لم يكن العرب على خطأ حين قالوا:»شرّ البلية ما يضحك». تبلغ البلية قوتها وتضرب بسوطها حين تكون مضحكةً إلى درجةٍ تختلط معها حالة الحزن العميق، بحالة الضحك الهستيرية. قبل أيام واجهت المحكمة الشرعية في حوطة بني تميم موظفيها بسلة من الاتهامات والمخالفات الوظيفية، متوعدة بمتابعة المقصرين، وذلك بحسب جريدة «الشرق» وطبقاً لوثائق فإن رئيس المحكمة اعتبر حلق اللحية وإسبال الثياب والحديث في الرياضة من المخالفات التي نبه إلى أنه سيتخذ إجراءً بحق مَنْ يرتكبها! بمعنى أنك حين تأتي إلى العمل لا تتحدث عن الرياضة مطلقاً، حتى وإن تناولت الجريدة ومررت على صفحات الرياضة يجب أن تقفز إلى ما بعدها. أما حلق اللحية فأمرها عجيب، ذلك أن هذه المحكمة تحولت إلى محكمة تفتيش وليست محكمةً عدلية. حين يراقب الموظف بهذا النمط الشكلي يتراجع العمل، ولو أن الرقابة كانت على أداء الموظف وإنتاجه وطريقة عمله لقلنا إن هذا يمكن استيعابه. لكن أن تتم مراقبة وملاحقة الموظفين بأشكالهم وأزيائهم وتحديد الموضوعات التي يتكلمون فيها وعنها حينها نحن أمام محكمة تفتيش. حلق اللحية ليس بالأمر الجلل، ولا بالخطب المخيف، إنها مسألة خلافية، وكذلك الحديث عن الرياضة لا معنى لمنعه وإجبار الموظفين على ذلك. التعميم الذي أرسله رئيس المحكمة تضمّن أيضاً التحذير من تبادل الأحاديث والتحديات الكلامية بين الموظفين حول المباريات والأندية، ووصف اللاعبين وسرد قصص التجارب التي لاعلاقة لها بالمحكمة بصوت مرتفع دون الإحساس بمسؤولية العمل. أعمال الناس وإنجازاتهم لا تقاس بطول اللحى، ولا تقاس بمستوى الكف عن الحديث عن الرياضة والرياضيين، والأندية واللاعبين، ولو أخذنا كبار الإداريين في العالم بشركات أبل وقوقل وسامسونج وسواها لن نعثر على طول اللحى، ولا على الالتزام بسمت الحديث، ولكن سنعثر على إداري محنك، استطاع أن يحوّل مؤسسته إلى جزء من جيوب العالم ومن أيديهم وأكفّهم. *بآخر السطر، ليت أننا انتبهنا لمستوى القضاء وتطويره، وليت أننا تأملنا في أداء القضاة ومستويات أحكامهم ومحسوبيات بعضهم، وذلك بدلاً من الحديث عن اللحية، أو منع الثناء على الأندية واللاعبين. بالفعل شر البلية ما يضحك، أوَ يلزم الإنسان بشكلٍ لم يختره بناءً على تعميم إداري؟!