تستنكر الحكومة الباكستانية باستمرار ضربات الطائرات الاميركية بدون طيار لكن عدداً لا بأس به من سكان المناطق القبلية يؤيد تلك الضربات الا ان الخشية من انتقام طالبان تمنعهم من المجاهرة بذلك علنا. وتتحمل المناطق القبلية الباكستانية غير الخاضعة لسلطة الدولة على طول الحدود الافغانية منذ 2004 عبء ضربات الطائرات الاميركية التي تستهدف مئات منها مسلحين يتشبه بانتمائهم الى تنظيم القاعدة وحركة طالبان. وتستنكر حكومة اسلام اباد تلك الضربات معتبرة انها انتهاك للسيادة وتعود بنتائج عكسية على جهود مكافحة التمرد فيما يندد بها المدافعون عن حقوق الانسان والشعب الباكستاني لانها تقتل المدنيين. وكل من يعبر علنا عن تأييده لضربات تلك الطائرات في المناطق القبلية يواجه خطر تعرضه للخطف والتعذيب والقتل على يد المتشددين، ويتم تصوير عذاباته الاخيرة. ويقول غول والي وزير وهذا ليس اسمه الحقيقي، من جنوب وزيرستان لوكالة فرانس برس "سيحاولون قتل كل من يدعم ضربات الطائرات بدون طيار. سيقولون ان هذا الشخص مؤيد للاميركيين وصديق لليهود". ويضيف "سينحرونه او يطلقون النار عليه، سيصورون اعترافه الكاذب ويقتلونه ويرمون الجثة على الطريق مع قرص دي في دي ورسالة تقول ان كل من يدعم اميركا والطائرات بدون طيار سيلقى نفس المصير". ويؤكد "رأيت العشرات من تلك الجثث". وتقوم وحدة خاصة من المتشددين تعرف باسم اتحاد مجاهدي خراسان باستهداف "الجواسيس الاميركيين" ويتم نشر اقراص فيديو مروعة تصور اللحظات الاخيرة من حياتهم. وفي احد الاشرطة التي شاهدها مراسل فرانس برس، يقر شاب بزرع رقاقة تنصت في سيارة مقابل 200 دولار. وبعد مرور عشر سنوات على البرنامج الذي تديره وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) لم تتعرض اي منطقة من العالم لمثل تلك الضربات اكثر من المناطق القبلية الباكستانية الوعرة والفقيرة. وقبل اسبوعين استهدف احد الصواريخ التي يتم التحكم بها من بعد زعيم طالبان الباكستانية حكيم الله محسود وقتله. ويحظر دخول الصحافيين الاجانب ومجموعات الاغاثة الى المنطقة لذا يصعب تحديد عدد القتلى وهوياتهم بدقة وبشكل مؤكد. ويقول مكتب التحقيقات الصحفية ومقره لندن ان ما بين 2528 و3644 شخصا ربما قتلوا في 378 ضربة صاروخية بطائرات بدون طيار في باكستان بينهم 416 الى 948 مدنيا. ويقول تقرير ل"مؤسسة اميركا الجديدة" في 2010 ان عدداً لا بأس به من السكان - اكثر من واحد بين خمسة - في المناطق القبلية يدعم ضربات تلك الطائرات، كما ان عددا من الخبراء الذين التقتهم فرانس برس تحدثوا عن ميل متزايد لتأييدها. واصبحت المناطق القبلية الخاضعة للادارة الفدرالية معقلا لمئات المتشددين المرتبطين بطالبان والقاعدة الذين فروا من افغانستان لاعادة تجميع انفسهم وشن هجمات عبر الحدود بعد الغزو الاميركي في 2001. ورحب بهم الزعماء القبليون في البدء لكن منذ 2009 اصبحت "الضرائب" التي يفرضها المتشددون ترهقهم كما انعدام الامن الذي يجلبونه اضافة الى شعورهم بالغضب بسبب قتلهم الزعماء القبليين الذين يعارضون وجودهم. وقال سفدار حياة خان دوار الرئيس السابق للاتحاد القبلي للصحافيين من شمال وزيرستان، المنطقة الاكثر تضررا بضربات تلك الطائرات، ان الصواريخ هي الحل المفضل لمشكلة التمرد. وقال في مقابلة في بيشاور ان "الخيار العسكري مكروه لدى السكان لان الجيش لا يقتل المتشددين بل المدنيين. لذا اذا سألت السكان ان يختاروا لاختاروا ضربات الطائرات بدون طيار". وفي 2009 قام الجيش بعملية برية كبيرة لاستعادة السيطرة على جنوب وزيرستان من المتشددين، شارك فيها اكثر من ثلاثين الف جندي. وقالت الاممالمتحدة ان اكثر من مئتي الف شخص اجبروا على مغادرة منازلهم بسبب القتال. وتساءل نظام دوار مدير شبكة تطوير المناطق القبلية "الاشخاص الذي اصبحوا نازحين بسبب العملية العسكرية، الاشخاص الذين وقعوا ضحايا طالبان والمتشددين، كل تلك الاسر التي تعرض عدد من افرادها لقطع رؤوسهم بعد اتهامهم بالتجسس لحساب اميركا لماذا يعارضون ضربات الطائرات بدون طيار؟". وكانت عائلة دوار المقيمة في شمال وزيرستان قد تلقت مؤخراً زيارة من المتشددين بعد حديثه عن دعم تلك الضربات. وبالنسبة لمؤيدي تلك الطائرات فان زعماء القبائل الذين يقدمون المأوى للمتشددين لا يلومون الا انفسهم اذا ما قتلت عائلاتهم في الضربات الاميركية. ويقول ارباب مجيد الرحمن من حزب بختونخوا ملي عوامي "نعتقد ان هذا يعود لاهمالهم. المسؤولية تقع على عاتق الاشخاص الذي يقدمون المأوى لهؤلاء الارهابيين". ويضيف "الشخص غير المتورط في نشاط ارهابي لا يشعر بتهديد الطائرات بدون طيار". وفي اسواق المناطق القبلية يقوم المتشددون بتوزيع منشورات تحث السكان على نبذ "الخونة" في عائلاتهم ويعززون اجواء الشكوك في منطقة تتقاذف بها اساسا نظريات المؤمرات.