كعادتها كل عام أطلقت الفنّانة باسكال مشعلاني ألبوماً غنائياً، لتكون الفنّانة اللبنانيّة الوحيدة التي تخوض غمار إطلاق عمل فنّي متكامل بعد الأجواء الضّاغطة التي عاشها لبنان في المرحلة الأخيرة، غير أنّ أغانيها كانت انعكاساً لتلك المرحلة فغلب عليها الطّابع الكلاسيكي الحزين، وتؤكّد باسكال أنّها ليست الوحيدة التي ستغنّي هذا اللون حيث ستقوم شركة «روتانا» تباعاً بإصدار ألبومات غنائيّة لا تخرج عن هذا الإطار. بعد أيّام من صدور ألبومها التقيناها، بدت سعيدة بالأجواء الإيجابيّة للعمل، خصوصاً أنّها تشعر بأنّ أغانيها ستخدمها لمدّة طويلة. معها كان هذا الحوار: ٭ أنت الفنّانة الوحيدة من نجمات الصفّ الأوّل اللبنانيّات التي أطلقت ألبوما غنائيا هذا الصيف، فهل أنت ملتزمة بتوقيت معين كل عام أياً تكن الظّروف؟ - لا بالتّأكيد، فلو لم تكن الظّروف ملائمة لما كنت أطلقت أي عمل فنّي. اليوم لم يعد بإمكاننا القول انّ الوضع في لبنان فقط ليس جيّدا، فكل بقاع الأرض لم تعد آمنة، سواء في تركيا أو لندن أو العراق، لم يعد أحد فينا يعرف ما يجري. لا شك أنّي أراعي الوضع العام، وأنا ألمح الأمل قادماً رغم كل ما جرى، هذا الأمل الذي لا يراه الكثيرون لأنّه نقطة ضوء خافت تحتاج إلى جرعة التفاؤل لتصبح مرئيّة. من جهة ثانية، عندما يكون عملي جاهزاً، أتشاءم من فكرة أن أضعه قيد الانتظار، قد أتركه شهراً أو اثنين، لكن ليس أكثر، فخلال فترة قصيرة قد يتغيّر التّوزيع والأفكار وقد يأتي من يسبقني إلى فكرة ما، ثمّ أنّي أغنّي من خلال حفلاتي أغانيّ جديدة، وصدور ألبومي قد يفرح قلوب النّاس ويعطي بهجة وأملا. ثمّة فنّانون يخشون من أن تؤثّر الأوضاع العامّة على حجم المبيع، لكنّي أنا شخصياً أعتمد على الله، والعمل الجميل يفرض نفسه. ٭ تتحدّثين عن الأمل في وقت تبدو كل أغاني الألبوم حزينة وتحمل في طيّاتها شجناً لم نعتده منك خلال فصل الصّيف الذي يفرض أغاني إيقاعيّة من نوع خاص؟ - لا يوجد سبب مباشر لكن ثمّة مزاجا يتحكّم بالفنّان كما بالإنسان العادي، في لبنان نحن نعيش مزاجا حزنا، وأنا اليوم أشعر بنوع من الحزن وربّما برومانسيّة شفّافة، لا نستطيع أن نكون منطلقين وألا نتأثّر ممّا يجري حولنا، فمنذ اغتيال الرّئيس الحريري، نعيش حزناً كبيراً هذا من جهة، من جهة أخرى كل الأغاني التي عرضت عليّ تحمل هذا النّفس الحزين، فضلاً عن أني رومانسيّة بيتوتيّة، أجلس في بيتي وأطفئ الإنارة وأشاهد غالباً أفلاماً قديمة بالأبيض والأسود، وأتأثّر بفيلم رومانسي حتّى لو شاهدته أربع مرّات. لكنّ شكلي لا يوحي بذلك لذا يصدّقني الجمهور بالأغاني الإيقاعيّة علماً بأنّي قدّمت أغاني رومانسيّة عدّة منذ بدايتي مع الغناء. ٭ هل تعيشين اليوم فعلاً فترة حزن، خصوصاً أن ألبومك الجديد بدأ يحصد نجاحاً منذ اليوم الأوّل لإطلاقه؟ - ليس حزناً بمعنى الحزن والإحباط، بل مزاجي هادىء ورومانسي، وأنا ككل اللبنانيين أشعر بهذا السّكون، وقد لاحظت هذا الأمر في حفلاتي من خلال تفاعل الجمهور معي. ٭ لاحظنا أنّ كلمات أغانيك الجديدة وأفكارها، لا تخرج عن إطار المواضيع المطروحة في الأغاني العربيّة عموماً؟ - بالعكس أغانيّ الجديدة تحمل مواضيع أغنّيها للمرّة الأولى، وألبومي يحمل في إطاره العام موضوع الحب، وهذه المرة الأولى التي أبدو فيها رومانسيّة إلى هذا الحد، ولديّ شعور أنّ هذا الألبوم سيخدمني لسنوات عدّة، لذا قد أصوّر أربع اغان. ٭ لماذا كلّ الأغاني الجديدة تبدو رومانسيّة وبعيدة عن مزاج فصل الصّيف باستثناء أغنية «الحب الكبير» لراغب علامة التي أطلقها العام الماضي ويروّجها حالياً؟ - لأنّ هذا هو المزاج العام، نحن كفنّانين لا نستطيع أن نقفز فوق مزاج الجمهور، فالفن موضة، والفنّان الذّكي هو الذي يساير الموضة، النّاس رغماً عنّا تميل إلى الحزن ونحن ملزمون بمسايرة هذا الجو. وأنا أؤكّد أن كل الإصدارات التي ستطلقها شركة «روتانا» تباعاً لن تخرج عن هذا الإطار. ٭ أليس للفنّان دور في كسر هذا المزاج العام خصوصاً أنّ أروع الإغاني الإيقاعيّة أطلقت أيّام الحرب اللبنانيّة؟ - الفنّان يستطيع أن يغنّي ما يشعر به وما يتناسب مع اللون السّائد، اللون الحزين يصل إلى الجمهور بصورة أسرع بكثير من اللون الإيقاعي، وقد لاحظت هذا الأمر من خلال حفلاتي التي أحييتها بعد أيّام قليلة من صدور الألبوم، فقد اعتدنا أن نروّج في الصّيف لأغانينا الإيقاعيّة وأن نترك الأغاني الكلاسيكيّة للشّتاء، لذا أقول إنّ النّجاح الحقيقي هو أن يصل الفنّان من خلال الأغنية الكلاسيكيّة في فصل الصّيف وهذا كسر للقاعدة العامّة. بعد أربعة ألبومات صاخبة رغبت في التّجديد، وغيّرت نحو الأغاني الهادئة بعيداً عن الإيقاع والتحدّي. ٭ العالم العربي يمر بأجواء ضاغطة، فهل شعرت أنّ الاهتمام بالفن إلى انخفاض؟ - النّاس من دون شك متعبون ومرهقون من هذه الأجواء، لكن رغم كل شيء ما زلت ألمس اهتماماً بالفن وهذا الأمر فاجأني، وقد لمست اهتماماً خاصاً بالكليب الجديد، لكن عندما تكون الأوضاع السياسيّة والأمنيّة غير مستقرّة لا يعود الفن أولويّة، أنا مثلاً من الأشخاص الذين يديرون التلفزيون في الصّباح لسماع نشرة الأخبار، لا أستطيع أن أبدأ نهاري قبل أن أطمئن أن كل شيء على ما يرام، فنحن جيل تربّى في الحرب ولم تتوقّف عجلة الحياة. ٭ هل تأثّرت حفلاتك في لبنان ومصر؟ - بالطّبع، وقد افتتحت مهرجانات الصّيف في لبنان، ولاحظت رغم انخفاض عدد السيّاح الخليجيين ارتفاع عدد المغتربين الذين يزورون لبنان هذا الصّيف من مختلف بلدان الاغتراب، الله أعطانا نعمة ان نستمر ونبني وكأن شيئاً لم يكن. ٭ كيف تقيّمين صدى ألبومك الجديد بعد أيّام من إطلاقه؟ - الحمد لله أصداء الألبوم جيّدة جداً سواء في لبنان أم في الجزائر وتونس ودبي، والكليب يجد انتقادات إيجابيّة. ٭ أنت تقريباً الفنّانة اللبنانيّة الوحيدة التي أطلقت ألبوماً غنائياً هذا الصّيف، فهل تشعرين أنّك بمنأى عن المنافسة هذا العام؟ - أنا لا أصنّف نفسي كفنّانة لبنانيّة فحسب، بل أنا فنّانة عربيّة وألبومي صدر بالتّزامن مع ألبومات كل الفنّانات العرب. أنا شخصياً أشعر بلذّة النّجاح عندما يبرز عملي مع أعمال كبار الفنّانين لأنّ العمل الجيّد يفرض نفسه بنفسه. ما يهمّني اليوم هو ردود فعل الجمهور على العمل وليس أمورا اخرى. ٭ هل أطلقت العمل في الوقت المقرّر لصدوره أم حصل بعض التّأخير؟ - لا بصراحة كنت سأطلق العمل في شهر يونيو الماضي، لكن بسبب الانتخابات النّيابيّة والأوضاع الأمنيّة غير المستقرّة لذا أجّلته شهرين. ٭ علاقتك بالصّحافة ممتازة وبعيدة عن الشّائعات، فلماذا أنت بالذّات الفنّانة التي تحظى بكل هذا الدّلال؟ - (تجيب ضاحكة) اسأليني كما سألني طوني خليفة ماذا تفعلين للصّحافيين كي يحبّوك، أنا فنّانة صريحة أحترم الصّحافة أتواصل معها بصورة دائمة، الصّحافي هو صلة الوصل بيني وبين الجمهور، بالتّالي هو ركيزة من ركائز نجاحي، فضلاً عن أنّني أتعامل مع الشّائعات بحزم، فأنا أصوّب ما يكتب عنّي كي لا تكبر الشّائعات حتّى لو كان ثمنها الشّهرة. ٭ دائماً تتم مقارنة الفنّانات ببعضهنّ البعض، فلماذا لم تقارن باسكال بأحد؟ - لأنّي فنّانة منفردة لا أقلّد أحداً، من جهة ثانية هل سمعت بأحد يقارن الأصوات؟ بكل أسف هم يقارنون الأشكال وعمليّات التجميل وشكليّات سخيفة، لكن لا أحد يتحدّث عن الألوان الغنائيّة والأداء وغيرها من الأمور الفنيّة، عندما يصبح هذا هو معيار المقارنة سأكون في رأس القائمة، أمّا عندما يتمّ الحديث عن الفساتين والماكياج فلن أكون موجودة ولا يهمني أصلاً أن أكون موجودة. ٭ نشاهد اليوم فنانّين من العالم العربي في برنامج «الوادي»، هل نستطيع أن نتخيّل باسكال نجمة الوادي في الأجزاء اللاحقة؟ - لا الأمر بعيد جداً، أستطيع أن أكون في بيتي في الوادي، فأنا أبني فيلا على الطّراز اللبناني القديم وأحب أن أزرع حديقتي وأرعى ورودي، لكن أن أرى نفسي تحت أضواء الكاميرا ثلاثة اشهر متواصلة فهذا أمر غير مقبول إطلاقاً. ٭ ما الذي يدفع الفنّان برأيك الى القبول بخوض مغامرة كهذه؟ - ربّما المغامرة والأضواء والتّجربة الجديدة. ٭ الأضواء المستمرّة ألا تؤدّي إلى ملل الجمهور الفنّان؟ - بالتأكيد ثمّة مخاطرة من هذه النّاحية لكن فلنعطي البرنامج فرصة قبل أن نحكم عليه، ونقيّم صداه. ٭ عندما تخصّص المؤسّسة اللبنانيّة للإرسال برنامجاً خاصاً بهيفاء وهبي، أليس هذا الأمر استخفافاً بكل النّجوم؟ - لا أبداً، من قال أصلاً أنّ النّجوم سيقبلون بالتواجد في الوادي، أنا مثلاً رفضت فيلماً سينمائياً لأنّه كان سيأخذ من وقتي أربعة أشهر خصوصاً أنّي مشغولة بالسفر والحفلات. ٭ لماذا برأيك يركض بعض النّجوم نحو الشّهرة بكل هذا الاندفاع، هل هي شخصيّاتهم الاستعراضيّة مثلاً؟ - ربّما، أنا شخصياً طبيعيّة وصادقة مع نفسي، أحب الوحدة والطّبيعة والحياة قصيرة أحب أن أعيشها بكل تفاصيلها.