في رحلة أبن بطوطة الشهيرة إلى مختلف أرجاء العالم قبل حوالي 700 سنة، وبالذات في الجزء الخاص منها بالصين ذكر أشياء طريفة ومنها عناية الصينيين في ذاك الوقت بالتوثيق الدقيق لما تحتويه السفن المسافرة والقادمة من بضائع وركاب. حيث يقوم بذلك أشخاص مكلفون ولهم صلاحية مصادرة السفينة بما فيها إذا اتضح عدم دقة المعلومات المقدمة من ربان السفينة ، ويعلق على المصادرة ابن بطوطة فيقول :« وذلك نوع من الظلم ما رأيته ببلاد الكفار ولا المسلمين إلا الصين !!! ». ومن الطريف أيضاً في رحلة ابن بطوطة مما له علاقة بالمعلوماتية، حديثه عن اهتمام الصينيين بالصور حيث يقول : «ومن عجيب ما شاهدت لهم في ذلك ، أني ما دخلت قط مدينة من مدنهم ثم عدت إليها، إلا ورأيت صورتي وصورة أصحابي منقوشة في الحيطان والكواغد (الورق) موزعه في الأسواق.......، وتلك عادة في تصوير كل من يمر بهم وتنتهي مالهم في ذلك إلى أن الغريب إذا فعل ما يوجب الفرار عنهم، بعثت صورته إلى البلاد وبحث عنه، فحينما وجد شبه تلك الصورة أخذ». دون الرحالة الشهير المقتطفات السابقة وهو يسرد رحلته إلى الصين، وكعادته في الوصف فهو يسرد الحديث ثم يعلق عليه حسب ملاحظاته، ولكنه في هذه الملاحظات يشير إلى شيء مهم في طبيعة شعب الصين من ذلك الزمان وهو اهتمامهم بالتوثيق والحزم في تطبيقها وكذلك اهتمامهم بالمعلومة وحرصهم على نشرها على أوسع نطاق للاستفادة منها فالتوثيق الورقي في معاملاتنا اليومية موجود ومشاهد وهذه الطريقة تحفظ حقوق الناس في المراسلات والتعاملات، ولكن في عصر المعلوماتية ينبغي أن يتطور التوثيق لكي يستفاد من المعطيات الجديدة للمعلوماتية في توسيع دائرة الاطلاع على المعلومات وفي تبادلها على نطاق واسع. لأن البيانات إذا أدخلت أجهزة التخزين والأرشفة ستبقى كما هي بيانات مجردة، ما لم ترتبط بغيرها من بيانات وينتج عنها معلومات محددة يستفاد منها بصور شتى وخصوصاً توسيع نشرها للجهات التي يمكن أن تستفيد منها. ويمكن أن تأخذ مقياساً لمدى تمتعك بمعطيات المعلوماتية في سرعة حصولك على المعلومة والموثقة والدقيقة، وإلا ما الفائدة من معلومة موثقة تأتي لطالبها بعد أسبوع من طلبها؟ وما الفائدة في الحصول على معلومات في وقت سريع ولكنها قديمة ولم تحدث أو أنها غير دقيقة؟!. [email protected]