من لايتأثر بوجودها ومنهم من تفقدهم جودة الحياة وتتعارض مع اسلوب حياتهم اليومي وقد تسبب لهم الارتباك والقلق. وحسب احصاءات المركز الطبي القومي الامريكي هنالك حوالي 17 مليون رجل في الولاياتالمتحدة يشتكون من تلك الاعراض مع احتمال زيادة تلك النسبة مستقبلياً بسبب تحديد فترة البقاء على قيد الحياة بإذن الله عز وجل لهؤلاء الرجال في السنوات الماضية وزيادة وعيهم بالنسبة الى هذا المرض. وكما اشرنا اليه مراراً في مقالاتنا حول هذا الموضوع التي نشرت في جريدة «الرياض» الغراء فإن المعالجة الدوائية المألوفة لتلك الحالة ترتكز على استعمال نوعين من العقاقير منها من يرخي عضلات البروستاتا لتخفيض الضغط على الاحليل الذي يمر عبرها كالتمسولوسين وألفوزوسين ودوكسازوسين وتيرازوسين التي تحبط الاعصاب الودية من فئة الفا واحد التي تعتبر مسؤولة عن تقلص تلك العضلات فيؤدي ذلك الى تحسين الاعراض البولية والجنسية وتزايد سرعة جريان البول مع اعراض جانبية طفيفة منها هبوط الضغط الدموي عند الوقوف والدوام والتعب الجسدي وتخاذل القذف والاحتقان الانفي ومنها من تثبط تحويل الهرمون الذكري اي التستوستيرون داخل البروستاتا الى هرمون اكثر فعالية وهو ديهدرونستوستيرون بواسطة انزيم خاص يدعى ريد كتاز فئة ألفا خمسة مما يؤدي الى حدوث ضموراً فيها بنسبة حوالي 25٪ مع تحسين الاعراض البولية بعد استعماله لمدة 3 الى 6 اشهر وزيادة سرعة جريان البول مع مضاعفات جانبية خفيفة أهمها العجز الجنسي وفقدان الرغبة الجنسية وتخاذل القذف في اقل من 10٪ من تلك الحالات وابرز تلك العقاقير فينستيرايد (بروسكار) وديونستيرايد (افودرت) التي لاتخفض شدة الاعراض البولية وحسب بل تمنع الاحتباس البولي والحاجة الى اللجوء الى الجراحة في المستقبل في اكثر من 50٪ من تلك الحالات على المدى الطويل خصوصاً اذا ما استعملت مع مثبطات الفا واحد للجهاز الودي في نفس الوقت ولعدة سنوات. واما اذا ما فشل العلاج الدوائي فيلجأ اخصائيو جراحة المسالك البولية والتناسلية الى استعمال وسائل علاجية مختلفة تشمل التردد اللاسلكي والكي بالمويجات والمعالجة بالحرارة او باستعمال الليزر اوبقطع البروستاتا بالمنظار القطع او استئصالها جراحياً وقد اتضح حديثاً ان الخلايا البروستاتية الحميدة والخلايا السرطانية الناقصة التأكسج تعتمد على تحلل السكر لانتاج الطاقة مما ادى الى فتح آفاق جديدة في معالجة تضخم البروستاتا الحميد تعتمد على تثبيط تحلل السكر بواسطة استعمال عقار جديد يدعى «لونيدامين» الذي لايزال في المرحلة التجريبية والذي يحبط مفعول انزيم «هيزوكيناز» الفعال في عملية تحلل السكر اللاحيوائي مما يقطع عن البروستاتا طاقتها ويسبب ضمورها الشديد ويمنع نموها بسبب تخاذل استقلابها ووضع حد لتكاثر خلاياها. وقد اظهرت الاختبارات الاولية على هذا العقار الجديد شملت 60 مريضاً توبعوا لمدة 6 اشهر تحسناً ملحوظاً في الاعراض البولية وزيادة سرعة جريان البول وضمور البروستاتا بنسبة حوالي 15٪ مع انخفاض معدل «ب أس أي» في الدم مما يعادل نجاحه مع نتائج العلاج الدوائي الذي ذكرناه سابقاً وذلك لوقت أسرع ومضاعفات جانبية قليلة وطفيفة وخصوصاً ان هذا العقار لايحتاج تناوله يومياً بل يمكن استعماله بطريقة متقطعة وربما مرة كل شهر او كل سنة لمنع نمو البروستاتا مجدداً.. ونحن اذ نترقب نتائج الاختبارات العالمية الاضافية حوله الا اننا نأمل خيراً انه سوف يفتح صفحة جديدة ومبتكرة في معالجة تضخم البروستاتا الحميد وازالة الاعراض البولية المزعجة والمنغصة لحياة الملايين من الرجال المصابين به ليستعيدوا ان شاء الله متعة حياتهم وبهجتها وطاقتهم الجنسية المفقودة وقذفهم الطبيعي إن شاء الله.