الحقيقة التي يجب أن نتوقف عندها كثيراً أن تنمية الشباب بمفهومها الصحيح في المجتمع مفقود إلى حد كبير كما أن الاهتمام المركز على هذه الفئة غائب بسبب توزعه على مؤسسات كثيرة كتب الزميل احمد الطويان قبل أسبوع في زاويته الأسبوعية (عن قرب) في صحيفة الجزيرة مقالا عنوانه (نواف والشباب وتنمية المجتمع) وقد سرب الزميل الطويان في مقالته هذه بعضا من نقاشات طويلة جرت بيني وبينه حول ضرورة طرح الأسئلة المهمة عن دور الرئاسة العامة لرعاية الشباب في التنمية المجتمعية والثقافية الموجهة لفئة الشباب. جهود جبارة بذلت من قبل الدولة من خلال مؤسسة الرياضة والشباب نحو ترسيخ مفهوم الرياضة في المجتمع تماشيا مع الاتجاهات الدولية كون أنشطة رياضة كرة القدم تعد أكبر ظاهرة عالمية يتعاطاها الشباب فأصبحت هذه اللعبة الأهم في معظم مجتمعات العالم بل ساهمت كرة القدم دوليا بأدوار مباشرة وغير مباشرة لتنفيذ مهام سياسية واقتصادية وثقافية تم ابرازها من خلال رياضة كرة القدم. الرئاسة العامة لرعاية الشباب مؤسسة لديها ثقافة خاصة تعمل من خلالها ولكن هذه الثقافة تركز فقط على رياضة بعينها كما يفهم الكثير من افراد المجتمع هذه المؤسسة الرياضية، وليس لدي شك ان رعاية الشباب تعاني من ازمة الصورة الذهنية المحددة لدورها المرتبط برياضة كرة القدم بالإضافة الى ان علاقتها بالشباب والمجتمع تعاني من هوة كبرى بينها وبين الشباب حيث الشباب اليوم يتجاوز مؤسسته ومؤسسات كثيرة في الدولة وهنا سؤال مهم لماذا..؟. الأسئلة التي يجب ان نطرحها هنا حول ضرورة إعادة تعريف دور رعاية الشباب وإعادة مفهوم تنمية الشباب لتشمل ما هو ابعد من ممارسة كرة القدم او تشجيعها، كل هذه الأسئلة هي انعكاس طبيعي للتزايد الكبير لفئة الشباب في المجتمع وتنوع اهتمامات هذه الفئة رياضيا وثقافيا وفكريا وانحسار دور مؤسسة الشباب نحو رياضة كرة القدم جعلها تفقد الكثير من مقوماتها ولن يكون عيبا ان المفهوم المتداول لمؤسسة الرياضة والشباب في المجتمع هو مفهوم سلبي ويجب اعادته ليصبح فاعلا في استيعاب هذه الفئة . خلال السنوات الماضية لعبت العولمة دورا بارزا في تغيير بوصلة الاهتمام لدى فئات الشباب في العالم كله ومجتمعنا ليس استثناء وأصبحت فئة الشباب تتعاطى الاهتمامات الدولية للرياضة واصبح التنافس بين الرياضة المحلة والدولية في عقول الشباب كبيرا وخاصة في كرة القدم وأصبحت فئة الشباب تبتعد اهتماماتها رياضيا بشكل تدريجي عن المحلية وهذا ما يعزز طرح الأسئلة المهمة ومنها على سبيل المثال ما هو تعريف الرياضة والشباب لدى الرئاسة؟ . سؤال آخر يقول هل تركز الرئاسة العامة لرعاية الشباب على الرياضة وتنسى الشباب وهل الشباب هم الذكور فقط؟ ، هذا سؤال مهم ولعل الفكرة المؤلمة تكمن في أن مؤسسة الرياضة والشباب في المجتمع اعتقدت وبشكل خاطئ خلال السنوات الماضية ان الرياضة اسبق في اهتمام الشباب وهذا مفهوم قد تدفع مؤسسة الرياضة ثمنه اليوم ومستقبلا عندما تجد نفسها غير قادرة على تحديد ماذا يريد منها الشباب وماذا تريد منهم ؟. المفهوم التقليدي للتعامل مع الشباب وكسب اهتمامهم يجب ان يتغير اليوم من خلال افتتاح مسار جديد في جسد الرئاسة العامة لرعاية الشباب هذا المسار هو التنمية المجتمعية والثقافية لفئة الشباب من الجنسين ، فالرياضة وخاصة كرة القدم لم تعد اليوم تحظي بالتركيز الكامل لاهتمامات الشباب ولعل السبب هو الخيارات المتعددة للاهتمام الرياضي من قبل فئة الشباب كما ان نظام الاحتراف حوّل رياضة كرة القدم الى تصنيف مؤسسي يتجاوز فكرة الهواية الى فكرة الاحتراف وهذا اضعف المفهوم التقليدي لفكرة الانتماء للأندية المؤسسات الرياضية المحلية. علينا الاعتراف اليوم أن دور مؤسسة الرياضة والشباب يجب ان تعاد قراءته بشكل مختلف لان هذه المؤسسة أصبحت في مواجهة أكثر من ستين بالمائة من السكان ممن يمثلون فئة الشباب من الجنسين وهذا يحتم خلق مسارا هيكلي للمرأة في هذه المؤسسة يركز مبدئيا على تنميتها ثقافيا وفكريا وتنشيط دورها ومساهمتها المجتمعية. في الإطار الهيكلي والتنظيمي في الرئاسة العام لرعاية الشباب سيطرت الرياضة على كل شيء وتحديدا كرة القدم بل إن الانتماء الرياضي كان ومازال من متطلبات العمل في قطاع الشباب والرياضة في المجتمع فخلال العقود الماضية تشكلت الصورة الذهنية وترسخت تطبيقيا لدى الافراد بأن الرئاسة العامة لرعاية الشباب هي مؤسسة لرعاية رياضة كرة القدم فقط. لقد حان الوقت لتغيير الكثير من المفاهيم عن مؤسسة الرياضة والشباب في المجتمع من خلال إعادة رسم رؤية هذه المؤسسة ومهمتها في المجتمع وبناء اهداف تتوافق مع متطلبات المجتمع سكانيا وزمنيا بالإضافة الى بناء قيم جديدة تساهم في إعادة تعريف دور الشباب في المجتمع وبناء البرامج التنموية بكل مساراتها الرياضية والثقافية والاجتماعية. الحقيقة التي يجب ان نتوقف عندها كثيرا ان تنمية الشباب بمفهومها الصحيح في المجتمع مفقود الى حد كبير كما أن الاهتمام المركز على هذه الفئة غائب بسبب توزعه على مؤسسات كثيرة في المجتمع وغالبا ما تفتقد هذه المؤسسات الى التنسيق فيما بينها ولكن المسؤولية الأولى كما اراها تنصب على ضرورة إعادة تشكيل هيكلي وتنظيمي داخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب بحيث يعاد بناء هذه المؤسسة من خلال ضم مهام جديدة تختص بالتنمية الثقافية والفكرية لفئة الشباب. إن محبي الرياضة من العاملين فيها عليهم أن يدركوا أن الساحة المجتمعية اصبحت مكتظة بفئات من الشباب تتنوع اهتماماتها بل أصبح لديها والمجتمع بمساراته السياسية والاقتصادية متطلبات تنموية لتحويل هذه الطاقة السكانية من الشباب الى طاقة يمكن استثمارها لصالح المجتمع تنمويا. لذلك فإن الرئاسة العامة لرعاية الشباب ليس امامها اليوم من خيارات كثيرة سوى ان تعمل على إعادة تشكيل جديد لمسارها الاستراتيجي وسياساتها التنظيمية بشكل يركز على احتواء فئة الشباب التي تتغير مفاهيمها الثقافية والفكرية بسرعة أكبر مما يحتم على هذه المؤسسة قيادة هذه الفئة نحو ترسيخ مفاهيم جديدة لدورها في المجتمع بشكل سريع لا يحتمل التباطؤ.