قبل توحيد المملكة على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله كانت الأنشطة الاقتصادية في نجد يشوبها الكثير من الصعوبات والتي أثرت تأثيرا بالغا على الحركة المعاشية للسكان. فالاعتداءات المتكررة على القوافل التجارية في حالة عدم دفع (الحوة) كانت حاضرة وحالات التمرد من بعض أفراد القبائل في صحراء نجد عندما تصدر السلطة المحلية المتواجدة في المدن عقوبات عليهم لإثارتهم القلاقل للقوافل التي تمر من أرضهم إضافة إلى صعوبة أخرى تكمن في كثرة الضرائب التي تفرض على التجارة كذلك إلى الاضطرابات السياسية كالحروب الداخلية والخارجية والتي تجرع مرارتها الكثير من قاطني نجد الذين فقدوا الأمن والرخاء في حياتهم، وذاقوا ألم المعاناة في تنقلاتهم فلم يكن هناك وسيلة للمواصلات إلا سفينة الصحراء والتي تحمل على ظهرها المؤن التي يحتاجها السكان. النشاط الاقتصادي في إقليم نجد كان يتركز على تربية الجمال والمواشي، وقد امتد نشاط البدو ليتجاوز حدود أرضهم ليصل إلى المدن، فهناك باعوا منتوجاتهم الحيوانية واشتروا من أسواقها ما هم بحاجة إليه كالسكر والبن والأرز والمصنوعات المنزلية والحلي الفضية والذهبية، وبهذا يكونون قد طوروا مهمتهم الاقتصادية ووسعوا دائرة وظيفتهم بأن أضافوا إلى وظيفة الرعي وظيفة تجارية، كانت نتيجة لعلاقات التبادل الاقتصادي مع أسواق المدن والقرى وأحيانا مع القرى الكبيرة ذات الأسواق الأسبوعية كسوق الخميس والاثنين. وتطورت بعد ذلك الأنشطة الاقتصادية لمن يعيش في صحراء نجد حيث جمعوا بين وظيفتين اقتصاديتين الرعي والزراعة ليطلق عليهم البدو نصف الرحل لأنهم لم يتفرغوا للرعي بل عملوا على جني ثمار المحاصيل الزراعية. يقول الدكتور فايز البدراني باحث في تاريخ الجزيرة العربية إن السكان في نجد، كانوا ينقسمون إلى بادية وحاضرة ففي القرى والأرياف والحواضر كان يتركز نشاطهم الاقتصادي على الزراعة، مضيفا بأن تجار أهل نجد الذين يسافرون بتجارتهم إلى الشام ومصر ويسمون ب"عقيل" كانوا يصدرون الماشية من الإبل والغنم والخيل مشيرا بأن الماشية في نجد كانت كثيرة. وأفاد البدراني أن هناك تجارا من أهل نجد تخصصوا بأن يشتروا من البادية والحاضرة مجموعات من الإبل والخيل العربية الأصلية ليصدروها إلى العراق والشام والتي كانت في ذلك الوقت غنية، مبينا أن أهل نجد قبل 50 سنة من فتح الرياض كانت أهم مظاهر تجارتهم تصدير الماشية للدول المجاورة بالقوافل التي يطلق عليها (عقيل) أما بالنسبة للزراعة كانت حواضر نجد في واحات الرياض العارض وسدير والقصيم والأحساء مشهورة بإنتاج التمور والقمح. د. فايز البدراني وكشف الباحث في تاريخ الجزيرة العربية أن دولا عظمى كبريطانيا كانت ترسل وفودا لشراء الخيل العربية الأصيلة نظرا لأنها تختلف عن الأوربية لقوتها ولتحملها جميع المصاعب موضحا بأن البادية كانت تعتمد على تربية الماشية من الإبل والأغنام وحتى الخيول، وقد كانت هناك مرابط للخيول والتي تعد موردا اقتصاديا مهما مضيفا بأن الأوربي كان يحلم بامتلاك حصان عربي أصيل. وقال البدراني إن الصعوبات التي كانت تكتنف التجارة في نجد، تتمثل في عدم وجود استقرار فكان الأمن مفقودا والتجارة والاقتصاد لا تزدهر إلا بوجود الأمن، فالتجار يعيشون في قلق دائم ومشاعر الخوف من العدو الغاشم تسيطر عليهم، ولا يستطيعون إرسال تجارتهم إلى خارج محيطهم، مشددا على أن غياب العدل قبل توحيد المملكة ساهم في اجهاض الكثير من الجهود الاقتصادية. ويشير البدراني إلى صعوبة أخرى تتمثل في وسيلة التنقل حيث كان سكان نجد يعتمدون على الجمل في تجارتهم، وكانوا يتعاملون مع بعض التجار الذين يأتون ببعض البضائع من الهند عبر بحر الخليج العربي في دولتي الكويت والبحرين. ويؤكد الباحث في تاريخ الجزيرة العربية أنه بعد توحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز تغيرت الحالة المعاشية للسكان فالأمن والاستقرار والرخاء والطمأنينة تحققت لقاطني الجزيرة العربية فأصبحت البلاد مثالا يحتذى به في شتى المناحي.