لجأ بعض المواطنين والمقيمين ممن لا يحملون تصاريح نظامية لأداء فريضة الحج بالتحايل وعبور المواقيت ومراكز الضبط الأمني بدون ملابس الإحرام، ثم يحرمون بعد دخول مكةالمكرمة، ويحتجون بجواز حجهم بعد ذبح فدية لبس المخيط، وبعضهم وصل فعلاً محرماً من الميقات وحين رأى التشدد في نقاط التفتيش هذا العام خلع إحرامه ولبس ثوبه، ثم عاد محرماً ملبياً بعد ضمان دخوله مكة، حيث رضي بالفدية بمبلغ ألف ريال، ولم يرض أن يدفع مبلغ خمسة آلاف لحملة المقيم وأكثر من ذلك للمواطن. وأكد مختصون على أن ذلك يعد من باب التحايل على الأنظمة التي وضعها ولي الأمر، وهو أمر محرم، مشيرين إلى أن الواجب على الجميع التقيد بهذه التعليمات التي ما وضعت إلاّ لقصد التنظيم، ومنع الظواهر السلبية في موسم الحج داخل المشاعر المقدسة، مشددين على ضرورة اتباعها وعدم تجاوزها بأي حال من الأحوال، موضحين أن كفارة فعل محظورات الإحرام لا تعني بالضرورة الجرأة على فعلها والتساهل فيها، ولم تُشرع إلاّ لمن وقع فيها بالخطأ أو عن طريق الجهل، محذرين من عواقب التساهل. وتنظيم الحج بتصريح لم يُقر إلاّ في الأزمنة المتأخرة بعد ازدياد عدد الحجاج، وأصبحت المشاعر المقدسة تزدحم بهم، كما تواصلت مشروعات الحرم المكي لزيادة الطاقة الاستيعابية؛ مما جعل ولي الأمر يلجأ لتنظيم أمر الحجاج؛ فصدرت الفتوى من أهل العلم بوجوب استخراج تصريح للحج، وتحديد مدة التكرار بين الحج بخمس سنوات، وهذا الأمر يحقق مصالح عظيمة تعود على الأمة بالخير والصلاح. وحيث أن ربط التصريح بحملة حج توفر السكن والمأكل والنقل للحاج يقضي على الافتراش ويزيل الازدحام في المشاعر المقدسة، إلاّ أن البعض من الحجاج خاصة حجاج الداخل يعمد للحج كل سنة بلا تصريح، ويتعمد مخالفة النظام ومخالفة الشرع في دخوله المشاعر من غير إحرام من الميقات أو يحرم من الميقات ولا يخلع ملابسه ولا يلبس لبس الإحرام، ويتعمد الكذب على رجال الأمن فيكسب الإثم ويبوء بالخطيئة؛ لأجل الحصول على الحج، فمن يريد الحج والعمرة فلا يتجاوز الميقات إلاّ محرماً طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليستخرج التصريح طاعة لولي الأمر. كفارة الفدية وقال الحاج "طاهر بركات" -مصري الجنسية، مقيم نظامي، يعمل بمدينة الرياض- قررت الحج رغم ارتفاع حملات الحج وعدم الاستطاعة على دفع تلك التكاليف الباهضة، وحين وصلت إلى مكةالمكرمة، وتجاوزت الميقات، وكذلك مراكز التفتيش؛ ارتديت ملابس الاحرام، مشيراً إلى أن كفارة "ذبح فدية" لارتكاب خطأ لبس المخيط بمبلغ لا يتجاوز ألف ريال أرخص بكثير من الحملات التي أرهقت كاهل العديد من المواطنين والمقيمين. وأضاف الحاج "أرشد خان" -باكستاني الجنسية- سبق لي الحج قبل عامين بتصريح حج نظامي، وحيث أن النظام لا يجيز الحج قبل خمس سنوات من الحج السابق، وقررت أداء مناسك الحج، وأعلم أن هناك تشديدا هذا العام على منافذ الدخول، وانتشارا كبيرا لمراكز الضبط الأمني؛ لذا رأيت أن أدخل مكةالمكرمة بدون ارتداء ملابس الاحرام حتى وصلت داخل العاصمة المقدسة، ثم ارتديت ملابس الاحرام، واديت المناسك ولله الحمد، وذبحت فدية لعدم لبس الاحرام من الميقات. ظاهرة متكررة وأكد "د. محمد السهلي" -مدير مركز الدارسات الإسلامية بجامعة أم القرى وعضو جمعية حقوق الإنسان بمكةالمكرمة- إن تنظيم الحج والالتزام بالتصاريح يحقق المصلحة العامة التي تتعلق بسلامة الحجاج، مشيراً إلى أن دخول عدد كبير من الحجاج للحرم دون لبس الإحرام ظاهرة متكررة في موسم حج كل عام، لافتاً إلى أنه في العام الماضي كان الكثير من الاستفتاءات من قبل الكثير من الوافدين عن حكم الدخول للحرم بدون لبس الإحرام، حيث أن الكثير يريدون تكرار الحج سنوياً ولا يستطيعون الحصول على تصريح حج؛ لأن النظام في تصريح الحج يتيح الفرصة كل خمس سنوات، وليس كل سنة، ولأن الحاج لو أراد الدخول بإحرامه مُنع من الجهات المسؤولة أنه لا يملك تصريحاً؛ فيدخل بملابسه الشخصية، ثم يحرم في الداخل ويفدي. وقال ما يجب معرفته والتنبه له أن الحاج بعمله هذا قد ارتكب عدة مخالفات شرعية منها المعصية لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ فالشريعة أمرت بالإحرام عند الميقات، وجعلت لكل قطر ميقاتهم تيسيراً ودفعاً للمشقة، مؤكداً على أن ترك الإحرام عند الميقات عمداً مخالفة شرعية يأثم عليها المسلم، وتعمدها خطير والإصرار عليها أخطر، وتكرارها أيضا خطير، وربما يؤثر ذلك على صحة حجه من عدمه، بل ويخشى على عقيدة من يكرر ذلك لو كان فعله من باب اللامبالاة بنصوص الكتاب والسنة. وأضاف: "على فاعل هذا الأمر إثم كبير بمعصيته عمداً وقصداً لولي الأمر بتجاوز الميقات دون تصريح رسمي، ومن المعلوم أن طاعة ولي الأمر بالمعروف من عقيدة أهل السنة والجماعة ومعصيته والالتفات عليه من عقيدة الجاهلية، ومن المعلوم أن من أهم أهداف تنظيم الحج حماية أرواح الحجاج، حيث تسبب الزحام الشديد في العديد من الكوارث التي تزهق معها نفوس كثيرة، وقد جاءت الشريعة المطهرة بالحفاظ على الضرورات الخمس، ومنها النفس والمسلم حينما يفد للحج مطالب بالعمل بقوله تعالى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج). وأشار إلى أن الدخول بالملابس الشخصية بنية الحج تهرباً من الملاحقة والمنع فيه نوع من الاحتيال والمخادعة للجهات المسؤولة، لافتاً إلى أن هذا العمل محرم شرعاً لما يترتب عليه من أضرار ومفاسد، فضلاً عن أنه ضرب من الكذب؛ لأنه يوهم نقاط التفتيش أنه ليس حاجاً، متسائلاً متى وبأي دليل تؤدى الفرائض مسبوقة بالكذب أو التزوير أو نحوه مما حرمه الشارع، مشيراً إلى أن عقوبه المتحايلين شرعاً إما الفدية إو اطعام ستة مساكين أو الصيام، مناشداً الجهات المختصة في المملكة وعلى رأسها إمارة منطقة مكةالمكرمة ووزارة الحج بالتدخل وتخفيض مبالغ حملات الحج الباهظة حتى يستطيع كل مواطن أو مقيم أداء فريضة الحج وعدم التحايل على الأنظمة. معصية التحايل وقال "د. خالد الحمود" -أستاذ الشريعة الإسلامية- إن التحايل إثم بدون شك؛ لأنه وقوع فيما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم من معصية ولي الأمر، مبيناً أن ارتكاب المحرمات عن طريق الحيلة أشد وأعظم إثماً، موضحاً أن العجب ليبلغ مداه حينما تعلم أن الدافع لهذا التحايل التقرب إلى الله بأداء مناسك الحج؛ فهل يتقرب إلى الله بارتكاب معاصيه والتحايل على أوامر من أمر الله بطاعتهم ونهى عن معصيتهم، ثم إن التوسيع على عباد الله وإعطاء الفرصة لمن لم يحج الفريضة أمر مطلوب؛ نظرا لمحدودية الزمان والمكان، وفي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يوحي بذلك؛ فإنه قدم مكة في رابع ذي الحجة ثم بعد طوافه وسعيه خرج إلى الأبطح ولم ينقل عنه أنه كرّر عمرة أو أتى البيت للطواف أو للصلاة، وهذا من دلالته أنه أراد أن يوسع على من قدم. وأضاف: "ليعلم أن من ترك الحج بناء على هذا فهو متعبد لله محسن إلى عباد الله ويرجى أن يُكتب له ثواب الحج ما دام أنه مديم له ولم يمنعه إلاّ العذر، وأبواب الخير مشرّعة فيمكنه أن يتصدق بقيمة حجة النافلة أو يتحمل نفقة من لم يحج فريضة، ومن جهز غازياً فقد غزا"، مشيراً إلى أن "ابن مفلح" نقل في الفروع أن "الإمام أحمد" -رحمه الله- سُئل أن يحج نفلاً أم يصل قرابته، قال: إن كانوا محتاجين يصلهم أحب إلي، ونقل "ابن هانئ في هذه المسألة: أن "الإمام أحمد" قال: يضعها في أكباد جائعة، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب عمر رضي الله عنه في وقته ويقول: "يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف"، وهو في أمر محدود من أعمال المناسك فإن علّة الخطاب يمكن بها مخاطبة من يتحمس للنفل أن ما يترتب عليه مشاق ومزاحمة وتضييق على الناس فيحتسب المرء في ذلك لله، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، ولا تكون نظرته أنانية، بل يجب عليه أن ينظر إلى أحوال عموم المسلمين ويشارك في ذلك بما يستطيع. الجهات الأمنية تضيّق الخناق على المتسللين إلى المشاعر المقدسة الحج من دون تصريح يزيد من ظاهرة الافتراش مطاردة متسللين قبل دخولهم إلى المشاعر «عدسة - صالح باهبري» أرشد خان د. محمد السهلي