هذه القصة سمعتها برواية الشاعر سعد بن إبراهيم الجريس وأكد لي تفاصيلها الأستاذ عبدالله بن محمد الجريس لتعلق أحداثها بأبيه وجده: جاء حجاج الشرق الذين كان طريقهم يمر على بلدة الشعراء الواقعة في شرقي جبل ثهلان المعروف، وكان مع هؤلاء الحجاج (ذلول عمانية) أصيبت (بالحفا) وهو مرض يصيب أخفاف الإبل بجروح دامية إثر طول السير في أرض ذات أحجار صلبة؛ أصيبت هذه الذلول بالحفا أثناء الطريق إضافة إلى ضعف حالها فلم تستطع مواكبة سير القافلة مما جعلهم يبيعونها بثمن بخس على إبراهيم بن عبدالله الجريس الذي يعرف أنها من الإبل الأصيلة رغم كبر سنها أخذ رميزان هذه الذلول ووضعها داخل البلد في حوش مجاور لبيت (عمر بن صعب) فلما صلى الفجر إذا عمر بن صعب يقول له: (قشراك ما خلتنا تمرح من الحنين) يعني الذلول، فقال إبراهيم الجريس بهذه المناسبة: البارحة كني على صلو منه ممس وانا كني على واهج الكير قزتني الفاطر بصوت تقله مثل الخلوج اللي تهضم على ضير يالله عسى إن كان الجهد فيه قله والوسم ريّض والركايب مقاصير انك تعبر كل حل بحله وانك تفرّجها للاجواد في خير وكان للذلول جواب نظمه هذا الشاعر على لسانها: يا (بو مسيم) العمر جاء فيه خله والامر لله فيه حكمة وتدبير اصبر على عجفاي لو دست زله وبالك تطيع بي الحكا والمشاوير باكر الى كل لحق منوة له وكل تبهج بالحيا والمخاضير تراك تلقابي شلاوي وشنه الى زمت شهب العيال المناحير حتى ليامن الخوي قيل خله وتشاوروا فيه الرخوم المعاثير تردني له لين اوديه خله وهذي سواة الخيرين بهل الخير عولجت الذلول فسلمت من مرضها وجاء الربيع فابتهجت بعشبه وزهوره فتبدل حالها وصح جسدها، فلما جاء وقت الحج حجوا أهل الشعراء وحج معهم محمد ابن الشاعر - وكان أيضاً شاعراً ويلقب ب(رميزان) ت1403ه - حج على هذه الذلول النجيبة فلما وصلوا إلى (عشيرة) وإذا أحد الحجاج الآخرين يخبرهم بأن أحد جماعتهم (محمد بن منصور) قد انقطعت به راحلته في موضع يقال له (العرفا) لأنها أصيبت بضلع في أحد قوائمها ولن تستطيع المشي؛ فكل منهم قال سأعود إلى (خوينا) ولكن رميزان أبى وحلف أن لا يرجع إلا (الذلول الماعودة) يعني راحلته؛ يشير إلى البيتين الأخيرين في الأبيات التي قالها على لسان الذلول؛ فرجع رميزان وأحضر خويهم (ابن منصور) وقضوا حجهم ثم عادوا وأخذوا راحلة ابن منصور التي أودعوها أمانة عند أحدهم.