بعد تلقي الشاعر أحمد الشهاوي رسائل تهديد غامضة على بريده الإلكتروني، منسوبة إلى جماعة «أنصار الإسلام» و«أنصار الله»، توصيه بضرورة التراجع عن أفكاره والاعتذار عن عدم نشر الجزء الثاني من كتابه «الوصايا في عشق النساء»..، التقت (ثقافة اليوم) به لمعرفة رد فعله إزاء التهديدات التي وصلت إليه، والتي تأتي بعد فترة غير بعيدة من رسائل التهديدات التي وصلت إلى الدكتور سيد القمني منسوبة إلى جماعات أخرى، وأيضاً الرسائل التي تردد أنها وصلت إلى شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي. في البداية يقول الشاعر أحمد الشهاوي: بغض النظر عما ستكشفه الجهات الأمنية بشأن هذه الرسائل التي نسبت إلى جماعات مختلفة (أنصار الإسلام، أنصار الله)، فلن أشغل نفسي بها، ولن أكترث بأي تهديدات تصلني بهدف التأثير على مشروعي الإبداعي. ولذا أؤكد أن الجزء الثاني من «الوصايا في عشق النساء» منجز وجاهز وقيد النشر، وسيصدر في الموعد المحدد له في أكتوبر المقبل بإذن الله. ولا أقبل أن أنهج نهجاً اعتذارياً عن بعض كتاباتي مثلما فعل غيري مند عشرينيات القرن الماضي من أمثال طه حسين وعلي عبد الرازق ونجيب محفوظ وآخرين، لأنني على قناعة تامة بأن «الوصايا في عشق النساء» - وغيره من كتبي - ليس فيه ما يمس الإسلام بسوء. ويقول الشهاوي مستطرداً: ليس مقبولاً مني، وقد نشأتُ في كنف بيتٍ توّج الأزهر ساحاته من خلال الأب الذي ربى أولاده تربية دينية عميقة، ليس مقبولاً مني أن أفكر حتى مجرد التفكير في التطاول على الإسلام أو المساس بقيمه الغراء. والذين يطالبون برأسي قبل صدور الجزء الثاني من الوصايا لا يعرفون أن هذا الجزء يتأسس في مداخله الأولى على القرآن الكريم وأحاديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأقوال كل من السيدة عائشة رضي الله عنها وعلي ابن أبي طالب كرم الله وجهه وأبي هريرة ومالك بن أنس وعبد الله ابن عباس وأسماء بنت أبي بكر وأم جعفر سيدة عبد مناف، وبعد هذه المداخل أبدأ في كتابة «وصاياي» التي تستفيد من النهج الإسلامي والتراثي معاً. وأدعو المعترضين أن يطلعوا على صحيح الدين فيما يتعلق بتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة، ليتيقنوا أن ما كتبته هو من صلب أساس الدين وليس خارجاً عليه في كلمة واحدة. وحول ما يثار بشأن أن بعض التهديدات التي تصل إلى الكتاب والأدباء تكون مفتعلة بقصد الشهرة والترويج للكتب يقول الشهاوي: ربما يحدث هذا الأمر في بعض الأحيان، لكن بالنسبة لي فالتهديد الأول وصلني في عام 2003 ولم يعلم به أحد حتى زوجتي، فلم أخطر به أي شخص باستثناء الجهات الأمنية، والتهديد الأخير علم به أحد الأصدقاء بالمصادفة أثناء وجوده إلى جواري وأنا أتصفح بريدي الإلكتروني، وقام بتسريب الخبر إلى بعض الصحف دون علمي. وأتصور أن مثل هذه الأمور ليست في صالحي نهائياً، ولا تعلي من قدري ولا تزيدني شهرة، لأنني أعرف كيف تُصنع الشهرة وكيف تروج الكتب من خلال القنوات الشرعية. ورسالة التهديد الأخيرة التي وصلت إلى الشهاوي منسوبة إلى جماعة «أنصار الله»، ومكتوبة بالحروف اللاتينية، وتقول: «السلام عليكم، والله لو ما تتراجع عن أفكارك لنكون موريين لك الويل. والسلام ختام». أما أولى رسائل التهديد التي وصلت إليه في عام 2003 بعد صدور الجزء الأول من «الوصايا في عشق النساء»، فقد نسبت إلى جماعة «أنصار الإسلام»، وتقول: «قد علمنا ما كان من أمر كتابكم الناضح بالكفر البواح المسمى (الوصايا في عشق النساء)، وحذار من نشر الجزء الثاني منه، ثم حذار من البطش الشديد والعقاب الأليم، فمن الممكن أن أؤكد لك من موقعي هذا استطاعتي عمل ما لا تتصور في خيالك الخصب. نتحداك أن يصدر وأنت حي». ويشار إلى أن الجزء الثاني من «الوصايا في عشق النساء»، الذي اطلعت (ثقافة اليوم) على نسخته المعدة للنشر، يفتتحه مؤلفه بمقتبسات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والأقوال المأثورة، منها الآية الكريمة {زين للناس حب الشهوات من النساء}، والآية «فانكحوا ما طاب لكم من النساء»، والآية {وغلقتِ الأبوابَ وقالت هيت لك}، والأحاديث: «لم يُر للمتحابّين مثل النكاح»، وكذلك الوصية العربية الشهيرة: «كوني له أرضاً، يكن لك سماء. وكوني مهاداً يكن عماداً، وَأَمَةً يكن عبداً، وفراشاً يكن معاشاً، ولا تقربي فيملك، ولا تبعدي فينساك، ولا تعاصيه شهوته، وعليك بالنظافة، ولا ير منك إلا حسناً، ولا يشم إلا طيباً، ولا يسمع إلا ما يُرضي، ولا تفشي سره فتسقطي من عينيه، ولا تفرحي إذا غضب، ولا تغضبي إذا فرح». ومن الوصايا التي كتبها الشهاوي في عشق النساء في الجزء الجديد من كتابه: «كوني وصية نفسك، لا تجعلي الرجال أوصياءك. إذا ملكت الحب لا تضيّعيه. لا تعاملي المحبّ كطريدة، فلا محبة تبقى دون أن تجدي من يبادلك إياها، وإلا ذقتِ المهانة. الحب فطرة، لا يصادف إلا من كان قلبه صافياً، فاعلمي أن جوهرك يشتاق إلى شبيهه». ويتصور الشهاوي أنه بوصاياه في عشق النساء يقترح شكلاً جديداً في الكتابة العربية الحديثة يعتمد على مفهوم مغاير للوصية المشار إليها في الكتب المقدسة والتراث. فالوصية - الواردة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية والكتب المقدسة، والشائعة في المكاتبات والرسائل، والتي ازدهرت في العصر العباسي - كانت تنصب أساساً على التوجيه الأخلاقي، وتتمحور حول القيمة التربوية، وإن كانت تتحلى بالجزالة اللفظية والبلاغة البيانية. لكن الشهاوي في وصاياه يرتكز على القيمة الجمالية، فوصاياه إبداعية جمالية، غرضها فني في المقام الأول وليس أخلاقياً تربوياً شأن وصايا الأتقياء والمصلحين والساسة والزعماء. وكان الجزء الأول من «الوصايا في عشق النساء» قد صدر في طبعتين بالقاهرة، إحداهما عن الدار المصرية اللبنانية في يناير 2003، والثانية بعدها ببضعة شهور عن سلسلة «مكتبة الأسرة» التابعة للهيئة المصرية العامة للكتاب. وقد أثار الكتب ضجة في أعقاب صدوره، ووجه أحد نواب البرلمان المصري بياناً اعتبر فيه أن الكتاب «يتضمن مجموعة من العبارات التي تستهين بالدين وتستفز مشاعر المسلمين» مطالباً بتحريك الجهات الرسمية من أجل مصادرته وسحبه من الأسواق، إلا أن لجنة القراءة بالهيئة العامة للكتاب قررت في اجتماع لها أن الكتاب لا يحتوي على أية شبهة إساءة للدين أو استفزاز لمشاعر المسلمين، وأن كل ما ورد فيه من بعض الألفاظ التي اعترض عليها النائب البرلماني هي عبارات متداولة في اللغة العربية، وأن ما ورد في الكتاب من نصوص قرآنية هي ثلاث آيات قصيرة موضوعة بين علامات التنصيص ولا تختلط بالنص الأصلي، فالكتاب نص أدبي رفيع المستوى يستخدم المجاز والخيال والإبداع الشعري. وقد نُشرت في عدد خاص من مجلة «الأدب البلجيكي اليوم» التي تصدر في بلجيكا باللغة الفلامية ترجمة لكتاب «الوصايا في عشق النساء» أنجزها المستعرب البلجيكي راني هيومان، كما صدرت «الوصايا» باللغة الفرنسية بترجمة كل من الشاعرة المصرية الكندية منى لطيف والناقد الدكتور وليد الخشاب المقيمين في كندا، وأخذت وكيلة النشر الأمريكية المقيمة في نيويورك نينا رايان حق نشره مترجماً إلى أكثر من لغة عالمية. والشاعر أحمد الشهاوي (45 عاماً) عضو في الموسوعة العالمية للشعراء منذ عام 1992، وقد حاز على جائزة اليونسكو في الآداب (1995) وجائزة كفافيس في الشعر (1998)، وشارك في برنامج مؤسسة جيراسي الإبداعية بسان فرانسيسكو - كاليفورنيا (1995)، ومن إصداراته: ركعتان للعشق (1988)، الأحاديث (ثلاثة أجزاء)، كتاب العشق (1992)، أحوال العاشق (1996)، كتاب الموت (1997)، قل هي (2000)، مياه في الأصابع (2002)..، «لسان النار»، وغيرها.