لا شك ان أحد أهم أهداف تصحيح أوضاع العمالة المقيمة بالمملكة التي صدرت مؤخراً هي ان يعمل كل مقيم لدى صاحب العمل بالمهنة التي يجيدها والتي يفترض ان تسجل في بطاقة إقامته، وهو أمر غاية في الأهمية بدلاً من التربح من خلال ممارسة مهن مختلفة دون إجادة والإضرار بمصالح الآخرين نتيجة قصور في العلم بأصول المهنة، لكن الملاحظ ان فترة التصحيح صاحبها تعديل للمهن دون التأكد مما إذا كان المقيم يجيد تلك المهنة من عدمه، فاكتفت الجهات المعنية بما يمليه صاحب العمل من رغبة حول مهن العاملين لديه، بل فتحت الباب على مصراعيه ليتمكن من تعديل مهم من خلال الخدمات الالكترونية التي أتاحتها وزارة العمل والجوازات مشكورة، وإن كان ذلك أمراً اقتضته الفترة المحددة لتصحيح الأوضاع، فإن الجميع يدرك ان الإقامة وثيقة رسمية يُعد ما ورد فيها من معلومات صحيحاً وغير ذلك للتشكيك ومن ذلك مهنة حاملها، إضافة إلى ان تعديل المهنة دون التأكد من الأهلية سيدفع بمجموعة من الأيدي العاملة إلى السوق بمهن جديدة قد لا يجيدها البتة، وقد يكون دافعها في الأصل هو ما جاء بالمثل الشعبي «الجود من الموجود» فكل صاحب عمل كيّف مهن عامليه بما يتوافق مع نشاطه التجاري دون ان يكون بعضهم يملك ذرة خبرة في مجال عمله، مما قد يضر بمصالح المستفيدين من خدماتهم لعدم أهليتهم لتلك الأعمال في الوقت الذي تسوغ لهم الوثائق الرسمية ممارسة تلك المهن وبتصريح رسمي، وما ذلك الخلل إلاّ بسبب تصنيفهم بمهن دون التثبت من إجادتهم لها، في الوقت الذي تتوافر في المملكة معاهد مهنية وكليات تقنية بمقدورها فحص قدرات وإمكانات من يرغب في تعديل مهنته للتأكد من إجادته للمهنة الجديدة المراد قيدها في بطاقة إقامته وللمهن التخصصية على وجه الخصوص، فإهمال هذا الجانب الهام يعيد الوضع إلى ماكان عليه من السابق، والمتمثل في ممارسة المهنة من قِبل من لا يجيدها أصلاً، حيث كنا قبل فترة التصحيح نعاني من هذا الجانب ونكتشف ان ما يحمله المخالف من مهنة في الإقامة يختلف مع ما يمارسه من عمل، لكن ما سيحدث بعد ذلك ان ذات المخالف سيعود إلى ممارسة مهنة لا يجيدها ولكن بإقامة تحمل نفس المسمى المهني لما يقوم به من عمل دون إجادة.. أعود وأقول ان كل ما وددت ايصاله هو ان يكون هناك تصنيف مهني للأيدي العاملة بالمملكة يُبنى على اختبار دقيق لتحديد القدرات من قبل الجهات المهنية المتخصصة يتسنى من خلاله للجهات الحكومية المعنية وضع المهنة المناسبة للمقيم ببطاقة إقامته بما يتوافق مع تأهيله وقدراته، ولا أجد أقرب مثالاً مما هو متبع من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية فيما يتعلق بالعاملين في القطاع الصحي بالمملكة.