أكثر من أي وقت مضى، يبدو السعوديون اليوم مهيئين لأن يقوموا بأعمال كانوا بالأمس يرونها غير مناسبة لتطلعاتهم كمواطنين في بلد نفطي. فقد أدى ضعف المدخولات وندرة فرص العمل في البلاد خلال العقود المنصرمة إلى حالة من التوافق بين المواطنين ورغباتهم، مما جعلهم يعملون في مهن كثيرة لم يألفوا العمل بها من قبل. وتبدو تجربة حصر البيع في أسواق الخضار على السعوديين أحد أهم التحولات في مسيرة عمل المواطنين في المهن الحرفية والبسيطة، وعلى الرغم من انتكاسة المشروع تحت وطأة التخاذل في تطبيق النظام، إلا أن صموده لعقد من الزمن برهن للمسوؤلين وللمواطنين على أن أبناءهم مستعدين للعمل في أي مجال يدر عليهم ربحاً وفيراً . وعلى وقع الحملة الأمنية التي تنفذها الحكومة حالياً لتعقب المخالفين ومخالفي نظام الإقامة في البلاد، يتوقع مواطنون أن تترك مغادرة مقيمين والقبض على آخرين مساحات في سوق العمل الحر، يمكن للمواطنين أن يستعيدوها إذا ما أرادوا ذلك، وإذا ما عملت الأنظمة على حمايتهم من خلال تطبيق نظام السعودة، وكذلك التعقب المستمر لمخالفي نظام الإقامة والعمل.وتوقع د.إبراهيم السليمان نائب رئيس لجنة الموارد البشرية بمجلس الشورى سابقاً أن تساهم حملات تصحيح أوضاع العمالة في البلاد في إيجاد فرص عمل للمواطنين أكثر من ذي قبل. وبين السليمان أن أكثر الوظائف في القطاع الخاص تكمن في قطاع التجزئة، وهو قطاع يسيطر عليه التستر، والعمالة المخالفة على حد تعبيره. وأكد أن التوجه الحكومي المزمع لتحديد ساعات عمل محلات التجزئة سيسهم بدوره في تنامي فرص العمل للمواطنين في هذا القطاع، مشيراً إلى أن أهمية تنظيم قطاع التجزئة، وتقنين أعداد المحلات ذات النشاط الواحد في المربع التجاري الواحد. وشدد على أن حصر أنشطة تجارية بعينها على المواطنين هو أمر وارد في ظل تجارب سابقة أثبتت نجاح مثل هذا التوجه، داعياً الجهات الحكومية إلى دعم المواطنين من ذوي المشاريع الصغيرة، وتذليل الصعوبات البيروقراطية التي قد تعيق نجاحهم.