يظلُّ تزييف العملات الورقيَّة هاجساً يُؤرِّق العديد من المؤسَّسات والشركات العاملة في مجال القطاع الخاص، وتحديداً تلك التي تتعامل بطريقة الدفع عن طريق "الكاش"، الأمر الذي دعا هذه الجهات إلى شراء أجهزةٍ مُتخصِّصةٍ في كشف العملات الورقيَّة المُزيفة، بيد أنَّ المُشكلة الحقيقيَّة قد تنتج عندما يتم شراء أجهزة رخيصة الثمن قد لا يتجاوز ثمن بعضها أحياناً (30) ريالاً على أقلِّ تقدير. الإضاءة كشفت التزييف بين العملتين وقد أدَّى ارتفاع نسبة السيولة النقديَّة في التعاملات الماليَّة في "المملكة" وبعض دول الخليج العربي في ازدياد محاولات بعض ضعاف النفوس للاحتيال وترويج العملات المُزيَّفة، ماجعل التعامل عن طريق استخدام البطاقات الائتمانية من أكثر الطرق الآمنة في هذا المجال. وأكَّد مُختصون على أنَّ الطلب على شراء أجهزة كشف تزييف العملات زاد خلال الفترة القليلة الماضية بنسبة (40%)، مُضيفين أنَّ العديد من هذه الأجهزة تُعدُّ أجهزةً تقليديَّة قد تكون نتائجها غير دقيقة، إلى جانب وجود أجهزةٍ أُخرى تُباع بأسعار زهيدة لا تتجاوز (50) ريالاً للجهاز الواحد، مُوضحين أنَّ هذه الأجهزة تنقسم إلى نوعين، أحدهما يكشف عمليات التزييف الرديئة أو البدائية، وتتراوح قيمة هذه الأجهزة بين (5000)-(15000) ريال، في حين يختص النوع الآخر من هذه الأجهزة بتحديد عمليَّات التزييف ذات الاحترافيَّة العالية، وتتراوح قيمتها بين (150.000)-(200.000) ألف ريال. إقبال كبير على أجهزة الكشف عن التزييف بعد تزايد حوادث النصب والاحتيال أجهزة كشف التزييف وقد تنوَّعت وسائل وأدوات الكشف عن العملات المزيفة من أجهزة وأقلام، إذ إنَّ الأقلام تحتوي على مادة مُعيَّنة عندما يتم سكبها على أيّ ورقة من فئة "الدولار" فإنَّها تتأثَّر ويتغيَّر لونها، فإذا ظهر اللون غامقاً فإنَّ العملة تكون حينها مُزيَّفه، بيد أنَّ بقاء لون العملة على حالته الطبيعيَّة يُثبت أنَّ العملة غير مُزيفة، وهناك العديد من الأجهزة التي تُظهر الشريط المعدني داخل العملة بوضوح تام، ومن ذلك أجهزة الأشعة تحت الحمراء، إذ إنَّها تقيس مدى اختلاف ألوان وطباعة العملات وتُبيِّن الفرق بين طباعة النقود الأصلية وغير الأصلية عبر معرفة قياس كثافة الألوان، كما يوجد جهاز قياس يعمل عن طريق برامج الذكاء الصناعي ويستخدم ماسحات ضوئية سريعة تعمل على مسح ضوئي وتُقارن بين قاعدة بيانات خاصة مزروعة في ذاكرة الجهاز، وهذا يتم في لحظات ويعطي النتيجة في أقل من ثلاث ثوان. خالد الذوادي ومن هذه الأجهزة أيضاً جهاز كشف يعمل عن طريق تقنية قياس كثافة الحبر المغناطيسي، حيث يقيس كثافة الحبر من خلال تمريره على حسَّاسٍ مغناطيسيّ يُبيِّن مدى تقارب الحبر الأصلي من التقليدي، وهذا بالطبع جزء بسيط من بعض التقنيات والأجهزة المُستخدمة في الكشف عن العملات الورقيَّة المُزيفة، ومِمَّا لاشكَّ فيه أنَّ العديد من المؤسسات المالية والتجارية في صراع كبير مع المُقلِّدين والمُزيفين للعملات، كما أنَّهم باتوا أكثر حرصاً في الآونة الأخيرة على اقتناء أحدث الوسائل والتدابير للحد من تداول العملات المُزيَّفة. آلية عمل الأجهزة وعن طريقة عمل أجهزة كشف العملات المُزيفة، أوضح "عبدالرزاق العطيوي" -تاجر تجزئة- أنَّ هذه الأجهزة تختلف من حيث الجودة والتقنية المستخدمة فيها، مُضيفاً أنَّ بعضها تُصدر صوتاً أو تُضيء باللون الأحمر عندما تكون العملة مُزيفة، بيد أنَّ بعض العملات المُزيفة لا يمكن كشفها عن طريق استخدام الأجهزة التقليدية، مُشيراً إلى أنَّ الأجهزة المستخدمة في البنوك تكون عادةً ذات تقنية عالية مِمَّا يجعلها تكتشفها بكل سهولة، لافتاً إلى أنَّ بعض هذه الأجهزة تعمل باستخدام الأشعة فوق البنفسجيَّة، مُبيِّناً أنَّ هذه الأجهزة تُركِّز عند استكشاف العملة المُزيفة من عدمها على عددٍ من الخصائص في العملة، ومنها نوعيَّة الورق، والخيط المعدني الذي يتوسط الورقة النقدية، والختم الخفي الذي يظهر عليها. وأضاف أنَّ بعض الأشخاص قد يتمكنون من اكتشاف العملة المُزيفة عند وضعها أمام أشعة الشمس المُباشرة، أو أمام إضاءةٍ قوية تُظهر الملامح الأساسيَّة والعلامات التي توجد في العملة الورقيَّة، مُوضحاً أنَّ الأجهزة التي تعمل باستخدام الأشعة فوق البنفسجيَّة تتحقَّق عادةً من وجود الألياف التي تعكس الأشعة فوق البنفسجيَّة، إذ إنَّها لا توجد إلاَّ في ورق "البنكنوت" المُستخدم في صناعة العملات الورقيَّة، مُشيراً إلى أنَّ عمليَّات التزييف قد تحدث بشكل يوميّ في العديد من المِحال، مثل محطات بيع الوقود وغيرها، داعياً إلى إيجاد أجهزة ذات تقنيةٍ عالية في تلك المحال؛ للحد من عمليِّات التزييف التي ينتج عنها أضرار كبيرة على اقتصادنا الوطني. طرق التزييف وبيَّن "خالد الذوادي" -خبير في مجال التعاملات الالكترونيَّة والأنظمة المعلوماتيَّة- أنَّ طرق التزييف الأكثر انتشاراً واستخدماً تتم إمَّا باستخدام الأحبار المُستعملة في الطابعات النافثة للحبر، مُوضحاً أنَّه يتم كشف هذا النوع بسهولة تامَّة؛ كون معظم هذه الأحبار تذوب في الماء، مُشيراً إلى أنَّ ذلك يتم عن طريق الإمساك بالعملة الورقيَّة بيدٍ مبلولة أو أن يتم اختبار العملة بوضع نقطة من الماء عليها، لافتاً إلى أنَّ الأحبار المستخدمة في العملة غير المُزيفة تكون ثابتةً ولا تذوب في الماء أو في غيره من المُذيبات الأخرى، مُضيفاً أنَّ من طرق كشف العملات الورقيَّة المُزيفة أيضاً التحقُّق من وجود طباعة "إنتاليو" المُستخدمة في العملة الصحيحة، حيث تمتاز بأنَّها تترك انبعاجاً على الورقة يمكن لمسه بالأصبع فيدل عليها، إذ إنَّه لا يوجد إلاَّ في العملة الأصليَّة. وأضاف أنَّ من يُقلِّد العملة الورقيَّة قلَّما حاول تقليد شريط العلامة المائية، مُوضحاً أنَّه من الصعوبة بمكان تقليديها، فالعلامة المائية الصحيحة جزءٌ لا يتجزأ من كيان الورقة، ويتم إنتاجه مع الورقة أثناء صناعتها، مُشيراً إلى أنَّها تتم إضافة العلامة المائيَّة إلى العملة الورقيَّة عندما تكون نسبة المياه داخل ألياف الورقة تُشكِّل (98%) أثناء الصناعة، شريطة أن تكون العملة ما تزال عبارة عن عجينة أو مستحلب من الألياف والماء، لافتاً إلى أنَّ هذه العلامة تكون عبارة عن تغيير في توزيع الألياف، إذ نجد أنَّ مناطق منها تكون معتمة ومناطق أخرى تكون مضيئة. تزييف رقمي وأشار "الذوادي" إلى أنَّ أكثر الطرق المُستخدمة في تزييف العملات حالياً طريقة التزييف الرقمي باستخدام أجهزة الكمبيوتر، وتحديداً في بداية العام (1993م)، مُضيفاً أنَّ المُزيفين بدأوا حينها في الإفادة من الطباعة الرقميَّة، إلى جانب استخدام الماسحات الضوئيَّة في عملية التقليد العادية، مُشيراً إلى أنَّ مُزيف العملة يُصوِّر العملة الورقية ثمَّ يُدخل الصورة لمعالجة ألوانها ومن ثمَّ طباعتها، لافتاً إلى أنَّ العديد من الشركات المتخصِّصة في أجهزة تكنولوجيَّات العالم الرقمي استحدثت أجهزة كشف العملات المزيفة بعد أن لاحظت كثرة عمليَّات التزييف؛ وذلك للحد من ظاهرة نسخ العملات المُقلَّدة. جرائم التزوير ولفت "فيصل بن مرزوق" -مختص في مجال الكشف عن العملات المُقلَّدة- إلى أنَّ "المملكة" تعمل على ثلاث وسائل رئيسة للوقاية من جرائم التزييف والحد منها، وذلك عبر تصعيد صناعة العملة بما تحمله من علامات أمنيَّة يصعب تقليدها، إلى جانب تشديد الرقابة على المطابع وأجهزة الطباعة الداخليَّة في "المملكة"، وكذلك الاهتمام بهذا الجانب عن طريق الجمارك السعودية، مُضيفاً أنَّه تمَّ -بحمد الله- إحباط تهريب العديد من أجهزة التزييف قبل دخولها للمملكة، مُشيراً إلى أنَّه في حال تمَّ وقوع مثل هذه الجرائم فإنَّ النُظُم والقوانين تتبنَّى تحديد الجزاءات والعقوبات التي يتم إيقاعها بحق مُرتكبي هذه الجريمة، مُؤكِّداً على أنَّ البنوك المحليَّة تعمل بناءً على توجيهات مُشدَّدة من "مؤسسة النقد العربي السعودي" على تدريب موظفيها في مجال كشف أعمال التزييف؛ للحد من هذه الجرائم، كما أنَّها تعمل في ظل هذه التعليمات والعديد من التعاميم التي تساعد الجهاز الأمني والاقتصاد الوطني على الحد من هذا النوع من المخاطر.