استاءت "هيفاء" من وضعها داخل الإدارة التي تعمل بها، فوجدت بيئة غير مناسبة للعمل، وتحديداً مع محاولة ظهور كل زميلة بالمظهر اللائق أمام المديرة على حساب الأخرى، حتى وصل الأمر إلى أن احدى الموظفات المقربات خافت من أن تحتل زميلتها مكانةً لدى المديرة؛ لخبرتها الإدارية السابقة، فأصبحت تنسب ما تعمله الأخريات لها، لكسبها والظهور أمامها بأنّها الوحيدة التي تعمل بكل جدارة. حاولت "هيفاء" حلّ المشكلة التي أرهقتها بل جميع زميلاتها يشتكين منها، ولم تستطع إيجاد مدخل مناسب؛ لعدم إصغاء المديرة لأي موظفة، فما كان أمامها سوى البقاء في مكان عملها من دون تدخل بأي أمر، وعدم عمل أي شيء إضافي غير ما يُطلب منها، وحُطمت آمالها، وأصبحت لا تبحث عن التجديد؛ لأنّها مهما بحثت عنه فسينسب لغيرها!. الخوف من المنافسة وذكرت "الهنوف سالم" أنّ العديد من الموظفات -خاصة الذين لهم سلطة لدى المديرة ولا تسمع من سواهم- تحاول قمع الموظفة الجديدة، ولو كانت ذات سمعة طيبة في مكان آخر، فيحاولون جاهدين بعدها عن الأنظار، حتى لا يكون بينهم منافسة، وربما تكون هي أفضل منهم في الخبرات السابقة، وبجدارتها وخبرتها قد تكون أكثر قبولاً لدى المديرة، وربما يؤدي إلى ظهور عيوب الموظفة السابقة التي طالما خبأتها عنها، حيث تظهر مع جدارة الموظفة الجديدة، مبيّنةً أنّ البعض مهما حاولوا قمع الموظفة الجديدة فسيأتي يوم وتظهر جدارتها في مكان آخر إذا كان لديها حافز لحب العمل وثقة بالنفس؛ لأنّه مهما حاول الآخرون تحطميها أو إبعادها عن المكان فحتماً ستنجح ذات يوم، وستعلو مكانتها وتأخذ ما تستحق من مكانة. حُب المركزية ولفتت "لمى الحماد" إلى أنّه في كل مؤسسة يوجد فيها منافسون، لكن تختلف درجة التنافس فيما بينهم، وربما تختلف حدته ليتحول إلى تنافس غير شريف وحاولة بعض الموظفين تملك كافة الصلاحيات؛ ليكون هو الأجدر، وهو محط المركزية في كل شيء، بحيث يكون ملماً بكافة الأمور، ويحاول أن لا يعطي أي معلومة عن العمل الذي ينفذه، لخوفه من سحب بساط المركزية عنه، منوهةً بأنّه في حال تغيب هذا الشخص تكون المشكلة أكبر في عدم قدرة من حوله إتمام العمل، وربما يكون المدير ذاته غير مبال بما يكون، واحساسه بأنّ المركزية هي من تنجز العمل على أتم وجه، لكن في الحقيقة غير ذلك؛ لأنّه من المستحيل تحمل موظف واحد أعباء وظيفية متعددة، ولو تحملها فلن يكون هناك إنجاز مجد، وسيكون هناك ركاكة في العمل. راحة نفسية ورأت "هدى المسعري" أنّ تكرار محاولة الموظفة إبراز نفسها عن غيرها من الموظفين وأخذ مكانتهم لا توليها أي اهتمام، معتبرةً البعد عن ذلك الأمر تخفيف من أعباء العمل، ويكون الطرف الآخر هو المسؤول عن كل خطأ عندما يحدث عند الرئيس المباشر، مضيفةً: "عندما يطلب مني أي أمر فإني أنفذه بكل دقة، بعيداً عن المنازعات والمنافسات التي تحدث حولي، ومهما حاولوا أخذ كل شيء في النهاية أجدهم مرهقين نفسياً وجسدياً، ولا شيء يحصلون عليه إلاّ الثناء من بعض من حولهم، وربما لا يجدونه، ومع ذلك نجد أنفسنا متساوين في كل شيء، سواءً في الراتب الشهري أو التكريم، فابتعد عن المنافسة بعمل محدد من دون التدخل في شؤون الآخر، وأحصل على الأهم من ذلك الراحة الجسدية والنفسية". كلمات مؤثرة وبيّنت "وسمية محمد" أنّها لا تمانع من وجود موظفة جديدة تحاول التقرب الى الرؤساء بتقديم الخدمة لهن؛ لأنّها تخفف العبء الكبير الذي تتحمله، وربما لا أحد يتقنة، متمنيةً أن يساعدها شخص متمكن مثلها، لكن الكلمة التي طالما تسمعها وتتردد ممن حولها "انتبهي لا تأخذ مكانك" تؤثر فيها، حتى جعلوها تخشى من هذا الأمر، مضيفةً: "بعد ذلك أصبحت أخاف من أن تسحب البساط من تحتي، أو أن تفرط المديرة في قدرتي؛ لأنّها وجدت من هي أكفأ مني، ومع تكرار الكلمة وترسخها في ذهني؛ صرت أخشى من هذا الأمر وأحاول أن أنجز كل شيء من دون طلب، ولو لم يكن بجودة عالية واتقان، لكن الأهم أن لا تأخذ الموظفة الجديدة مكاني، فكلمات من حولنا قد تؤثر بشكل سلبي كبير على عملنا، من دون النظر إلى الجانب الإيجابي منها والنية الصادقة". حق المنافسة واعتبرت "منال العتيبي" أنّ منافستها حق من حقوقها ولابد أن يحترم، وأن يأخذ كل ذي حق حقه، سواء من قبل المدير أو الموظفين أنفسهم، مضيفةً: "على المسؤول عن المؤسسة أياً كان رجلاً أو امرأة مراقبة ذلك، وعدم تميز موظف عن حساب الآخر، والتأكد على من عمل أي شيء والتأكد بسؤال الموظف ولو كان بسيطاً؛ لأنّ من يؤدي عملاً ما سيلم بكافة جوانبه، ومن المستحيل أن يكرر سكرتير المدير أنّه هو من عمل هذا العمل، وسيجعل الموظفين عندما يدركون هذا السؤال بمحاوله المنافسة الشريفة، وعدم جرأتهم على نسب عمل الآخرين لهم، وسيجعلهم يبحثون عن كل جديد ومتميز يرضي المدير". أسوأ ما يكون عليه الموظف حين يُحبط ويحوّل عمله إلى «وظيفة» خالية من الإبداع ثقة بالنفس وقالت "أسماء الضبع" -خبيرة التنمية البشرية-: "عدم احسان الظن بالله ثم بالنفس من الأسباب التي تجعل بعض الموظفين يخافون ويقلقون ويرتابون، ويحاولون إبراز أنفسهم من دون الآخرين، خاصةً عند قدوم موظف جديد، فهم يخافون من زعزعة مكانتهم وأن يحتلها القادم الجديد، أو يأخذ نصيباً من محبتهم في قلب المدير، أو درجةً على سلم الترقيات، وبعض الموظفين يحب أن يحافظ على تميزه دون الآخرين، ويحاول أن يكون الأفضل بأخذ الصلاحيات منه، وذلك أحد أنواع المنافسة غير الشريفة، والتي سترهقه عصبياً ونفسياً، فهو سيركز دائماً على الموظف الآخر، وخطواته، وما عمله، وما لم يعمله، بدلاً من أن يركز على نفسه، وما يستطيع هو فعله لكي يكون أفضل، ومن المفترض أن نتعلم من الموظف الجديد، ونقتدي بها في هذا الجانب، ولكن تظل لنا خطواتنا من دون أن ندخل في مقارنات لا طائل من ورائها، وأن يتعلم كل منا أن لا يتحدى إلاّ نفسه، فهذا هو خير تحد، وأن يكون غدنا أفضل من يومنا، ويومنا أفضل من أمسنا، فهذا هو التحدي الحقيقي الذي يجب أن نعيشه، والذي سيفجر كل الطاقات الكامنة بداخلنا، ويعزز من ثقتنا بأنفسنا، وستتحسن علاقاتنا بالآخرين، فنحن لا نركز عليهم، ولا على خطواتهم، وترقياتهم، وصلاحياتهم، ونجاحاتهم، أو العكس، ولكن نحن نتمنى للجميع الخير، ونلوم أنفسنا، ونحثها، ونحفزها، نحو الأفضل". تحفيز خارجي وأضافت: "دور المدير يكون بالتحفيز الخارجي، وهو إحدى المهام الأساسية في الإدارة الحديثة أن يهتم المدير بالتحفيز، وأن لا يفاضل بين الموظفين، ولا يعقد مقارنات علنية بينهم، ظناً منه أنّ هذا سيشحذ هممهم، ولكنه في الحقيقة سيوغر صدورهم، وعليه أن يتعامل مع كل موظف كحالة فردية بكل ما يمتلك من قدرات، ومواهب، ومهارات، وعليه أن يعظم إنتاجية كل فرد، فلا تعارض بين منفعة الموظف وبين تحقيق منفعة الشركة، بل بالعكس كلما ارتبطت منفعة الموظف الشخصية القريبة بمنفعة الشركة كلما كان تحقيقها أسهل، كما أنّ على المدير اكتشاف الجوانب الإيجابية في كل موظف، وتعزيزها، والثناء عليها، مع ضرورة عدم مقارنة شخص بآخر، فقد يكون أحدهم متميزا بفعل شيء ما، كأن يكون متميزاً في استخدام الحاسب بينما الآخر متميزا بقدرته على خلق العلاقات مع العملاء، والتواصل الراقي معهم، وقد يكون الآخر متفرداً في مهارات المحاسبة، فلو قارنا بينهم فكأننا نقارن بين عمق المحيط، وارتفاع السماء، وسرعة القطار، فلا وجه للمقارنة". تكريم رمزي وأشارت إلى أنّ كل موظف قد يكون ثروة بحد ذاته إن أحسنا استثماره، واكتشافه، وإجادة التعامل معه، وينبغي على المدير أن يتابع عن كثب ولا يكون دائم التغيب عن موظفيه، فلا يعرف من فيهم الذي يعمل، ومن فيهم الكسول، ولا يعلم عنهم شيئاً إلاّ من خلال تقارير صماء -إن وجدت أصلاً- أو من خلال رأي طرف ثالث قد يكون متحيزاً، أو رؤيته القاصرة بسبب تغيبه، وهذا هو ما يدفع الموظفين للاقتتال على إبراز أنفسهم بأي وسيلة له، إلى جانب وضع معايير وتثبيتها للترقيات، والحوافز، والكفاءات، والرواتب، وغيرها فكل هذا من العدالة والانصاف؛ مما يشعر الموظفين بالأمان والاستقرار وأنّ ادارتهم واعية، وأنّه لا داعي للتناحر من أجل الظهور أمام الادارة، إضافةً إلى أنّه لابد من إظهار ذلك والتأكيد عليه من حين لآخر بعمل تكريم لكل من يستحق التكريم بناء على المعايير الموضوعة والمطبقة بعدالة، حتى ولو كان تكريماً رمزياً أو معنوياً بسيطاً، ولكنه قد يكون بالغ الأثر لدى الموظفين. التعاون مع الزملاء يزيد من إنتاجية وجودة العمل