الظعينةُ حسب قاموس المعاني قيل بأنها المرأة في الهودج وقيل انها الراحلة التي يُرحل عليها وأنا أميل للتعريف الأخير. يقول المُغنّي في أهزوجة يغلب عليها النواح بسبب فراق الأحبّة: يا سائق الأظعان تطوي البيد بالأحباب طيّ مهلاً بهم حتى أُمتّع ناظري منهم شويّ ومن هذه الأغنية اقتبست العنوان بعد تحريف المُنادى من سائق إلى سائقه. أما بعد: بعد أن تأخر للصفوف الخلفيّة حدث قتلى مُطاردة هيئة الأمر بالمعروف في يوم فرح الوطن تقدّمت حكاية قيادة المرأة للسيارة وطغت على كل حديث. كاتب هذه السطور بصفته كان يعمل في جهاز المرور لدية معلومات عن هذا الموضوع تحديداً قد لا يعرفها عامّة الناس ومن هذا المنطلق حق له الحديث عن قيادة المرأة السعودية للمركبة رغم أنه سبق وأن تحدث عن هذه الحكاية مرات عديدة سواء هُنا في هذه الزاوية أو في كثير من اللقاءات التلفزيونية والندوات المباشرة. ثلاث حكايات أرويها لأول مرّة: الحكاية الأولى: قبل أكثر من 20 سنة اجتمع خبراء ومسؤولون في الإدارة العامة للمرور لمناقشة بعض القضايا المُعلّقة ومنها قيادة المرأة للسيارة. قال أحد المعلّقة رقابهم بالسد الشهير (سد الذرائع) لا بد من الكتابة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأخذ موافقتهم على مناقشة القضيّة مع أن الموضوع لا علاقة له بدعوة إلى معروف ولا نهي عن منكر بل اقتراح قانون مدنيّ قد يبقى نافذ المفعول على مر العصور. ودُفن الموضوع قبل أن يولد. الحكاية الثانية: في أواخر الثمانينيات الميلادية كنت أعمل كمسئول في إدارة مرور منطقة القصيم ووقع في يدي ملف قضيّة مرّت على أكثر من جهاز حكومي حتى انتهت من حيث يجب أن تبدأ في إدارة المرور. القضيّة سيداتي سادتي تتعلق بامرأة من البادية (كبستْ) عليها هيئة الأمر بالمعروف وهي تقود سيارتها الوانيت بالقرب من محطة وقود على أحد الطرق خارج المدينة. السيدة المُحترمة تقطن صحراء الله الواسعة وقد أتت لكي تستبدل أنبوبة الغاز ولسوء حظّها وقعت في أيدي (أشاوس) الهيئة. في ملف القضيّة لفت انتباهي أقوال المرأة سيدة الرجال حين شرحت لهم بأن زوجها (يكدّ) على لوري ويجوب الطرقات معظم أيامه وهي من يقوم بشئون الأسرة بالنيابة عنه. حين طُلب منها توقيع تعهّد بعدم العودة لمثل هذا الفعل(الشنيع) ثم لتنتظر ما يصدر بحقها من عقوبة رفضت التوقيع وقالت إنها لن تمتنع عن القيادة في الصحراء ومن يريد متابعتها فليأتِ إلى تلك المفازات الموحشة. الحكاية الثالثة: أيضاً في عُمق صحراء القصيم وفي نفس زمن الحكاية أعلاه. المناسبة حفل افتتاح مستشفى (قبة) وقت كان الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز أميراً لمنطقة القصيم. في طريقنا إلى هناك ونحن نستقل سيارات المرور الرسمية كانت السيدات والصبايا من البادية يسابقننا بسياراتهن على جوانب الطريق الصحراوي. لم نقم بأي إجراء ضدّهن لأن مسؤولية جهاز المرور تطبيق القانون على كل السبل المفتوحة للسير العام والصحراء لا تندرج ضمن هذه السبل. الآن.... ما الذي سيحدث لو غضّت الأجهزة الضبطية نظرها عن جنس من يقود السيارة هل ستشرق الشمس من المغرب مثلاً؟؟