عادت بي الذاكرة الى قبل 24 عاماً تقريباً حينما افتتح مستشفى الملك خالد الجامعي بطاقة (800) سرير وهذا المستشفى ان صح التعبير هو مصنع للرجال وخرَّج الكثير من مشاهير الأطباء حيث إنه المستشفى الخاص بكلية الطب بجامعة الملك سعود وأعرف هذا الصرح العظيم منذ ذلك الحين واستفدت من خدماته مرارا وتكرارا في مرض والدتي ووالدي الا ان الظروف جعلتني اتغيب عن مراجعته فترة «طويلة» من الزمن، وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية التي عاشتها المملكة قبل حرب الخليج الأولى اي قبل خمسة عشر عاما تقريبا بقي هذا الصرح شامخا بسواعد ابنائه ورجاله العاملين به آنذاك ولم يهتز او يتغير بفعل الظروف الاقتصادية بل زادته ثباتا بتعاون ابنائه المخلصين وعملهم الدؤوب، وقد قدر لي ان أزور هذا الصرح العظيم حينما تعرض ابني لحادث سير يوم الاثنين الموافق 12/6/1426ه وكان قرب المستشفى الجامعي ولم يساورني ادنى شك في مقدرة الجهاز العلمي والفني على تقديم افضل خدمة طبية يحتاجها المريض وكيف لا وهو مصنع للرجال، لكن بعد هذا الغياب الطويل عن المستشفى كانت المفاجأة ان خدمات التمريض لم تكن بالمستوى المطلوب ولم يكن ايضا الأطباء ونفسياتهم بالمستوى المعهود ولا الخدمات الأخرى كالصيانة للمبنى وغيرها من الإمكانات الأخرى ايضا. ولا اعرف ماهو السبب وملاحظاتي كما يلي: 1 - ان طاقم التمريض من الجنسية الآسيوية قليلة الثمن والخبرة. 2 - تواضع الإمكانات المادية والإدارية للطاقم الطبي، حيث اجل استكمال العملية لابني لتجبير فخذه مدة «24» ساعة بسبب عدم وجود بعض القطع الطبية اللازمة، وتكررت نفس المعاناة في الغد عند اجراء العملية لفخذه الآخر حيث تطلب اجراء العملية عدم وجود القضيب الحديدي المطلوب مما ادى بالطبيب للنزول الى المعمل لوضع المقاسات المطلوبة. 3 - انشغال الأستاذ المشرف على العملية بمعاملة تجنسه وذهابه للأحوال المدنية للتعقيب على المعاملة. 4 - فتور تعامل طاقم التمريض مع المرضى وعدم تحملهم المسؤولية التامة عن المريض. 5 - الضعف الواضح في صيانة المباني، وفي اداء العاملين في مرافق تلك المباني. 6 - كثرة الملصقات على الجدران حتى يتخيل لك انك في احد احياء الرياض القديمة. 8 - كثير من اطبائه المشهورين يعملون في المستشفيات والعيادات الخاصة رغم ان الدولة تصرف لهم (80٪) من الراتب كبدل تفرغ. ان المستشفى يعمل الآن بأقل من (50٪) من طاقته السريرية على الرغم من تحسن الظروف الاقتصادية للدولة فالمستشفى يحتاج الى جهود اكبر ليعود هذا الصرح العلمي لسابق عهده وأفضل، وإنني ادعو الجميع للتعاون وتذليل الصعاب التي تواجه قصور الأداء في هذا المستشفى خاصة وأنه مصنع للرجال، فحينما تم انشاء الجامعة ومرافقها الحيوية وخاصة كلية الطب ومستشفياتها الجامعية وخسرت الدولة مليارات على الإنشاء والتجهيز والتأثيث قامت بذلك لتبقى وتتطور لا لتندثر او تهدم فمستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي ومستشفى الملك خالد الجامعي بحاجة الى اعادة نظر جذرية من حيث التحديث والتجديد والتطوير سواء في المباني والتجهيزات أو معدات ومختبرات والأهم من هذا وذاك اليد العاملة الفنية والتمريضية والطبية خاصة وأن الشباب السعودي اقبل على هذه المهن بكل جدارة واقتدار حيث نشاهدهم في المستشفيات الأخرى يعملون بكل جد واجتهاد. ونأمل ان ينظر الى المستشفيات الجامعية بمنظار مختلف عن بقية القطاعات الأخرى للجامعة. وأن يخصص لها ميزانية واضحة وغير مدمجة بميزانية الجامعة اي ان تكون اعتمادات المستشفيات مخصصة حتى لا يطغى المهم على الأهم.