بعيداً عن تخمة الميول التي تجعل بعض الهلاليين إعلاميين وجماهير يغصون بأي كلمة ناقدة تجاه المدرب سامي الجابر، وتصم آذانهم من سماع أي قول حاد فيه مهما كان واقعياً، فإن الحقيقة التي لا مفر منها تكشف بأن الهلال يعيش حالياً وضعاً فنياً مرتبكاً، وحتى لا أقول إنه يعيش أزمة، فإن يخسر الهلال مباراتين وهو لم ينه بعد الدور الأول من الدوري، وأن تأتي الخسارتان من الرائد البعيد عن لعبة المنافسة، ومن النصر الذي يسابقه فيها فمعنى ذلك أن ثمة بوادر أزمة تلوح في الأفق "الأزرق". كثيرون من أنصار "الزعيم" حاولوا تبرير الخسارة من الرائد بغير تبرير لأجل عيون أسطورتهم، وأكثر منهم انحنوا لعاصفة الهزيمة الصفراء مكرهين على ذلك لا أبطالاً، فالغريم هنا الجار اللدود الذي وجد أنصاره الفوز مضاعفاً بإسقاط الهلال بقيادة سامي بكل ما يعنيه هذان الاسمان من حمولة ثقيلة على قلوبهم، وهو أمر لم يعرف أبداً عن الهلاليين الذين كان شعارهم التاريخي الكيان أولاً والبقية تفاصيل. هذا التصرف الخارج عن النسق الهلالي يؤكد على حجم الورطة التي يعيشها الهلاليون، ليس الأنصار بمختلف شرائحهم وحسب، بل أعظم منهم - في ظني - صناع القرار، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة الحقيقة، وليس خافياً على الوسط الرياضي ردود الأفعال المتناقضة بينهم منذ أن طُرِح اسم سامي كخيار تدريبي، وما خلفته من تداعيات ألقت بظلالها على البيت الهلالي، وبذلك يكون الهلال أمام مأزقين، مأزق المشكلة، ومأزق الاعتراف بها. هنا لا أقول إن سامي خيار جيد أو غير جيد، وإنما أقول تحديداً إن على الهلاليين أن يعترفوا أنهم أمام مشكلة تحتاج إلى حل، وفي مأزق يحتم عليهم التفكير وليس التبرير للخروج منه كما كانوا يفعلون في كل مرة، فواقع فريقهم يؤشر بأنه مهدد بخسارة الدوري للعام الثالث على التوالي، وأن حظوظه في دوري أبطال آسيا لن تكون أفضل من السنوات العشر العجاف في هذا الاستحقاق القاري الكبير، وهما البطولتان الكبيرتان اللتان لا يرى عنهما الهلاليون بديلاً. لقد حضر سامي للهلال مدرباً ليكون حلاً لسلسلة العقد التدريبية التي ضيقت على النادي الكبير العبور للبطولات الكبرى في العامين الماضيين وأظهرته خلالهما مرتبكاً عاجزاً بسبب مدربين من أمثال توماس دول، وهاشيك، وكومبواريه، وزلاتكو، ولم يأتِ ليكون عقدة أكبر منهم، لكن الواقع الراهن قد يفضي إلى ذلك في ظل التشوهات الفنية الجسيمة في جسم الفريق والتي تتستر خلف الانتصارات التي يحققها المنقذ البرازيلي تياغو نيفيز، وعدم مواجهته سامي بتلك الحقيقة المرّة سواء من إدارة النادي أو أنصاره. أدرك جيداً حجم المأزق الذي يمر فيه الهلاليون وقد أدركت ذلك منذ لحظة إعلان التعاقد معه حينما سألت هنا ماذا لو فشل سامي؟! فكانت الإجابات مرتبكة وفاضحة لما وراء الحقيقة، وأدرك أكثر أن الوضع اليوم أكثر إحراجاً فخسارة ثالثة قريبة قد تقلب الأمور رأساً على عقب، لذلك ينبغي أن يتعاطى الجميع بدءاً بسامي ومروراً بصناع القرار، وانتهاءً بأنصار النادي مع الواقع باحترافية وشفافية تامة، وذلك بالتعاطي مع الأمر كموقف ثابت لا كردة فعل، وهو أن سامي الجابر جاء للهلال كمدرب محترف له ما له، وعليه ما عليه، وليس كمدرب مدلل يخاف عليه من نسمة نقد عابرة أو حتى قرار إقالة عاصف!