إن الأمم المتقدمة اليوم قد حمي ميدان التنافس فيما بينها بالعلم؛ لأنه مصدر القوة المادية والمعنوية، ولم تكتف بأن تكون لها وزارة للتربية، بل زادت على ذلك فأنشأت وزارة للموهوبين والمتفوقين والمخترعين، لأنها أدركت بأنها لن تصل إلى الصدارة التي ترجوها بين الأمم ما لم تنطلق قدرات أبنائها من عقولها، وما لم ترع حق النابغين والمتفوقين فيها؛ لأنهم ركائز انطلاقتها، وعلى أكتافهم تعتمد طلائع مجدها. وأدركت هذه الأمم أن ناشئتها ما لم تضع التفوق والامتياز هدفَها الأسمى، وغايتها الأولى، فعلى مجدها وعزها السلام.. أقول ذلك بمناسبة الاحتفال، وتكريم الفائزين بجائزة حريملاء للتفوق، في عامها الأول، التي حظيت بشرف تدشين انطلاقتها من قبل صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، وحضر تتويج نجومها الشيخ الدكتور صالح بن الحميد، إمام المسجد الحرام وخطيبه، وعضو هيئة كبار العلماء، والمستشار بالديوان الملكي، وبحضور محافظ حريملاء الأستاذ صنهات الغييثي، وحشد كبير من الضيوف والأهالي.. وفي أمسية جميلة أقيمت يوم الجمعة الماضي، تم من خلالها تتويج 29 فائزاً وفائزة في مختلف المستويات، بدءاً من الثانوية العامة والبكالوريوس، ومروراً بدرجة الماجستير، وانتهاء بدرجة الدكتوراه. ولعل هذه الجائزة تعد واحدة من النوافذ المضيئة التي تشير بجلاء إلى أهمية التعليم والعلم في نفوس أهل حريملاء، وحرصهم على خلق روح المنافسة الشريفة بين الطلاب والطالبات في مجالات التحصيل العلمي والتفوق، وهم بالتأكيد -أي الطلاب- ركيزتنا التي يقوم عليها الفعل المستقبلي، وهم الأمل في بناء النهضة والحضارة، وقيادة قاطرة التنمية في مجتمعنا بإذن الله. وقفة: إن تفاعل الأهالي، بكل حرص واهتمام، وتكفلهم بإنجاز العديد من مشاريع التنمية، وإنشاءهم عدداً من اللجان، وعلى نفقتهم الخاصة، لتعم بنفعها الجميع، بحق إنها صورة مشرفة، وتجسد صورة جميلة من التكافل والقرب الاجتماعي. ومحافظة حريملاء هي مسقط رأسي، وكل ما فيها سيظل محفوراً في ذاكرتي، ولكن الدرس الأغلى هو كيف يمكن أن ينعكس الانتماء والترابط والولاء للمدينة إلى خير للجميع.. وأهالي حريملاء نموذج يحتذى بهم في ذلك. أخيراً: أبقى شكر هو أن ندعو - بظهر الغيب - لكل من بذل ويبذل من الجهد والعطاء من أجل الارتقاء بهذه الجائزة، وتحقيق أهدافها، وكذلك بقية النشاطات والمشروعات الأخرى التي تعود على المحافظة وسكانها بالخير والفائدة.. والدعاء موصول للفائزين، متمنياً لهم المزيد من الرفعة والتفوق.