رحم الله تعالى المواطن الشاب عبدالملك الدحيم وشقيقاته الأربع الذين فارقوا هذه الفانية بعد بضع ساعات من إتمامه لمناسك الحج إثر حادث مروري شنيع وقع بحي الياسمين بالرياض على يد سائق مخمور كرر بتهوره الأرعن مسلسل الحوادث المرورية المتنوعة التي تشهدها مدننا العزيزة صبح مساء. إن هذه النهاية المؤلمة الزاهقة لأرواح أنفس بريئة وإصابة طفلتين من ذات العائلة، لابد أن تفتح الباب على مصراعيه لمناقشة حوادث سير تحولت لجرائم إرهابية ينفذها بلا هوادة عدد ليس بقليل من قائدي المركبات الفاقدين لثقافة السلامة المرورية، والذين يهددون حياتنا وممتلكاتنا ومواردنا المالية على مدار الساعة في ظل إشكاليات متداخلة لم توجد لها الحلول الناجعة من أكثر من جهة مسؤولة ويتأتى في مقدمتها ضعف الأنظمة المرورية أو التراخي في تنفيذها حتى فقدت جدواها وفعاليتها المنشودة مما عزز السلوكيات المخالفة وتفشيها مجتمعياً. إن المعايش للحالة المرورية في العاصمة الرياض على سبيل المثال يشاهد يومياً في طريقه على الأقل نحو ثلاثة حوادث مرورية متفاوتة الأضرار، ويشاهد أيضأً أطفال يقودون المركبات، وعكس لطرق مشاريعها متأخرة، وقطع للإشارات، في ظل تلاشي الرقابة المرورية. والمؤسف أن المرور تحمس كثيراً وانشغل فقط بتطبيق نظام ساهر في مواقع محددة بعيدة عن الأماكن الأكثر استحقاقا من غيرها حتى بات المجتمع غير متقبل لهذا النظام لإحساسهم بأنه وضع لقهرهم وجبايتهم والتفنن في التخفي للإيقاع بهم وليس لضبط حركت سيرهم، ما يجعلهم يتساءلون بحسرة في مجالسهم عن الأساليب الأخرى المساندة لساهر الكفيلة بالحد- بعون الله تعالى- من الهدر البشري والمادي الذي تفرزه حوادثنا المرورية المتزايدة. ماذا لو قررت الإدارة العامة للمرور بجدية لتحديث أنظمتها ولوائحها المرورية بما يتواءم مع الواقع المعاصر المحزن للقضاء على الإرهاب المروري الذي لا يزال من أكبر مهددات أمننا الوطني. * مستشار وباحث نفسي في قضايا الأمن الفكري