المياه الوطنية: خصصنا دليلًا إرشاديًا لتوثيق العدادات في موقعنا الرسمي    ارتفاع أسعار النفط إلى 73.20 دولار للبرميل    وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثقفون سوريون يتذكرون مآثر الراحل الكبير
عرسان: الراحل قدم خدمات جليلة يذكرها له تاريخ المملكة
نشر في الرياض يوم 21 - 08 - 2005

في الأول من آب الجاري فقدت الأمتان العربية والإسلامية رجلا مشهودا له بالحكمة، والوفاء، والدراية، ولا نبالغ حين نقول ان رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز شكل كذلك خسارة فادحة على المستوى العالمي بوصفه قائدا تاريخيا من مستوى نادر، فقد جمع، رحمه الله، في شخصه بين الكرم، والمروءة، والإباء، وتمتع بسجايا طيبة يذكرها له كل من عرفه أو قرأ عنه أو سمع به، وهو أفنى عمره في الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وسخر جهوده من أجل الارتقاء بمكانة المملكة العربية السعودية التي شهدت في عهده تطورا ملحوظا، وذهبت أشواطاً بعيدة في مجال التطوير والتحديث في ظل حكمه العادل المعتدل، ورؤيته الصائبة، وقراراته الحكيمة.
ومن قيض له زيارة المملكة العربية السعودية وجد بصمات خادم الحرمين الشريفين بادية في المجال الصحي، والديني، والتعليمي، والعمراني، والخدمي، والتربوي، والاقتصادي، والثقافي، والرياضي...وغيرها من المجالات الحيوية، فضلا عن الاهتمام الخاص الذي أولاه للحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولم يكن الفقيد يتوانى عن تقديم كافة أشكال الدعم للعرب والمسلمين في مختلف بقاع الأرض، وبذلك استطاع أن يحتل مكانة مرموقة في قلوب مواطنيه السعوديين وكذلك في قلوب محبي العدالة والحق في شتى أصقاع العالم، ومن هنا ترك رحيله أثرا مؤلما في النفوس، ورغم أن الموت حق على الإنسان لكنه وفي كل مرة يترك جروحا وأسى لاسيما إذا كان هذا الموت قد اختار رجلا لا يختلف اثنان على دوره البارز في الدفاع عن القضايا العادلة كالملك الراحل فهد بن عبد العزيز، رحمه الله.
لم تكن سوريا ببعيدة عن هذا الحدث الجلل، والمصاب الأليم، بل أن ما أصاب السعوديين من ألم وحزن أصاب كذلك أشقاءهم في سوريا الذين رأوا في رحيل خادم الحرمين الشريفين خسارة كبيرة، ذلك ان السوريين، وبحكم العلاقات الطويلة والوطيدة التي ربطت بين بلدهم والمملكة العربية السعودية، يدركون تماما قيمة هذا الرجل، ودوره المتميز في بناء المملكة، ويذكرون كذلك مواقف خادم الحرمين الشريفين الاستراتيجية في المصائب التي تعرضت لها الأمة العربية خلال العقود المنصرمة، ويعلمون ان الراحل لم يدخر جهدا في سبيل لم شمل الأمتين العربية والإسلامية، وإعلاء كلمة الله، بل أن الراحل سجل مواقف شجاعة في المحافل والمناسبات الدولية لتصحيح صورة العرب وتصحيح صورة الإسلام والمسلمين، ودعم بلا حدود جميع الجهود المبذولة في هذا الاتجاه، وليس في القول مبالغة إذ نشير إلى أن الرياض، إبان عهد الملك الراحل، كانت العاصمة التي يعتد بها ويؤخذ رأيها دائما في الحسبان، ونسأل الله أن تبقى كذلك.
ولأن للأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية تقاليد راسخة وطيبة في مجال الحكم، فإن مقولة «خير خلف لخير سلف» تنطبق تماما على المشهد الحضاري الذي أعقب وفاة خادم الحرمين الشريفين إذ آل الحكم، وبشكل هادئ وسلس وحضاري، إلى صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي ورث الأمانة عن الراحل، إذ بايعه السعوديون خادما للحرمين الشريفين وملكا للمملكة ليقين السعوديين، فضلا عن قناعتهم التامة بالدستور الملكي، بان الملك الجديد ينتمي إلى السلالة الطيبة نفسها التي عملت بإخلاص في سبيل منح المملكة هيبة وثقلا لا يمكن تجاهلهما، ناهيك عن القناعة الراسخة لديهم بان الملفات العالقة التي تواجهها المملكة العربية السعودية سيكون الملك عبد الله خير من يتصدى لها.
حول رحيل الملك فهد رحمه الله، وحول العلاقات الثقافية التي ربطت بين المملكة وسوريا، استطلعت (الرياض) آراء بعض المثقفين السوريين الذي عبروا عن حزنهم البالغ لفقدان هذا الرجل، متوجهين إلى الله بالدعاء أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وان يدخله فسيح جنانه، مرددين بخشوع {إنا لله، وإنا إليه راجعون}.
عرسان: تقاليد طيبة في مجال الحكم
علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا يعرب عن حزنه البالغ لفقدان شخصية قيادية بارزة مثل الملك فهد، ويقول: «رحم الله خادم الحرمين الشريفين وأحسن إليه» مضيفا «رغم ان وفاة الملك فهد لم تكن مفاجأة نظرا للأوضاع الصحية غير المستقرة التي عانى منها في السنوات الأخيرة غير أن نبأ الرحيل ترك صدى مريرا وقاسيا»، مشيرا إلى ان «فقدان رجل مثل الملك فهد بن عبد العزيز يؤثر تأثيرا كبيرا وواسعا لما تمتع به الفقيد من مكانة سامية في قلوب السعوديين أولا، وكذلك لدى الشعوب العربية والإسلامية» مؤكدا ان خادم الحرمين الشريفين «قد قدم خدمات جليلة وكثيرة يذكرها له تاريخ المملكة العربية السعودية، وتاريخ البلدان العربية والإسلامية التي ساهم فيها الفقيد بمساهمات طيبة سواء كان ذلك عبر تقديم المساعدات المادية أو الدعم والمساندة المعنوية أو الرؤية والمشورة السياسية»، منوها بشكل خاص بالخدمات التي قدمها الراحل للحرمين الشريفين، وكل هذه الخدمات تسجل له رحمه الله.
وحول سلاسة انتقال السلطة في المملكة العربية السعودية يقول عرسان بان «للمملكة تقاليد طيبة في هذا المجال، فالأسرة الحاكمة متماسكة وتحترم الدستور الملكي، والقوانين التي تتحكم بمفاصل الدولة»، لافتا إلى أن صاحب السمو الملكي وولي العهد السابق الأمير عبد الله، الذي نتمنى له التوفيق في مهامه الجديدة، «كان يمارس دورا سياسيا بارزا في السنوات الأخيرة بسبب مرض الملك الراحل»، معتبرا ان «هذا الانتقال السلس والهادئ للسلطة في البلاد يؤكد على احترام للتقاليد الملكية من قبل الأسرة الحاكمة ومن قبل السعوديين جميعا من ناحية، ويشير من ناحية أخرى إلى موقف الأسرة المتماسك، فضلا عن ان هذا الانتقال كان بمثابة رسالة سياسية واضحة للداخل والخارج مفاده: «لا يفكرن أحد باللعب على هذا الوتر، وتر الخلافات الداخلية» لان هذه الأسرة تستطيع، ببعد نظرها، ان تتجاوز جميع العقبات.
ولفت عرسان الانتباه إلى أن الإقبال الكثيف من السعوديين سواء للتعزية أو المبايعة «لهو دليل ساطع على الوفاق، وعلى أن الاستقرار من الأولويات، وهو اعتراف من قبلهم بشرعية هذا الحكم»، لافتا إلى ان المعارضات القليلة التي تظهر هنا وهناك هي أمر طبيعي، فقديما قال الماوردي: «إن نصف الناس أعداء لمن ولي الحكم وهذا إن عدل»، غير ان الحال في المملكة العربية السعودية ان ثمة أعداد قليلة جدا لا تذكر، وما هذه المبايعة إلا تأكيد على التفاف السعوديين حول الأسرة المالكة، وتأكيد على ثبات وحكمة هذه الأسرة في المملكة العربية السعودية.
ورداً على سؤال حول طبيعة العلاقات الثقافية التي كانت قائمة بين المملكة وسوريا يقول عرسان «شهدت العلاقات تحسنا ملحوظا، فقد كانت هناك نشاطات ثقافية متبادلة، وقد أقيمت في سوريا أنشطة متعددة للثقافة السعودية تمت خلالها لقاءات مع الجامعيين والشعراء والكتاب والنقاد والباحثين السعوديين» منوها بان «المركز الثقافي والتربوي في المملكة اشرف على نشاطات ثقافية عديدة في سوريا، وكان هناك تعاونا بين الوزارات المختصة والجهات المعنية في البلدين، وشعرت ان هناك تحركا باتجاه تفعيل الأداء الثقافي الذي كان بسيطا في عهود سابقة»، وأعرب عرسان عن أمله في استمرار هذه العلاقات الثقافية الوطيدة في عهد الملك عبدالله بن عبد العزيز، ذلك أن الكثير من المثقفين السعوديين الذين حققوا إنجازات ثقافية وعلمية هامة ليس معروفا بالشكل الكافي، لافتا إلى ان «مهرجان الجنادرية للثقافة والتراث يشكل نقطة التقاء هامة ويتيح المجال للتعارف وتبادل الآراء والخبرات»، ويؤكد عرسان، من واقع تجربته ومتابعته للثقافة السعودية، بأنه وجد ان المملكة العربية السعودية تملك طاقات أدبية جيدة ومتميزة، «واعتقد ان المثقف السعودي يستحق لان يعرف بشكل اكبر وثمة منافذ كثيرة لتحقيق هذا الغرض، فالثقافة السعودية ثقافة متميزة وقد بلغت مرحلة متقدمة في العقود الأخيرة ومرد ذلك هو قناعة الملك الراحل بدور الثقافة وأهميتها».
وردا على سؤال حول حضور الأدباء السعوديين في اتحاد الكتاب العرب قال عرسان بأنه حضور ضئيل، «ونحن نطمح إلى تفعيل دورهم، وقد كتبنا إلى الجهات المعنية في المملكة لإبلاغها بضرورة تأسيس رابطة أو اتحاد أو أي شكل من أشكال التنظيم ليحتل السعوديون مكانهم في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب كأعضاء فاعلين»، مشيرا إلى ان لدى المملكة مجموعة من الأندية الثقافية المتميزة، وثمة مجلس لهذه الأندية، ولم يبق سوى أن يتم تنظيمها، ووضع لائحة، وإجراء انتخابات لأننا بدون هذه الانتخابات التي تعتبر الوسيلة الشرعية لا نستطيع ان نسوغ قبول الأعضاء في الاتحاد العام، وقد لقينا استجابة كريمة من قبل الأدباء والمسؤولين السعوديين، وهناك خطوات قطعت على هذا الطريق، فقد بدأ اتصالنا مع الأستاذ عبدالله الشهيل عندما كان مسؤولا، ومع المسؤولين في الرئاسة العامة لرعاية الشباب وبعض الشخصيات المعنية الأخرى، وبُلِّغ لي ان هناك توجها إيجابيا وحثيثا لاتخاذ الصيغة المناسبة لتكوين اتحاد مصغر في المملكة، ومن ثم الانتماء إلى الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب.
وليد المشوِّح: كان دأبه أن ينشئ حضارة في صحراء
الأديب والناقد السوري وليد المشوِّح يعرب، بدوره، عن تأثره العميق لرحيل خادم الحرمين الشريفين ويقول بنبرة حزينة «رحم الله الراحل الجليل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز واسكنه فسيح جنانه، وبهذه المناسبة أتقدم إلى كل الأشقاء في المملكة العربية السعودية بأحر التعازي برحيل هذا الرجل الرائد، وكذلك أعزي الأمتين العربية والإسلامية».
ويضيف المشوِّح «أنا بلغت الستين وأستطيع القول بأنني تابعت جانبا واسعا من مسيرة هذا الرجل لأنني عملت في الصحافة أولا، ومن ثم في الأدب والنقد، وقد عرفت الراحل منذ بدايات عمله السياسي والإداري، فوجدته رجلا متفانيا في خدمة قضايا شعبه وأمته، ومخلصا في عمله، وقد أرسى، عندما كان وزيرا للتربية، أسسا أخلاقية نبيلة، واستمر هذا الإخلاص والتفاني عندما كان وليا للعهد، فقد كان رجلا مؤمنا بقضايا أمته العربية، مؤمنا بقيمها الإسلامية كاملة، ثم اصبح ملكا، ليتابع مسيرة العطاء التي كنت متابعا لها، فقد كان دأبه أن ينشئ حضارة في صحراء، فالمملكة العربية السعودية تحولت في عهده إلى بلد حضاري متميز، وبصمات الملك الراحل، ومن سبقه من أفراد الأسرة الحاكمة، واضحة على العمران والبنيان، والمنجزات التي لا تحصى».
ويضيف المشوِّح: «راقبته، كذلك، في اللحظات التي كبت بها الأمة العربية، وقد كان رجلا حاديا يبشر بالخير والتفاؤل، وبان الأمة قادرة على النهوض من جديد، وكان الراحل من الذين اسهموا في قيام الأمة بعد كل كبوة، وكان من الداعين إلى التحلي بالأمل وتجاوز المحن، وكان رجلا حكيما، فحين كان العرب يبالغون في الخلاف كان هو الشخص الذي يرأب الصدع، ويحل الخلاف».
وحول الخدمات التي قدمها الراحل للثقافة في المملكة يقول المشوِّح: «أرى ان جيلا جديدا من الشباب قد ظهر في المملكة العربية السعودية، جيل أدبي متميز استطاع أن يرفع عاليا اسم المملكة على الصعيد الثقافي حتى صار للأدب السعودي مكانة هامة على خارطة الأدب العربي، بل انتقل بعض الأدب السعودي إلى العالمية، إذ ترجمت روايات وأشعار ونصوص لكثير من الأدباء السعوديين، وقد عني الراحل بالأدب وكان يكرم الأدباء. كان الملك الراحل أبا رؤوما رحيما وكنت أرى له مواقف اجتماعية نبيلة، كان يجبر عثرات الكرام في بلده، وكذلك يفعل في الوطن العربي إن على المستوى الصحي أو التعليمي أو الديني فجزاه الله خيرا. هذا الرجل ينتمي إلى قائمة الرجال الذين رأت فيهم الأمة اسما بارقا سيظل في ذاكرة وأذهان الأجيال التي عاصرته، والأجيال اللاحقة، ولابد لكل من عرف الراحل أن يقول: كان هذا الرجل من الصالحين..من الأتقياء..من الأقوياء..من الحضاريين».
وعن العلاقات الثقافية بين المملكة وسوريا إبان عهد الملك الراحل يقول المشوِّح بان «العلاقات بين البلدين كانت قائمة منذ زمن بعيد، فالعلاقة بين المملكة وسوريا تضرب جذورها في العمق لكنها توثقت في عهد الملك الراحل رحمه الله، ونحن نتعامل مع الأدباء السعوديين، لدى مشاركتهم في أي نشاط في سوريا، وكأنهم في بلدهم، وهذه ليست مجاملة بل هم كذلك بالتأكيد».
ويضيف المشوِّح «عندما انفتحت المملكة في مجال وسائل الاتصالات، وفي التقنيات الجديدة، وفي نشاط النشر، وفي قيام النوادي الثقافية في كل مدينة في السعودية خرجت الحركة الثقافية من قمقمها، ونشطت الفعاليات الثقافية لتقيم تواصلا مع أدباء الوطن العربي، فانتقل الأديب السعودي من المحلية في بلده إلى أديب عربي شمولي، فنحن الآن نتداول الأدب السعودي بكثافة، وأنا اعتقد بان هذا فضل من الله تعالى أولا ثم من الملك الراحل الذي كان متفهما لأهمية دور الثقافة في بناء المجتمعات، وهذا الفهم دفعه إلى تبني الثقافة السعودية، وبالتالي شجع على تفعيل هذا الدور، وكانت هناك وفود مستمرة متبادلة كما في مهرجان ربيع الشام الأخير وكذلك مهرجان الجنادرية الذي حرص المثقفون السوريون على حضوره والذي أسس في عهد الملك الراحل، وهو يعتبر من الأنشطة الثقافية الكبرى التي تشهدها المنطقة العربية».
ويضيف المشوِّح حول تقييمه للواقع الثقافي في المملكة فيقول «أنا اكثر اطلاعا على الأدب السعودي المعاصر، ففي مجال الشعر النبطي فهو أصيل في المملكة ونحن نضرب به الأمثال، ثم تطور الأدب السعودي في مجال الشعر والرواية والقصة القصيرة حتى بلغ مراحل متقدمة، وأستطيع ان اعدد عشرات الأسماء اثبتوا جدارة وتميزا من السريحي إلى سعد الحميدين إلى ابن عقيل إلى كثيرين من هؤلاء الذين صارت أسماؤهم متداولة في مشرق العالم العربي ومغربه»، وأشار المشوِّح إلى نقطة اعتبرها هامة وتتمثل في ما يعرف بالأدب النسوي السعودي، فالفتاة السعودية بدأت تأخذ مكانها في المشهد الأدبي السعودي أولا وفي المشهد الأدبي العربي ثانيا وكذلك العالمي مثل ليلى الجهني وهيام المفلح...وأصبحنا نعرف أدبا سعوديا بعيدا عن الكلاسيكية المغرقة في المحافظة، بل هناك أدب حديث حقيقي يواكب العصر، ولا شك لولا القيادة السياسية الحكيمة المتمثلة بالملك الراحل المؤمن بدور الثقافة لما ظهرت هذه النهضة الثقافية، ولبقيت الثقافة في المملكة معزولة ومحلية ومغلقة، لكن هذا الاستشراف المستقبلي، وهذه النظرة الثاقبة، وهذا الإيمان الراسخ بدور الثقافة من قبل الملك الراحل مهد لكل هذه الإنجازات الثقافية، وشكل المفتاح الأهم لتقدم الأدب السعودي وانتشاره على الساحة العربية».
د. ناديا خوست:ستبقى ذكراه حية في القلوب والضمائر
الروائية والباحثة السورية د.ناديا خوست تقول بأنها تلقت نبأ رحيل خادم الحرمين الشريفين بأسى شديد، فهو زعيم عربي وإسلامي كبير، واحتل مكانة متميزة بين معاصريه من الزعماء، واستطاع، رحمه الله، بمواقفه الشجاعة، وآرائه الصائبة، وخدماته الجليلة، ونواياه الطيبة، ومساعيه الحميدة أن يتبوأ مركزا جديرا بالتقدير، ومن هنا نستطيع ان نقول ان غياب هذا الرجل قد ترك فراغا كبيرا، لكن ذكراه ستبقى حية في القلوب والضمائر.
وتشيد خوست بالعلاقات الثقافية المتميزة التي ربطت بين المملكة وسوريا، مشيرة إلى متانة هذه العلاقات التي تمتد إلى زمن بعيد، فهذه العلاقات هو امتداد لتلك العلاقة التي برزت بعد استقلال سوريا في عام 1946 م وفي عهد رئيس الجمهورية العربية السورية شكري القوتلي الذي كان صديقا للمملكة، وتضيف: أرى ان ما حدث بعد ذلك كان استمرار وتوطيد لتك العلاقة التقليدية بين المملكة وسوريا، هذه العلاقة كانت أخوية دائما على المستوى السياسي فسلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى في العام 1925، مثلا، قد لجأ إلى المملكة العربية السعودية عندما كان مطاردا من قبل الفرنسيين، وقد كتب ذلك في مذكراته، ومعروف أن زعماء سوريين آخرين لجؤوا إلى المملكة في ذلك الوقت.
وهي تعرب عن أسفها بان العلاقات الثقافية رغم أنها قائمة منذ زمن بعيد لكنها لا ترتقي إلى المستوى السياسي، فبعد إنشاء منظمة اتحاد الكتاب العرب أصبحت هناك إمكانية واسعة لبناء علاقات ثقافية بين روابط وشخصيات سورية وسعودية، ويجب ان نشكر اتحاد الكتاب العرب الذي استطاع ان يجمع هذا التنوع الرائع بين المثقفين العرب، فعن طريق ذلك يمكن فهم بعضنا. يجب ألا يكون التفاهم على المستوى السياسي فحسب، بل علينا كأدباء ومثقفين أن نوطد العلاقات الثقافية، فالثقافة تعبر عن واقع شعوبنا وبلداننا بشكل أعمق، والآن ثمة إمكانية لتقوية وتعميق هذه الروابط لان المملكة العربية السعودية شهدت في عهد الملك الراحل نهضة أدبية وثقافية متميزة، ونحن نقرأ، الآن، عن روائيات سعوديات متميزات وعن شعراء سعوديين متميزين وكل هذا حصل نتيجة سياسة الملك الراحل الحكيمة الذي اهتم بأهل الفكر والثقافة، وقدم لهم الدعم والمساندة على مختلف الصعد، وهذا الواقع الثقافي الراقي في المملكة يفتح الآفاق للمزيد من التعاون في المجال الثقافي، فالثقافة تضم قضايا أوسع من السياسة. الثقافة هي واسعة باتساع الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.