(الترافايوليت) شركة تأمين بريطانية من نوع فريد.. فهي متخصصه في التعويض عن مخاطر الظواهر الخارقة وقوى ماوراء الطبيعة.. بمعنى؛ في حالة دخل الجان في جسدك أوتم اختطافك من قبل مركبات فضائية أو اشتعل حريق في بيتك بسبب الأشباح؛ تدفع لك الترافايوليت (ultraviolet) تأمينا مجزيا يتناسب مع حجم الخسائر.. ليس هذا فحسب بل أعلنت الشركة في مطلع هذا العام أنها ستدفع 1,6 مليون دولار لكل من يتحول قسرا إلى مصاص دماء أو ذئب مسعور أو زومبي يأكل لحوم البشر.. وللوهلة الأولى يبدو تخصص الشركة ساذجا أو غبيا؛ ولكن الحقيقة هي أن هذه الشركة (التي يقع مقرها في بريستول) احتكرت سوقا جديدة تماما. فلأن نصف البريطانيين يؤمنون بوجود الأشباح ونصف الأمريكان بنزول الأطباق الطائرة باعت الشركة (في أول عام من افتتاحها) 500 بوليصة ضد هذين الخطرين.. وفي المقابل لم تدفع - خلال نفس الفترة - سوى 158 ألف دولار لامرأة من كاليفورنيا سقطت من الدور الرابع ادعت التحقيقات أنها دفعت بالقوة من قبل شبح خفي كان يطاردها منذ سنوات!!! وكما هو واضح؛ فبركت عقود التأمين هذه اعتمادا على هواجس نفسية مريضة تضم شريحة كبيرة من الناس. ويشهد على ذلك مبادرات تاريخية كثيرة فرض فيها الزبائن هواجسهم الخاصة على شركات التأمين المحترمة؛ فعلى سبيل المثال حين اعتلى الامير براجاديبوك عرش تايلند عام 1925 كان خوفه الأكبر أن يخلع عن العرش ذات يوم ويحرم من أي مورد للرزق. وكي يرتاح من هذا الهاجس ابرم عقود تأمين (ضد البطالة) مع عدة شركات أوروبية - وقد أثبتت الأيام صدق حدس براجاديبوك حين اضطر للتنازل عن العرش عام 1935 فقبض قيمة التأمينات التي أبرما وعاش بقية حياته مرفها في أوروبا.. وفي ستينات القرن العشرين بلغ الهوس بالأطباق الطائرة درجة الاعتقاد بأن الأرض ستتعرض «قريبا» لغزو فضائي خارجي. وأكثر شخص أقلقته هذه الفكرة كان المخرج الأمريكي ستانلى كوبريك أثناء تصوير فيلمه السهير «الياذة الفضاء 2001». فخلال العامين اللذين صور فيهما الفيلم كثرت الإشاعات عن هبوط مركبات متقدمة تقودها مخلوقات فضائيه غريبة. ولأن مثل هذه الأخبار - إن صحت - ستجعل سيناريو الفيلم عديم الفائدة وغير مشوق؛ اتصل كوبريك بشركات التأمين لإبرام عقد ضد الأضرار الناتجة عن هبوط مخلوقات فضائية قبل الانتهاء من تصوير الفيلم (والأغرب من تصرف كوبريك هو رفض شركة التأمين العريقة «لويدز» إبرام عقد من هذا النوع لنفس السبب!!). وكنت في مقال قديم (بعنوان قضاء وقدر مع وثيقة تأمين) قد تحدثت عن الهواجس الشخصية الغريبة لبعض المشاهير؛ فالممثل المشهور أنطوني كوين (الذي قام بدور عمر المختار) كان يخشى الصلع لدرجة أنه لم يوافق على حلق شعره في فيلم «المجوسي» قبل أن ينال عقد تأمين ضد احتمال ان لاينمو مرة أخرى.. اما الممثل فان دام فكان يشترط دائما توقيع عقد تأمين ضد هجر أوخيانة زوجته له بسبب غيباته الطويلة لتصوير الأفلام.. أما اللاعب الفرنسي المعروف زين الدين زيدان فأمن على قدميه ب 15 مليون دولار وعلى صلعته ب 10 ملايين وعلى إصابته بإعاقة دائمة - قبل سن الأربعين- ب 20 مليون دولار.. أما المغني المشهور مايكل جاكسون فلديه اتفاقية تأمين ضد احتمال فقدان صوته إلى الأبد (وصلت عام 1997 إلى 370 مليون دولار)! حين تتأمل الوضع جيدا لاتجد مايستحق الدهشة والتساؤل.. فلكل إنسان هاجسه الفريد، ولكل شركة تأمين سوقها الخاص!! [email protected]