يعد مشروع جمع المخلفات الورقية والبلاستيكية والمعدنية والذي تقوم عليه لجنة «أصدقاء البيئة الخضراء» التابعة لمركز جمعية البر الخيرية في شعبة المبرز والذي بدأ بفكرة بسيطة قبل نحو عشر سنوات يعد فكرة رائدة ورائعة في الوقت ذاته، فهو يهدف من جانب إلى المحافظة على البيئة كهدف استراتيجي فرفع شعار «أحساؤنا بيئة تستحق منا العناية»، ومن جانب آخر فالمشروع سعى إلى الاستفادة من العائد المادي الذي يعود عليهم جراء جمع تلك المخلفات لدعم ميزانية الجمعية ويسهم في إيجاد فرص عمل لبعض الشباب من أبناء الأسر المستفيدة والتي كانوا يعتمدون كلياً في معيشتهم على الجمعية ! فراح المشروع يتطور عاماً بعد عام حتى أصبح مشروعاً خيرياً ضخماً غدا اليوم محط أنظار كثير من المعجبين به! وما أثار إعجابنا وإعجاب الكثير معنا هم أولئك الشباب الذين رفضوا البطالة ورفضوا معها العطف وانتظار المساعدة من الآخرين وأصرّوا على أن يأكلوا من كد أيديهم ضمن هذا المشروع الحيوي. وللوقوف على هذا المشروع ومعرفة أهدافه والمراحل التي مر بها والإنجازات التي حققها وخططه الاستراتيجية المستقبلية التقت «الرياض» الدكتور أحمد بن عبد الله العبيد المشرف العام على المشروع الذي حدثنا تفصيلاً عن هذا المشروع، لنلتقي بعدها بأولئك الشباب ولنسلط الضوء على طبيعة عملهم.. أهداف المشروع تحدث الدكتور أحمد في مستهل حديثه عن الأهداف من البدء في هذا المشروع الخيري البيئي اختزلها في عدد من الأهداف وهي: العمل على رفع الوعي البيئي الصحي بين فئات المجتمع، والاهتمام بالبيئة والحث على تغيير السلوك والعادات الخاطئة للأفراد والمؤسسات الصناعية التي تضر بالبيئة، والتقليل من النفايات التي تنتج من استعمالاتنا المنزلية والمدنية والصناعية، وعمل أبحاث تخدم المجتمع والبيئة، وتعزيز العلاقة بين الجمعية وقطاعات المجتمع المختلفة خدمة البيئة، والمساهمة في الحملة الوطنية في حماية البيئة من التلوث، وتحويل المادة المهملة إلى ثروة تفيد المجتمع . أقسام المشروع وقال الدكتور أحمد أن المشروع ينقسم إلى ستة برامج هي: برنامج إعادة استخدام الصناديق الكرتونية، برنامج إعادة استخدام الأوراق، برنامج إعادة استخدام البلاستيك، برنامج إعادة استخدام الزجاج، برنامج إعادة استخدام الأقمشة(الملابس)، برنامج إعادة استخدام إطارات السيارات . ونظراً لضخامة هذه البرامج والإمكانيات المادية التي يحتاجها فإننا سنقوم بتنفيذها على مراحل وفقاً للإمكانات المتاحة لنا ففي المرحلة الأولى سنقوم بتنفيذ برامج رقم (1 - 2 - 3) وسنعمل جاهدين لتنفيذ البرامج الأخرى بعد فترة زمنية قصيرة إن شاء الله بعد أن نتمكن من توفير ما يحتاجه البرنامج من الناحية التوعوية والمادية وسوف نقوم باستهداف الفئات، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن مشروع خدمة البيئة في مركز شعبة المبرز في لجنة (أصدقاء البيئة الخضراء) يعمل من خلال برنامجين هما: أولاً: برنامج التوعية البيئية ثانياً : برنامج الاستفادة من النفايات الصلبة القابلة للتدوير المشروع والإنجازات المادية وعن الجوانب المادية التي تم تحقيقها من التجربة فقد أشار الدكتور أحمد الى أن الدخل الإجمالي الذي تم جمعه من بداية المشروع حتى العام الحالي هو 446,181 ألف ريال، وتمكنوا بفضل الله من القفز في أول عام 150٪، وألفت النظر إلى أن المبلغ الذي تم جمعه في أول سنة كان 32 ألف ريال في حين أنه في عام 2004 م بلغ 177 ألف ريال. وأضاف الدكتور العبيد: قمنا بتوظيف عدد من أبناء الأسر المستفيدة والتي كانوا يعتمدون كلياً في معيشتهم على الجمعية وبهذا حققنا أمرين :أولاً: إعطاء دافع معنوي بالاعتماد على النفس للأسرة المستفيدة التي تم توظيف ابنها ثانياً: تخفيف العبء المادي عن الجمعية، وإيجاد مصدر دخل مادي جديد للجمعية . عملية التدوير والحفاظ على البيئة لعملية التدوير فوائد اجتماعية واقتصادية وبيئية ومن منطلق هذه الفوائد حددنا أهداف مشروعنا والتي هي عبارة عن العمل على المحافظة على البيئة من منطلقات ديني واجتماعي واقتصادي ورفع الحس البيئي بين أفراد المجتمع ومؤسساته للممارسات البيئية السليمة والمحافظة على المصادر الطبيعية، ومن بين تلك الجهود جمع المخلفات المدرسية وهي حملة سنوية من ضمن نشاطات المشروع فكما تعلمون بأن طلبة وطالبات المدارس يشكلون شريحة كبيرة من عدد السكان يستهلكون في كل عام أطنان من القرطاسية ترمى في القمامة في نهاية كل عام، لذا فإننا حريصون للاستفادة من هذه الفرصة لإيصال مفهوم حماية البيئة إلى عقول أبنائنا وبناتنا!. الوافدون ومزاحمة المواطن.. دوماً وحول وجود بعض العوائق التي تواجه مشروعهم أكد الدكتور أحمد بوجودها مضيفاً : هناك عائق مهم جداً لا نستطيع التغلب عليه عن طريق الجهات المختصة وهو وجود عمالة وافدة تعمل على جمع المواد الورقية والكرتونية وبصورة علنية تعمل لحسابها وبشكل يومي دون حسيب أو رقيب، وإنني هنا أناشد الجهات المختصة لإيجاد حل لهذه المشكلة التي باتت آخذة في الانتشار وأنا متأكد من حرص المسئولين في الأحساء للقضاء على هذه الظاهرة المزعجة!! المشروع بحد ذاته مشروع منتج يمكنه أن يدير نفسه وذو ربحية، لكنه بحاجة ماسة إلى تأسيس عن طريق توفير الاحتياجات الضرورية لتشغيله وهذا أمر طبيعي لأي مشروع، أما عن ما يحتاجه المشروع على سبيل المثال لا الحصر (جهاز كبس وربط مخلفات الورق والكرتون، جهاز كبس البلاستيك، سيارة لجمع المخلفات، رافعة هيدروليكية، صيانة للمستودع، زيادة عدد الحاويات الحديدية).. وأننا نغتنم هذه الفرصة لنفتح الباب أمام مؤسساتنا الأهلية للمساهمة في هذا المشروع بما يرونه مناسباً ووفق إمكاناتهم . برنامج التوعية البيئية إن التجاوب الكبير الذي وجدناه من قبل أفراد طبقات المجتمع عامة في المراحل الأولى للمشروع مشجع للمضي قدما في الطريق، فقد علمتنا هذه التجربة بأن مجتمعنا مجتمع واع يتقبل ويتفهم النصح لكنه يحتاج الى شيء من الإرشاد والتوجيه لإنارة طريقه ولهذا فإن الخطوة الأولى الأساسية لتحقيق إنجازات اعظم واشمل وأوسع في مجال التقليل من النفايات والاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية من اجل بيئة صحية لنا ولأبنائنا وللأجيال القادمة، هو القيام ب «التوعية البيئية» المبنية على أسس دينية علميه بأسلوب مقنع، حيث يهدف هذا البرنامج الى نشر الوعي البيئي بين أفراد طبقات المجتمع عامة. سواعد وطنية والاعتماد على الذات بعد ما ذكره لنا الدكتور احمد عن هذا المشروع الحيوي والرائد، بقي لنا أن نلتقي بالشباب الذي يقوم بجمع تلك الكراتين والورق وقبل ذلك على تنظيف بيئته والبالغ عددهم 6 موظفين هيّأ لهم هذا المشروع مصدر رزق لهم ولأسرهم، فالتقينا الشاب جابر بوحلج (خريج ثانوية صناعية) يعمل منذ 3 سنوات بمرتب 1800 ريال، أشار إلى أن عملهم موزع على ثلاث فترات بمجموع 8 ساعات عمل لكل فترة يتوجهون خلالها إلى الصناديق الموضوعة لهذا الغرض بالقرب من المجمعات الكبيرة ، من جانبه أبدى علي العويشي انزعاجه من مزاحمة الوافدين لهم خلال أدائهم لعملهم حيث أكد أنهم يواجهون مزاحمة فعلية من الوافدين الذين أخذ عددهم في التزايد يوماً بعد آخر دون متابعة أو منع من أحد، ودعا المسئولين الى متابعتهم ومنعهم من ممارسة هذا العمل. أما أحمد الغراش فأبدى سعادته بما يقوم به من تنظيف للبيئة ولكونه يأكل من عرق جبينه، وأكد أنه لا يشعر خلال ممارسته لمهنته بأي حرج من أصدقائه أو أقاربه قائلاً : باب رزقي لا أخجل منه ! عبدالمحسن الشريدة ضم صوته إلى زملائه مفتخراً بعمله، ولم يختلف علي القطيفي وعلي الخلاص عن زملائهما في شعورهما بالفخر والاعتزاز بالعمل الشريف الذي لا مهانة فيه مؤكدين أنه أفضل لهما من جلوسهما هكذا بلا عمل والانتظار من الآخرين في العطف عليهم!!