الإصابة بهشاشة العظام لا تعني أنها بحال من الأحوال «عقوبة مدى الحياة» فهناك الكثير والكثير جداً مما يمكن عمله لتمكين من لديه هشاشة في عظامه أن تكون لديه قوة في جسده ومتعة في حياته. وإذا كانت الكسور وما يترتب عليها من مخاطر ومضاعفات هي الهاجس الأكبر لمن يعاني من هشاشة العظام ومن يحيط به من أهل وأصدقاء بل ما يحيط به من مؤسسات ومجتمع حتى الحكومات تحسب لذلك لما له من آثار على انتاج وفاعلية مواطنيها وعلى ما يكلفها علاجهم من امكانات طبية ومادية، فإن الدراسات والتطورات الحديثة قد ألقت الضوء على الأسس التي إذا ما اتبعناها فإنها تقلل من شأن هذه المضاعفات وتحد من خطورتها، لذلك سنتطرق في هذه الصفحة على أهمية كل من تجنب العثرات والسقوط، وضرورة الالتزام بالدواء، الرياضة والتغذية. تجنب العثرات والسقوط مما أفاض به الدكتور لؤي باسودان في زاوية أخرى في هذه الصفحة إلا أنني أكتفي بالاشارة إلى أن سقطة أو عثرة واحدة تحدث في ثانية قد تؤدي إلى خلل في نوعية المعيشة مدى الحياة وقد تفقد الانسان استقلاليته وتجعله معتمداً على الآخرين في تحركاته وتقلل من انشطته وتعزله اجتماعياً وتؤثر على كيفية حياته. هذا وتشير الدراسات إلى ان استخدام (حاميات الورك الخارجية) قد تقلل بإذن الله من امكانية حصول كسر الورك أثناء السقوط وهي عبارة عن قطعة مصنوعة من مادة البولي ايثيلين توضع خارجياً على الناحية الجانبية من الورك، وهذه القطعة تقوم بامتصاص الارتجاج أثناء السقوط مما يقلل أثر الصدمة على الورك. الالتزام بالعلاج تطورت أدوية هشاشة العظام في السنوات الأخيرة بشكل مذهل، وأصبح لدينا الآن أدوية متعددة أثبت فاعليتها في تقوية العظام وتحسين نوعيتها، إلا ان هذه العلاجات لا تعمل إن لم يتناولها المريض، واقول ذلك لأن الدراسات تشير إلى ان نصف المصابين بالهشاشة يتوقفون عن تناول الأدوية بعد سنة من وصفها لهم، وننصح هنا أن تخصص المريضة وقتاً محدداً لتناول دواء الهشاشة، وربما كان من المفيد أن تعتاد المريضة على تناول الدواء صبيحة كل يوم، وذلك للأدوية التي تعطى يومياً، او أن تخصص صبيحة يوم معين من الأسبوع أو الشهر وذلك للأدوية التي تعطى اسبوعياً أو شهرياً (باستثناء الأدوية التي تنص طريقة استعمالها على تناولها في وقت آخر من النهار) وكذا ننصح أن تستخدم المريضة طرق التذكير من استخدام المفكرة أو ادخال الموعد في مفكرة الجوال بحيث يعطي تنبيها عند وقت تناول الدواء، وربما كان تذكير الأهل والولاد بموعد تعاطي العلاج مفيداً لاسيما في مجتمعنا المترابط حيث يقوم الأولاد بالعناية بذويهم وارحامهم. ومن المهم إذا كانت تواجه المريضة صعوبة ما في تناول الدواء أن تناقش هذا الأمر مع طبيبها المعالج والذي سيسدي إليها النصائح المناسبة للتغلب على الصعوبات وربما اقترح تغيير الدواء إلى دواء آخر. الرياضة لم يعد هناك مجال للشك أن التمارين الرياضية تلعب دوراً رئيسياً ومهماً في بناء العظام والمحافظة على كتلتها، وكما هو الحال في العضلات فإن تعريض العظام للأحمال أو الأثقال او الجهد يزيد من قوتها وكتلتها، ولذا فإن النصيحة الدائمة أن يقوم الانسان بأداء رياضات التحمل والتي يكون فيها وزن الجسم على الأرجل مثل رياضة المشي والجري، وهذا لا يقلل بأي حال من أهمية الرياضات الأخرى كالسباحة وركوب الدراجة وبالذات لصحة القلب والجهاز الدوري ولتناسق وقوة العضلات والتي من شأنها تقليل فرص حالات السقوط إلا أنها أي الرياضات الأخرى لا تلعب دوراً حيوياً في زيادة كتلة العظم. وننصح الذين لم يعتادوا ممارسة الرياضة أن يبدأوا تدريجياً ببرنامج المشي أو المشي السريع لمدة 20 دقيقة يومياً وبعد 3 أشهر يبدأون بتمارين هوائية لمدة 10 دقائق يومياً. التغذية هناك علاقة وطيدة بين التغذية والعظام، وللغذاء الصحي دور رئيس في منع وعلاج هشاشة العظام والعكس صحيح، فإهمال التغذية الصحية قد يؤثر سلباً على العظام والعضلات. هذا ويشكل الكالسيوم وفيتامين (د) أهم العناصر الحيوية للعظام، فالكالسيوم هو المكون الرئيسي للعظام (يحتوي الجهاز الهيكلي على ما نسبته 99% من مخزون الكالسيوم في الجسم) بينما يقوم فيتامين (د) بالمساعدة على امتصاص الكالسيوم والاستفادة منه كما يتضح من المقال القيم للدكتور قصي العبد في مقال تجدونه ضمن هذه الصفحة. ولا يجب أن نغفل هنا أهمية مواد غذائية أخرى، فالبروتين مهم جداً لكتلة العظم وكذلك لسلامة العضلات وقوتها، اما الخضار والفواكه الطازجة فهي مهمة لما تحتوية من فيتامينات ومعادن ومضادات للأكسدة وكل ذلك مفيد للعظام والعضلات. وفي الختام لا ننسى التنبيه على الابتعاد عن العوامل التي تؤثر سلباً على العظام وصحتها مثل التدخين، تناول الكحول، والافراط في تناول القهوة. * قسم طب العائلة