بعد يوم واحد فقط من وقوع كارثة المد البحري المفجعة في دول آسيا «تسنامي»، وفي كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي تحديدا هب فريق من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إلى الدول المتضررة، لتحديد متطلبات واحتياجات المنطقة، والتأكد من قدرة البرنامج وشركائه في مجال العمل الإنساني لبدء العمل مباشرة. وفي الوقت الذي انطلق فيه هذا الفريق الذي كان معظم أفراده من خارج المنطقة العربية، لإيصال المواد الإغاثية إلى المتضررين في كارثة تعد الأسوأ في التاريخ، كان برنامج الأغذية العالمي يهيء شاباً سعودياً مولعاً بالأعمال التطوعية، المدعمة بخبراته التي اكتسبها في هذا الشأن من خلال مشاركته الفاعلة في توزيع التبرعات الأغاثية والأعمال الإنسانية التي قدمتها بلاده - المملكة العربية السعودية - للكثير من الدول المتضررة في جميع أصقاع الأرض. لم ينتظر هذا الشاب كثيراً وهو يفرك يديه متحمسا للدخول إلى معترك حياة التضحية، إذ سرعان ما أعلن البرنامج عن انضمام الأستاذ عبد العزيز محمد الركبان ليكون سفيرا خاصا للبرنامج في المملكة، وينضم إلى ذلك الفريق كأول سعودي ينال هذا المكانة المرموقة في أكبر وكالة للشئون الإنسانية في العالم. يقول الأستاذ عبد العزيز الركبان في حوار له مع «الرياض» بعد عودته من أول جولة ميدانية إنسانية له ضمن عمل البرنامج شملت المناطق الأكثر تضررا من كارثة المد البحري في اندونيسيا وسيريلانكا، أن السعودية تعتبر من أكثر الدول تفاعلا مع كارثة «تسنامي»، «ووعدتنا بتقديم مساعدات أكثر للمتضررين مستقبلا». وأفاد الركبان أن الهدف من جولته الميدانية في الأقاليم المتضررة في «بندا أتشه» وغيرها كان بهدف الوقوف الميداني على مشروع الطوارئ الذي ينفذه برنامج الأغذية العالمي لصالح ضحايا المد البحري هناك، ووضع آلية واضحة يتم من خلالها التنسيق مع الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية لتقديم الدعم الإغاثي، من خلال تضافر الجهود الإنسانية في إيصال المساعدات السعودية الغذائية خلال شهر رمضان للمحتاجين بأفضل وأنجح الطرق الممكنة لذلك. وناشد سفير برنامج الأغذية العالمي في السعودية المجتمع الدولي بمضاعفة الجهود المبذولة بالنيابة عن الجوعى البالغ عددهم 800 مليون شخص منهم 300 طفل، ببذل المزيد لإنقاد المنكوبين في ظل النقص الحاد في موارد التمويل لدى البرنامج...إلى التفاصيل: ٭ «الرياض»: بداية ما هو الهدف من الجولة الميدانية التي أجريتموها أخيرا في الدول التي تضررت من كارثة المد البحري «تسنامي»؟ - الركبان: الحقيقة كان الهدف من الزيارة للدول الأكثر تضررا من كارثة المد البحري في اندونيسية وسيريلانكا، هو الوقوف الميداني والإطلاع من خلالها على مشروع الطوارئ الذي ينفذه برنامج الأغذية العالمي لصالح ضحايا المد البحري هناك، بهدف وضع آلية واضحة يتم من خلالها التنسيق مع الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية لتقديم الدعم الإغاثي، من خلال تظافر الجهود الإنسانية في إيصال المساعدات السعودية الغذائية للمحتاجين بأفضل وأنجح الطرق الممكنة لذلك. تلهف على التمور السعودية ٭ «الرياض»: إذاً كيف كانت الجولة بشكل عام؟ * الركبان : إنتقلنا من جاكرتا - العاصمة الاندونيسية - إلى عدد من القرى المتضررة ضمن إقليم بندا أتشه ومنها إلى منطقة تشالنغ باستخدام الطائرات المروحية العائدة ل UNHAS وهي عملية الطيران الإنساني التي يديرها برنامج الأغذية العالمي كونه المنظمة المسئولة تحت مظلة الأممالمتحدة عن مهام النقل والأعمال اللوجستية، وكذلك ذهبنا إلى قرية كروينج سابي وهي من المناطق المتضررة والتي يقطن أبناؤها في مخيمات مؤقتة ريثما يعاد بناء منازلهم، وتمت مراقبة عمليات توزيع المساعدات الغذائية المكونة من الأرز والسمك المعلب وغيرها من المواد الغذائية الأخرى، وقد أعددنا تقريراً شاملاً عن الوضع المتردي هناك، بسبب نقص الغذاء بشكل عام، وأتمنى أن لا يستمر هذا الوضع المأساوي كثيرا خاصة مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، وقد لفت انتباهي تلهف المتضررين على طلب الأرز والزيوت النباتية إضافة إلى التمور السعودية. مسنٌ يفقد 35 شخصا من أسرته ٭ «الرياض»: ما هي المواقف الإنسانية المؤثرة التي واجهتكم خلال الزيارة؟ - الركبان: جميع المشاهد في المناطق المتضررة كانت مؤثرة، لكن كان أشدها تأثيرا هي حالة رجل مسن يعيش في قرية تشالنغ التي قضى عليها المد البحري كلياً، حيث فقد هذا العجوز 35 شخصا من أفراد أسرته وأقربائه في الكارثة، وقد قمنا بزيارة هذه المنطقة ولوحظ أن الأهالي ما زالوا يقطنون في بيوت مؤقتة مصنوعة من الخشب والقصدير، وقد تأثرت فعلا بذلك الرجل المسن الذي عانقني ودموعه تنهال من عينيه وطلب مني أن تستمر المساعدات في إنقاذ أرواح الناجين من الكارثة، وكان هذا العجوز مشغولا في إعادة بناء مأوى صغير مكون من غرفة واحدة، تضم أفراد أسرته الذين نجوا من الكارثة، وقد أختار مكانا مرتفعا من الأرض لبناء عشته، تخوفا من أن يأتي مد آخر ويقضي على بقية أسرته، فقد كان هذا الرجل يعيش أشد المعاناة في الحصول على الغذاء والماء وهي حياة الصراع من أجل البقاء لتأمين لقمة عيش تسد رمق فلذات كبده الصغار. مسجد القرية بقى صامدا ومن المواقف المؤثرة أيضا أنه خلال زيارة قرية لومباك تبين أن هذه القرية كان يقطنها أكثر من 8500 نسمة قبل كارثة المد البحري، في حين لم يبق سوى 10 في المائة من سكان هذه القرية على قيد الحياة وهم 750 إنساناً ويعيشون في العراء بعد أن فقدوا كل شيء حتى ملابسهم التي كانوا يرتدون لستر عوراتهم، في المقابل حفظت القدرة الإلهية مسجد (جامع) القرية قائماً على حاله باستثناء بعض أجزائه البسيطة التي انهارت من قوة الكارثة في منطقة اختفت جميع معالمها وسويت مع الأرض، في حين أن هناك سفينة للتوليد الكهربائي تزن مئات الأطنان قذفها المد البحري لأكثر من ثلاثة كيلو مترات إلى داخل منطقة بندا أتشه. «بندا أتشه» خيام وعشش من ألواح الخشب ٭ «الرياض»: كيف رأيتم الوضع على الطبيعة بالنسبة للمدن والقرى الأكثر تضررا؟ - الركبان: الحقيقة أن هناك الكثير من المناطق التي لحقها الضرر أو تأثرت بالكارثة، لكن اللافت للانتباه أن قرية تشالنغ أصيبت بقوة وذلك لأنها تقع في رأس مقاطعة أتشه وبالتالي أتاها المد البحري من الجهتين الشرقيةوالغربية، كما أنه ملاحظ وبالرغم من كل الحديث عن مشاريع إعادة البناء والإعمار، إلا أنه يصعب ملاحظة أي تطور على الأرض، فلا يزال الناس يعيشون في خيام وبيوت من الألواح الخشبية المؤقتة، كما يوجد في «بندا أتشه» مخيم للنازحين في منطقة كرونغ كت التي تبعد نحو 30 كيلو جرام عن «بندا أتشه» والذي يقيم فيه أكثر من 350 أسرة فقدت منازلها وسبل عيشها بالكامل، وقد تم توزيع المساعدات الغذائية عليهم عن طريق أحد الشركاء الدوليين لبرنامج الأغذية العالمي. وضع مأساوي..وعمل منظم! ٭ «الرياض»: كيف رأيتم تفاعل المنظمات الأهلية الدولية في السيطرة على الوضع المأساوي هناك؟ - الركبان: لاحظنا أنه يوجد هناك عدة منظمات أهلية دولية NGO تعمل بكل نشاط، ومن بينها مؤسسة إسلامية واحدة وهي الإغاثة الإسلامية التي تتخذ من لندن مقراً لها. كما يوجد مركز إقامة مؤقت لمجموعة من المتضريين، ويعطي المركز لكل أسرة غرفة ويتشاركون في المطابخ والمياه والخدمات الأخرى، كما توجد مدرسة صغيرة للأطفال ومشرفين يقدمون مجموعة خدمات تعليمية وترفيهية، والحقيقة تقال بأن هذا المركز يقوم بجهود جبارة ومتميزة لكنه للأسف لا يستوعب أكثر من 100 أسرة، وتم خلال زيارتنا الأخيرة للمنطقة المتضررة الوقوف على المرفأ الذي ترسوا السفن المحملة بالمواد الغذائية والتي تفرغ بمستودعات برنامج الأغذية العالمي وعددها 12 مستودعا ومنها توزع المعونات إلى كافة المناطق في الشمال. وتضم هذه المستودعات كميات من المواد الغذائية من الأرز والسمك المعلب، حيث يتم تحميل هذه المعونات بإشراف مدير العمليات اللوجستية هناك خلال 24 ساعة إلى مناطق التوزيع بموجب خطط توزيع تصل من مركز العمليات في بندا أتشه، والحقيقة أنه على الرغم من أن الموقع ليس مرفأ مجهزا بشكل كامل، إلا أن عمليات التفريغ والنقل تسير بشكل منتظم وفعال. النمط الغذائي..والأرز المفقود ٭ «الرياض»: هل كان لكم أي ملاحظات على نوعية الأغذية التي كانت تقدم للمتضررين، خاصة وانكم شاركتم في تقديم المعونات للمتضررين خلال جولتكم الأخيرة في تلك المناطق؟ - الركبان: الحقيقة أن هناك جملة من الملاحظات التي شاهدناها عل الطبيعة، لكنها لا تعتبر جوهرية ويمكن معالجتها مع الوقت، لكن هناك ملاحظة تم وضعها في عين الاعتبار وهي أن بعض المعونات الغذائية التي تقدم للأسف لا تشكل جزاً من النمط الغذائي لأهالي المنطقة، الذين هم في كثير من الأحيان لا يستهلكونها بشكل كبير، في الوقت الذي يفتقدون لكميات كافية من الغذاء الرئيسي الذي يفضلونه وهو الأرز الذي يعتمدون عليه كطعام مفضل في جميع الوجبات اليومية. كما أن هناك بعض الجهات - بدون ذكر أسماء - تعمل على توزيع بعض أنواع الأغذية على المارة بما فيهم أجانب وعاملون في المساعدات الإنسانية وغيرها، وهذا يعني أنه لا توجد معايير للتأكد من أن هذه الأغذية تذهب إلى جائع أو محتاج، وبالتالي يصبح هناك نقص في دعم وإغاثة الفئات الأكثر حاجة أو الأكثر تضرراً، لكن في النهاية نقول ان هذا العمل خيري ويرفع من معاناة الناس والمحتاجين. تغذية مدرسية..وبسكويت للطاقة ٭ «الرياض»: ما هي المناطق المتضررة التي شملتها الزيارة الميدانية؟ - الركبان: شملت الزيارة الميدانية معظم المناطق المتضررة إضافة إلى العاصمة جاكرتا و ضواحيها حيث ينفذ برنامج الأغذية العالمي مشروعاً لمكافحة الفقر و مساعدة أفقر الشرائح الاجتماعية التي تضررت بسبب الانهيار الاقتصادي الذي حدث في أواخر التسعينات، كما تم الوقوف على عدة أنشطة منها: - التغذية المدرسية حيث يقدم البرنامج وجبات مدرسية، خاصة البسكويت عالي الطاقة للأطفال لمنحهم أكثر من 650 سعرة حرارية في اليوم لإكسابهم مناعة وقوة نمو أثناء تلقي التعليم، إضافة إلى أن هذه الوجبات تعتبر حافزاً للأهالي لإرسال أبنائهم إلى المدارس بدلاً من إرسالهم إلى العمل، حيث يحصل نحو 359 ألف طفل على المساعدة الغذائية في اندونيسية، خاصة المناطق الأكثر فقراً مثل تيمور الغربية وضواحي جاكرتا الفقيرة. اطعام الأمهات والحوامل والمرضعات - مشروع دعم الأمهات الحوامل والمرضعات واللواتي لديهن نقص في التغذية مما يؤثر على حياة وصحة الجنين أو الرضيع، ويستفيد من هذا النشاط نحو 129 ألف امرأة وينفذ المشروع عن طريق مستوصفات حكومية وأخرى عائدة لمنظمات أهلية. - مشروع تغذية الأطفال دون الخامسة ويساهم البرنامج في دعم حوالي 193 ألف طفل يعانون من سوء حاد في التغذية يؤدي إلى قصور في النمو وفي بعض الأحيان إلى الوفاة. - مشروع دعم المستوصفات الصحية التي تعالج السل وتقدم المساعدة الغذائية المدعومة بالمقويات لنحو60 ألف مريض بالسل. - مشروع دعم الأكثر فقرا في المناطق المدنية في جاكرتا وسوربايا حيث يقدم الأرز بسعر يعادل ثلث سعر السوق وذلك لمساعدة الأسر الفقيرة على ضمان حد أدنى من الغذاء، ويستفيد من هذا النشاط نحو 690 ألف إنسان. أطفال الشوارع - بناء ودعم مركز إعادة تأهيل أطفال الشوارع حيث يتعاون البرنامج مع منظمات أهلية تقوم بإدارة هذه المراكز وتقدم المساعدة لنحو 1000 طفل ويأمل البرنامج بتوسيع هذا النشاط لمساعدة عدد أكبر من الأطفال الذين يعيشون في الشوارع بسبب فقرهم ويقومون بأعمال مختلفة للحصول على لقمة العيش. - برنامج الأنشطة الغذاء من أجل العمل والغذاء من أجل التدريب وهي أنشطة يستفيد منها نحو 290 ألف فرد من الجماعات الأكثر ضعفاً في المجتمع، ويهدف التدريب إلى منح الفقراء وخاصة النساء مهارات تساعدهن على كسب عيش كريم يوفر لأسرهن مقومات الحياة. والحقيقة أنه كان لهذه الزيارة وقع وتأثير كبير، حيث أنني لم أكن أتصور وجود فقر مدقع بهذا الشكل وأوضاع اقتصادية متردية إلى أبعد الحدود في ضواحي المدن الرئيسية مثل جاكرتا. تواجد سعودي ٭ «الرياض»: هل بحثتم مع المسؤولين في إندونيسية آلية لإيصال التبرعات السعودية لمنكوبي تسونامي؟ * الركبان نعم لقد قابلت أنا وزميلي في الرحلة الدكتور طارق شيا المسؤول الإقليمي لعلاقات الدول المانحة في البرنامج، عددا من المسؤولين هناك ومنهم الدكتور ريسمان موسى نائب منسق الشؤون الدينية والثقافية في مجلس الوزراء الإندونيسي، وبحثنا معه كيفية التنسيق والتعاون في إيصال المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين من المد البحري، وتطرقنا إلى أهمية تواجد الجهات الإنسانية العربية والمسلمة تحديدا، لما في ذلك من اثر طيب في نفوس المتضررين والذين علينا أن نرعاهم مادياً وروحياً. وقد حملني نائب منسق الشؤون الدينية والثقافية في مجلس الوزراء الإندونيسي رسالة إلى المسؤولين في البرنامج على أهمية الغذاء لانتشال المناطق الاندونيسية التي يعاني أبناؤها وأطفالها من سوء حاد في التغذية والعمل سوية لإنقاذهم من الهلاك، ويتمنى المسؤولون الاندونيسيون أن يكون هناك تواجد سعودي فعال، وذلك «لأن اندونيسية تكن كل المحبة والتقدير للملكة العربية السعودية». رفع علم السعودية كما أن ممثل البرنامج في اندونيسية محمد صالحين أبدا استعداده للعمل مع الجهات السعودية الإنسانية ورفع علم المملكة في جميع المناطق المتضررة لإعلام الجميع بالدور الإنساني الكبير الذي تقوم به السعودية لمساعدة المتضررين من هذه الكارثة المفجعة، ودعا المسؤولين السعوديين القائمين على لجنة تسونامي بزيارة البرنامج والتعرف على أنشطته في أي موقع أو وقت يرونه مناسباً. هنا مملكة الإنسانية وقد اجتمعنا أيضا مع عدد من المسؤولين عن لمنظمات ووكالات الأممالمتحدة العاملة في اندونيسية، وقدمت لهم نبذة عن التاريخ الإنساني الناصع للمملكة ومساهماتها الفعالة في جميع عمليات الإغاثة حول العالم، خاصة وأن المملكة تقدم أعلى نسبة مساعدات في العالم إذا ما قسناها بحصة الفرد، إلى جانب اهتمامها الكبير بمشاركة المنظمات الدولية في تقديم الأعمال الإنسانية والاستفادة من خبرات هذه المنظمات وعملها الفعال لإنقاذ حياة المنكوبين والجائعين واللاجئين وغيرهم ممن يحتاجون إلى من يقف إلى جانبهم. تمور رمضان ٭ «الرياض»: هل خرجتم بأي توصيات في نهاية الجولة؟ - الركبان: نعم لقد ناقشنا عدة قضايا وتم الاتفاق على عدة أمور من أهمها: - ضرورة الاستمرار في تقديم المساعدات الغذائية خلال فترة إعادة الأعمار مع استهداف الفئات الأشد ضعفاً. - أهمية تقديم الدعم الغذائي خلال شهر رمضان المبارك خاصة من قبل المملكة العربية السعودية، لما لذلك من أثر هام لدى المستفيدين. - الترحيب بتقديم التمور خلال شهر رمضان المبارك. - أهمية تقديم الدعم للمناطق الأشد فقراً في اندونيسية ومنها تيمور الغربية حيث معدلات سوء التغذية لدى الأطفال تتجاوز ال 30٪. - ضرورة دعم المنظمات الأهلية المحلية وأنشطتها التنموية. ونحن بدورنا نقلنا هذه المقترحات إلى المعنيين في المملكة، ونأمل أن يتمكن البرنامج من الحصول على مساعدات إنسانية سعودية لتقديمها لمتضرري كارثة تسونامي بشكل سريع. 23,6 مليون ريال للفلسطينيين ٭ «الرياض»: ماذا عن مشروع المساعدات السعودية التي تم توزيعها عن طريق برنامج الأغذية العالمي في فلسطين؟ - الركبان: لقد شرع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة WFP في توزيع المساعدات الغذائية السعودية على المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث غطت نحو 70 ألفا من الأسر المحتاجة والفقيرة والمتضررة، وذلك بعد أن وقعت اللجنة السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني اتفاقية مشتركة مع البرنامج، لتوريد وتوزيع 200 ألف سلة غذائية على الأسر الفلسطينية المحتاجة والمتضررة في قطاع غزة والضفة الغربية، بتكلفة إجمالية قدرت بنحو 23,6 مليون ريال (6,3 مليون دولار)، وذلك تجسيدا للترابط والتواصل بين الشعب السعودي وإخوانهم في الأراضي الفلسطينية. كما أن البرنامج انفق كامل المنحة المقدمة من اللجنة لتأمين السلة الغذائية محليا والشراء من الإنتاج المحلي الفلسطيني ويتم توريدها من داخل فلسطين. محصول زيت الزيتون ٭ «الرياض»: ما هي المنتجات التي تم شراؤها من داخل فلسطين؟ - الركبان: لقد تم شراء محصول زيت الزيتون من مزارعي 14 قرية تابعة لمحافظة جنين والمقدر بنحو 104 أطنان، وذلك بالتعاون مع وزارة الزراعة الفلسطينية، للتخفيف عن كاهل المزارعين، حيث بلغ عدد المزارعين المستفيدين من هذا المشروع نحو 650 مزارعا. وتعد المنحة المقدمة من اللجنة السعودية للشعب الفلسطيني والبالغ إجمالي قيمتها نحو 23,6 مليون ريال أول دعم سعودي غير حكومي يستفيد منه آلاف المواطنين الفلسطينيين حيث تصل المساعدات في إطارها إلى نحو 200 ألف عائلة في الضفة والقطاع إلى جانب مساهمتها في دعم الاقتصاد الوطني من خلال شراء كافة المواد التموينية والغذائية من الإنتاج المحلي. السعودية تصدرت في إغاثة فلسطين..وهذا الدليل ٭ «الرياض»: كيف تقيمون كبرنامج للأغذية العالمي المساعدات التي تقدمها اللجنة السعودية لإغاثة المتضررين في فلسطين؟ - الركبان: السعودية تتصدر حاليا قائمة الدول المانحة لبرنامج الغذاء العالمي لإغاثة الشعب الفلسطيني وهذا شيء مشرف، تليها الولاياتالمتحدةالأمريكية، ثم الاتحاد الأوروبي، وهذا أكبر دليل على تفاعل المملكة مع القضايا الإنسانية، ونحن في البرنامج نعتبر أن هذا المساعدات هي جزء بسيط من الدعم اللامحدود الذي يعكس الوجه الحقيقي للعطاء والكرم الذي يحمله المشرف العام على اللجنة السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية. فبرنامج الغذاء العالمي حصل على الكثير من المساعدات المهمة من السعودية التي يصفها الجميع ب (مملكة الإنسانية)، وأنا أقدم باسمي وباسم برنامج الأغذية العالمي الشكر الجزيل للسعودية حكومة وشعبا، وكذلك اللجنة السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني، وأتشرف بأنني احد أبناء المملكة، وسأبذل كل جهدي من أجل العمل الإنساني وتعميق العلاقة بين برنامج الأغذية العالمي وبلدي المملكة العربية السعودية وأنا فخور بالبرنامج لأنه اختارني لأكون أول سعودي يقوم بهذا العمل تطوعيا. من فلسطين إلى دارفور ٭ «الرياض»: وماذا عن المساعدات التي قدمها البرنامج للمحتاجين في السودان ودار فور تحديدا؟ - الركبان: في السابق قدم البرنامج الكثير من المساعدات الأغاثية للسودان، لكنها لا تكفي لأن السودان باستثناء دارفور، سيكون بحاجة إلى 302 مليون دولار لتوفير الغذاء لسكانه الذين يعانون المجاعة، خاصة بعد توقيعه اتفاق السلام في نيروبي أخيرا والتي أنهت 21 عاما من الحرب في جنوب السودان «وهناك حاجة إلى 260 ألف طن من الأغذية للسكان الذين تضرروا من الحرب والجفاف وخصوصا جنوبي السودان». أما كارثة دار فور فإن عمليات برنامج الغذاء تشكل ملفا مستقلا ستوجه بشأنه نداءات إلى كافة دول العالم، كما أن المناطق المعروفة بالانتقالية مثل أبيي وجبال النوبة والنيل الأزرق بحاجة أيضا إلى مساعدات، إضافة إلى ولايات البحر الأحمر وكسلا في الشرق حيث مشكلة الغذاء المزمنة، والرهان هو بقاء العائلات الفقيرة على قيد الحياة، بسبب تراجع المحاصيل الغذائية في جنوب السودان خلال هذا لعام نتيجة شح الأمطار وغياب الفيضانات الموسمية. لا مساس بالمعونات الغذائية ٭ «الرياض»: هناك من ينادي بخفض المعونات الغذائية وخفض الدعم الزراعي في الدول الغنية كي لا يلحق الضرر بالمنتجين الفقراء في إطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية للإصلاح الزراعي، كيف ترد عليهم؟ - الركبان: يتعين على المفاوضين التجاريين أن ينتبهوا جيدا لهذه النقطة المهة وأن يضعوا نصب أعينهم أنه في كل خمس ثوان يموت طفل من الجوع أو الأمراض المرتبطة به، لذا فإنه يجب عدم المساس بالمعونات الغذائية التي تقدمها الوكالات الدولية. والمعونة الإنسانية التي تقدمها وكالات الأممالمتحدة وخصوصا برنامج الغذاء العالمي وشركاؤه من المنظمات غير الحكومية يتعين استبعادها من مناقشات منظمة التجارة العالمية تماما، لأن هناك نحو 300 مليون طفل يعانون الجوع في أرجاء العالم. ولدينا معلومات بأن الدول التي اقترحت إصلاح المعونات الغذائية فإنها أوضحت أثناء مفاوضات منظمة التجارة أن هذا لن يشمل المساعدات الطارئة. السعودية في المراتب المتقدمة ٭ «الرياض»: ماذا عن المساعدات التي تقدمها وزارة الزراعة السعودية لبرنامج الأغذية العالمي؟ - الركبان: وزارة الزراعة تقدم للبرنامج نحو 4000 طن من التمور سنويا، ونثمن للدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة دوره الريادي وجهوده المستمرة في دعم البرنامج للسير قدما في تقديم الإعانة للمحتاجين والمحافظة على كرامتهم من خلال الحصول على المواد الغذائية الأساسية. والمملكة ولله الحمد تسير نحو المراتب المتقدمة ضمن قائمة الدول المانحة لبرنامج الأغذية العالمي، والتي تضم الولاياتالمتحدة، الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، اليابان، كندا، الدول الاسكندنافية، أستراليا، وهولندا. مجاعة النيجر..وعجز في التمويل ٭ «الرياض»: هناك أزمة مجاعة تجتاح جمهورية النيجر، ماذا قدمتم لها في البرنامج؟ - الركبان: أولا باسم برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة فإنني أحذر من تفاقم الأوضاع الغذائية في النيجر بسبب الجفاف الحاد وهجوم الجراد مما يعرض أكثر من مليون شخص لخطر الموت جوعا أو حوالي ثلاثة إضعاف العدد المتوقع في بداية العام. ويسعى البرنامج لتقديم معونات غذائية إلى هؤلاء الأشخاص لكنه يواجه عجزا في التمويل يقدر بنحو 12 مليون دولار مما يعرقل عمليات توفير الغذاء للمتضررين في بلد يعد ثاني أشد البلدان فقرا في العالم ويعيش ستون في المائة من أهله تحت خط الفقر. ويتعاون برنامج الأغذية مع جمعيات أهلية في النيجر لمساعدة الأمهات والأطفال من خلال مراكز التغذية العلاجية والتكميلية المتواجدة في المناطق الأكثر تضررا. أرز غرب أفريقيا وبالرغم من شراء برنامج الأغذية لمحصول الذرة من بوركينا فاسو والصرغم من نيجيريا، فان البرنامج مازال يحتاج إلي شراء مواد غذائية أخرى حيث يجري حاليا مفاوضات مع عدة بلدان في غرب أفريقيا لشراء كميات من الأرز. وهناك دراسات أكدت ارتفاع معدلات سوء التغذية في البلاد لتصل إلى حوالي 20 في المائة من عدد السكان بينما تصل نسبة سوء التغذية الحادة إلى نحو ثلاثة في المائة بين الأطفال اقل من خمس سنوات. وان عددا ملحوظا من الأطفال راحوا بالفعل ضحية للجوع وان المزيد منهم ومن النساء والرجال يواجهون شبح المجاعة وقد يقضون نحبهم إذا لم يتلقوا المساعدات الغذائية الكافية، كما يعاني الرعاة أيضا بسبب الجفاف حيث تناقصت مساحات المراعى الخضراء بالإضافة إلي وقوع أسوأ زحف لأسراب الجراد على البلاد منذ 15 عاما. توزيع 4000 طن أغذية على العائلات والأطفال ٭ «الرياض»: نود أن نعرف ما هي المساعدات التي يعتزم البرنامج تقديمها مستقبلا لجوعى النيجر؟ - الركبان: يعتزم برنامج الأغذية العالمي توسيع نطاق عملياته الإنسانية، حيث سيقوم بتوزيع أكثر من أربعة آلاف طن من الأغذية (الحبوب والفاصوليا وزيت الخضراوات) على أكثر من 273 ألف شخص يشملون عائلات الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، وسوف تحصل كل عائلة على سلة غذائية تتألف من 100 كيلوجرامات من الحبوب و15 كيلوجراماً من البقوليات و5 كيلوجرام من زيت الطعام، وينوي البرنامج توزيع أكثر من 23 ألف طن من الأغذية بحلول شهر سبتمبر المقبل في 19 من أكثر المناطق تضررا. 20 جمعية دولية لتوزيع الأدوار ٭ «الرياض»: هل سيتم توزيع هذه المساعدات بجهود ذاتية من البرنامج، أما ستكون هناك مشاركات من جمعيات أخرى؟ - الركبان: نحن ننتظر أن تقلع طائرة تتبع لبرنامج الأغذية العالمي هذا الأسبوع إلي مدينة نيامي حاملة على متنها مساعدات غذائية ومخازن متنقلة ومولدات كهربائية لتقديم يد العون للمتضررين، وسيعقد البرنامج على أثر ذلك سلسلة من الاجتماعات مع نحو 20 جمعية دولية ومحلية لمناقشة أساليب توزيع المساعدات الغذائية على المتضررين، لكنني أرجع وأقول إن البرنامج لا يزال البرنامج يواجه عجزا كبيرا في التمويل اللازم، يمكن أن يصل - حسب تقديرات برنامج الأممالمتحدة - إلى 60 في المائة، لعمليات الإغاثة في النيجر حيث يسعى البرنامج للحصول على نحو 16 مليون دولار إضافية. ناقوس الخطر وعمل البرنامج خلال الفترة من يناير وحتى شهر يوليو الجاري، على إطعام قرابة نصف مليون شخص ولكنه يسعى إلى مساعدة 1,2 مليون شخص في الفترة المقبلة، وقد دق البرنامج ناقوس الخطر بشأن النيجر منذ أواخر العام الماضي ولكن مناشداته للأسف لم تلق اى آذان صاغية. واشترى البرنامج مواد غذائية مستعملا تبرعات قدمتها كل من إيطاليا، المملكة المتحدة، لكسمبرج، ألمانيا، والدنمرك. كما تعهدت الولاياتالمتحدة وجمعية أهلية فرنسية بتقديم تبرعات عينية. الأعمال التطوعية ٭ «الرياض»: ختاما كيف تنظر إلى العمل التطوعي؟ - الركبان: ينظر للتطوع (خدمة الشأن العام) في مختلف دول العالم بنظرة إيجابية ويعبر بصورة أو أخرى عن شخصية البلد وسلوك أهله، ومن يتفحص الأمر محليا يرى كيف تسبب ظروف اجتماعية واقتصادية كثيرة في وأد هذا التفاعل والنظر إليه بنظرة مادية رغم أنه كان أحد مظاهر أحيائنا القديمة، حيث يعتني الجار بجاره، ويتعاون السكان لمساعدة أحد أصحاب المنازل سواء بالحضور أو في العمل. وأتذكر جيدا كيف كان آباؤنا يأمروننا بالتوجه لمساعدة جار جديد في تنزيل عفشه، ومع كل التطورات الجديدة تغيرت شخصية المدن وبات من الضروري تفعيل أمر التطوع لخدمة المجتمع من خلال الحملات الوطنية الشاملة، وتأسيس جهات مستقلة لهذا الأمر ليكون جاهزا في حالة الكوارث مثلا، وأتمنى في هذا الأمر أن تحول بعض العقوبات إلى خدمة للمجتمع خاصة بالنسبة المشاهير.