أكَّد «د. يوسف بن عثمان الحزيم» -الأمين العام لمُؤسَّسة الأميرة العنود الخيريَّة- على أنَّ العمل الخيريّ يُعدُّ القطاع الثالث الذي تستمد منه أيّ أُمَّة حضورها الحضاري اللازم لإحداث الحراك المرغوب نحو أهداف الدولة التنمويَّة وتحقيق التوازن اللازم لإصلاح الآثار السلبيَّة للقطاعين العام والخاص بتحقيق المسؤولية الاجتماعية. وقال في حوار ل»الرياض» إن العمل الخيري الأهلي في «المملكة» قطاعٌ مهمٌ للغاية وضرورة وطنية رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ للنّهوض بمستقبل الوطن وتحقيق نهضة نوعيَّة واعدة تجعل الناس مسؤولين عن آمالهم وطموحاتهم التي شاركوا في صناعتها، مُضيفاً أنَّ «مُؤسَّسة الأميرة العنود الخيريَّة» حرصت على إنفاذ ما جاء في وصيَّة الأميرة «العنود» –رحمها الله- وِفق الضَّوابط الشرعيَّة وفي الأوجه المُحدَّدة، بتوجيهاتٍ كريمةٍ من رئيس مجلس الأمناء صاحب السمو الملكي الأمير «محمد بن فهد بن عبدالعزيز»، ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير «سعود بن فهد بن عبدالعزيز» -نائب رئيس مجلس الأمناء، ورئيس اللجنة التنفيذية-، ولا ننسى توجيهات صاحبة السمو الملكي الأميرة «لطيفة بنت فهد بن عبدالعزيز» -رئيسة المجلس النسائي-، فيما يخصّ برامج العمل الخيريّ النسائيَّة، وفيما يلي نصّ الحوار: عمل مُؤسَّسي *ما المقصود بالعمل الخيري؟ - مرَّ المُجتمع الخيري السعوديّ بتطوُّرات تأرجحت بين الرعويَّة والتَّمكين، وبين المُجتمع المدنيّ والمُجتمع الدعويّ، ومن هنا فقد كوَّن مُجتمعنا سماته الخاصَّة به، وانطلاقاً من ذلك فإنَّ المقصود بالعمل الخيري حينما يكون رعويَّاً أنَّه عبارةٌ عن علاقةٍ مُباشرةٍ بين طرفين أحدهما مانحٌ والآخر مُتلقٍ، ويهدف الطرف الأول إلى مُساعدة ودعم الطرف الثاني لإشباع احتياجاته الأساسيَّة، وتلعب "الجمعيَّات الخيريَّة" في هذه الحالة دور الوسيط بين الطرفين، وقد تطوَّر مفهوم العمل الخيريّ إلى عملٍ مُؤسَّسيّ يُقصد به مُنظَّمات تطوعيَّة إداريَّة غير ربحيَّة تستهدف النَّفع العام، وتتركَّز مجالات نشاطها في احتواء المُواطن واجتذابه؛ للإسهام في عمليَّة التنمية عبر توفير التعليم والتدريب والتأهيل والتثقيف، وإيجاد فرصة عمل له تكفل له الاعتماد على النفس. مسؤوليَّة اجتماعيَّة *ما أهميَّة العمل الخيريّ من وجهة نظرك؟ - يُعدُّ العمل الخيريّ القطاع الثالث الذي تستمد منه أيّ أُمَّة حضورها الحضاري اللازم لإحداث الحراك المرغوب نحو أهداف الدولة التنمويَّة وتحقيق التوازن؛ لإصلاح الآثار السلبيَّة للقطاعين العام ''البيروقراطي'' والخاص ''الرأسمالي'' بتحقيق المسؤولية الاجتماعية، كما أنَّه ساحةً لأُولئك المُفكِّرين والمُبشِّرين وأصحاب المواهب الخاصَّة الراغبين في استثمار طاقاتهم الفائضة التي لم تستطع وظائفهم استيعابها لأسباب وتعقيدات بيروقراطيَّة أو شخصيَّة، أو أولئك الأخيار الغيورين على أوطانهم والراغبين في بناء آخرتهم، ويؤمنون أنَّ الدنيا مزرعة الآخرة. نهضة نوعيَّة *ما هو حجم العمل الخيريّ السعوديّ؟ - العمل الخيري الأهلي في "المملكة" قطاعٌ مهمٌ للغاية وضرورة وطنيَّة رعاها خادم الحرمين الشريفين الملك "عبدالله بن عبدالعزيز"؛ للنّهوض بمستقبل الوطن وتحقيق نهضة نوعيَّة واعدة تجعل الناس مسؤولين عن آمالهم وطموحاتهم التي شاركوا في صناعتها، وهي الطريقة الوحيدة والمأمونة والواعدة للمشاركة السياسيَّة والمُتمشيَّة مع طبيعة مجتمع الجزيرة العربية ومُتطلَّبات التحديث والتطوير، وإنّ السعوديين من أكثر شعوب العالم تطوعاً وبذلاً للخير وتُقدَّر أصوله الوقفيَّة الخاصَّة الظاهرة ب (40) مليار ريالٍ تقريباً، يُنفق خلالها (4) مليارات ريال سنوياً تقريباً عبر قنواته الرسمية، أمَّا عن مُبادراته التطوعيَّة الذاتيَّة فأكثر مِمَّا سيُذكر أدناه بكثير، وقد صدرت أوَّل لائحة لتنظيم العمل بصناديق البرّ عام (1395ه)، ثمَّ صدرت لائحة الجمعيَّات والمُؤسَّسات الخيرية عام (1410ه)، وقد بلغ عدد الجمعيَّات الخيريَّة عام (1434ه) (624) مُؤسَّسة تؤدِّي أدواراً فاعلةً كقطاعٍ ثالثٍ مُساندٍ للقطاع الحكوميّ في تحقيق التنمية المُستدامة للمملكة، فضلاً عن أنَّ السعوديين ينشطون في العمل الخيري الإسلامي ولهم حضور دولي بيَّن عبر مُؤسسات مرموقة. رعاية المُبادرات *كيف يُمكن للمُنظَّمات الخيريَّة زيادة حجمها بشكلٍ فاعلٍ، وتكرارها في مجالات أخرى؟ - يُمكن أن يتمَّ ذلك عبر العمل النوعيَّ المُتخصِّص بنطاقٍ مُحدَّد في التنمية، مع السعي الدؤوب لتوثيق التشبيك مع المُنظَّمات المُكمِّلة أو المُشابهة وطنيَّاً وإقليميَّاً وعالميَّاً، مع التَّأكيد على أهميَّة رعاية المُبادرات في المُجتمع المحليّ، وتشجيع التطوّع والاستخدام الواعي والمُكثَّف لوسائل التواصل الاجتماعيّ الحديث. *ما الذي يُمكن أن تُؤدِّي إليه الشراكة بين المُنظَّمات الخيريَّة والدُّول الأعضاء، والمُنظَّمات مُتعدِّدة المهامّ والجهات الأُخرى الفاعلة ذات الصلة في مجال التَّعاون الإنمائيّ على مُستوى الدَّولة؟. - إنَّ التَّعاون الإنمائيّ سيُؤدِّي إلى تعزيز الوحدة الوطنيَّة، فيما تتشارك كافَّة فعاليَّات المُجتمع من قطاعٍ عامٍّ وخاصٍ وأهليّ في توسيع خيارات الأفراد وتحقيق رفاه وسعادة المُواطنين، كما أنَّ هذا التَّعاون سيُخفِّض التَّكاليف ويُحقِّق جودة المُخرجات التنمويَّة؛ بسبب تضافر الجهود وتنوّعها وتكاملها ومنع تضاربها. مُوازنة تخطيطيَّة *كيف يُمكن للمُنظَّمات الخيريَّة رصد التقدُّم المُحرز وحساب تأثير العمل؟. - من خلال التَّجربة الميدانيَّة ل "مؤسسة الأميرة العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود الخيريَّة" في هذا المجال فإنَّه يمكن أن يتمَّ ذلك عبر وجود مُوازنة تخطيطيَّة ذات أهدافٍ واقعيَّة قابله للقياس، إلى جانب إصدار تقارير ماليَّة مُنتظمة، أمَّا عن قياس الأثر البيئيّ والاجتماعيّ فأوصي باعتماد تطبيق نظام "GRI" المُعّد من "هيئة الأُمم المُتّحدة" بمنظماتها الفرعيَّة المُتخصِّصة، كما أنَّ اتِّصال كبار المديرين التَّنفيذيِّين بالمُستفيدين واللقاء بهم سيُعطي ردَّة فعلٍ جيِّدة والشعور بهم، إلى جانب الحصول على الرأي الحُرّ والمُباشر دون عوائق تنظيميَّة، وكذلك فإنَّ إخضاع المُنظَّمة الخيريَّة للمُراجعة بين حينٍ وآخر عبر بيوت خبرةٍ مُحايدةٍ أو مُنظَّماتٍ دوليَّةٍ من شأنه أن يُساهم في القياس ورصد التقدُّم المُحرز. دستور المُؤسَّسة *حدِّثنا عن "مؤسَّسة الأميرة العنود" من حيث الوصيَّة والأوقاف والاستثمار، وماهي أبرز نشاطاتها؟. - إنَّ وصية الأميرة "العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود" –رحمها الله– التي كتبتها وعمرها لا يتجاوز ال (37) تُعدُّ دستور المُؤسَّسة، وقد اشتملت على جوانب عديدة من فعل الخير وأهمها:"الأضحية، والصدقة على الفقراء وعمارة المساجد وسُقيا المياه وإفطار الصَّائمين"، ثُمَّ تركت لناظر الوقف "مجلس الأُمناء" تحديد مجالات البر الأُخرى، وتعمل المُؤسَّسة على إنفاذ ما جاء في الوصيَّة وِفق الضَّوابط الشرعيَّة وفي الأوجه المُحدَّدة، بتوجيهاتٍ كريمةٍ من رئيس مجلس الأمناء صاحب السمو الملكي الأمير "محمد بن فهد بن عبدالعزيز"، ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير "سعود بن فهد بن عبدالعزيز" -نائب رئيس مجلس الأمناء، ورئيس اللجنة التنفيذية-، ولا ننسى توجيهات صاحبة السمو الملكي الأميرة "لطيفة بنت فهد بن عبدالعزيز" -رئيسة المجلس النسائي-، فيما يخصّ برامج العمل الخيريّ النسائيَّة. - أمَّا فيما يخصّ العنود للاستثمار "الوقف"، فإنَّها مُؤسَّسة وقفيَّة تعود ملكيَّتها ل "مؤسَّسة الأميرة العنود الخيريَّة"، وهي تُعدُّ الذِّراع الاستثماري لها، وتُنفق العائدات السنويَّة لتمويل برامج وأنشطة المُؤسَّسة الخيريَّة التي تُقدَّر ب (1500) مليون ريال سعودي، وتسعى المُؤسَّسة لتنمية أصولها ذاتياً عبر إتفاقات محليَّة ودوليَّة بفريق عملٍ احترافيّ، وتستثمر المُؤسَّسة مُعظم أُصولها في استثمارات عقاريَّة مُميَّزة، ومن أبرزها: برج الأميرة العنود الأول، وبرج الأميرة العنود الثاني، وبرج الأميرة العنود السكني، ومجمع الربوة التجاري، ومركز اللؤلؤة التجاري، إلى جانب الاستثمارات في الأراضي والأسهم والصناديق الماليَّة. مركز "وارف" *أطلقت "مؤسَّسة الأميرة العنود الخيريَّة" قبل عام مُبادرة مُتخصِّصة، هي مركز الأميرة العنود لتنمية الشباب "وارف"، لماذا تمَّ إنشاء هذا المركز المُتخصِّص بفئة الشباب؟. - جاء تأسيس "وارف" إدراكاً والتزاماً من صاحب السموّ الملكيّ الأمير "سعود بن فهد بن عبدالعزيز" بحاجات المجتمع السعودي ومُحاكاةً للتطوُّر والحراك الثَّقافي في "المملكة"، ومن ذلك أهميَّة الشباب ودورهم في المجتمع، إذ يُشكِّل الشباب من الفئة العمرية من (16-30) سنة قُرابة (60%) من سُكَّان "المملكة" حسب إحصائيَّات "وزارة الاقتصاد والتخطيط" مُؤخِّراً. د. يوسف الحزيم *ما هي إنجازات مركز "وارف" في عامه الأول؟. - أسَّس المركز في العام الأول فروع "وارف" في كُل من حفر الباطن ونجران وأملج وسدير والأحساء، وهذا يدلّ على أنَّ عملنا سيشمل محافظات ومدناً مختلفة وغير مُركز على المُدن الرئيسة، كما قدَّم المركز أكثر من (5000) ساعةً تطوعيَّةً، و(60) ساعة تدريب لأكثر من (530) مستفيداً من الجنسين، إلى جانب دعم (17) مبادرة تطوعيَّة للشباب والشابات، كما أنَّ للمركز برامج إعلاميَّة تهدف إلى تنمية الشباب وزرع قيم الإيجابيَّة فيهم، مثل برنامج "حكايتي" الذي بُثَّ لموسمين على إذاعة "UFM" وقدَّم جوائز للشباب بقيمة (200.000) ريال، ويُمكن معرفة كافَّة التفاصيل حول برامجنا التدريبيَّة بالرجوع للموقع " www.warif.org ". حراك تطوّعيّ *حصل مركز "وارف" قبل شهرين على رخصة المُمثِّل الوطني للمُنظَّمة الدوليَّة لجهود التطوّع "IAVE "، ماذا يعني لكم ذلك؟. - شارك مركز "وارف" في المؤتمر الدولي ال (22) للجهود التطوعيَّة الذي أُقيم في "لندن" عام (2012م)، وقدَّم المركز تصوّراً مختلفاً عن التطوّع في "المملكة" لدى كافَّة المُشاركين الذين كانوا من (70) دولة، ومن هنا اقترحت "المُنظَّمة الدوليَّة لجهود التطوّع" أن يكون مركز "وارف" مُمثلاً وطنياً لها في "المملكة"؛ وذلك لأهميَّة الدور الذي يلعبه المركز في الحراك التطوعيّ، ثمَّ زارتنا "د. بتريسيا نبتي" -مُمثِّل الإقليم العربي- وعقدنا لقاءً وطنيَّاً جمعنا فيه كافَّة القطاعات المُهتمة بالعمل التطوعيّ في يوم الخميس (21) فبراير، إذ تمَّ الإعلان الرسمي لذلك. شراكة استراتيجيَّة *ماذا عن شراكتكم مع "الرئاسة العامة لرعاية الشباب"؟. - شَرَفنا أن تمَّ التوقيع على هذه الشراكة الإستراتيجيَّة من صاحب السمو الملكي الأمير "سلطان بن فهد" -عضو مجلس الأمناء في المؤسسة-، وصاحب السمو الملكي الأمير "نواف بن فيصل" -الرئيس العام لرعاية الشباب-، وانبثق عنها العديد من البرامج، ومن أهمَّها ملتقى التطوع لإعداد المُدرِّبين الشباب في العمل التطوعيّ على ثقافة العمل التطوعيّ، ومن ثمَّ المُساهمة في تنفيذ برامج "الرئاسة العامَّة" في مُختلف مناطق "المملكة"، وقد طوِّرنا (300) برنامج استفاد منها أكثر من (150) ألف شاب. *وماذا عن مشاركتكم في مؤتمر "إعداد معايير دور المُنظَّمات غير الربحيَّة لما بعد عام 2015م" بنيويورك؟. - تأتي دعوة "مؤسسة الأميرة العنود الخيريَّة" من قِبل "برنامج الأُمم المُتَّحدة الإنمائي" نظير مُساهمة المُؤسَّسة في العديد من البرامج والفعاليَّات التي تُنظِّمها المُؤسَّسة، وذلك تبعاً للاتفاقيَّات المُوقَّعة مع "الأُمم المُتَّحدة" مُمثَّلةً في برنامجها الإنمائي ومركز الأميرة العنود لتنمية الشباب "وارف"، وقد تمَّ استطلاع الاهتمامات المُشتركة بين المُؤسَّسات غير الربحيَّة وتبادل الخبرات بين المُختصِّين في هذا المؤتمر. منظَّمة بلا ورق *ما هي أهمّ مشروعات "مؤسَّسة الأميرة العنود" للعام الحالي (2013م)؟. -ارتأينا في عام (2013م) مواكبة التطوّر الهائل في تقنية المعلومات ونُظم المعلومات الإداريَّة بالتحوّل إلى نظام إداريّ وتقني مُتقدِّم؛ وذلك لتحقيق الأهداف الكُبرى للمُؤسَّسة، وتمَّ العمل على أن تكون مُنظَّمة بلا ورق، وتأسيس مجلس الجودة، والاتّجاه للتَّدريب كهدف استراتيجي، فبدأنا بتدريب موظفيّ المُؤسَّسة وتدريب الحُلفاء والشُّركاء، كما سيتمُّ تنفيذ برامج إعداد مُدرِّبات الأسرة السَّعيدة، وتدريب أخصائيّ الوقاية، إلى جانب البدء بتأسيس "مركز الإعلام الجديد"، كما نسعى لتنفيذ الشَّراكات المُوقَّعة مع كُلٍّ من "الرِّئاسة العامَّة لرعاية الشباب"، و"برنامج الأُمم المُتَّحدة الإنمائيّ"، وكذلك إنشاء خمسة فروع لمركز الأميرة العنود لتنمية الشباب "وارف"، ليُصبح مجموعها (10) أفرُع على مستوى "المملكة".