أجرى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أمس تعديلاً واسعاً على حكومة عبد المالك سلال أنهى به حقائب ستة وزراء بعضهم اتهم بسوء تسيير فترة وجود بوتفليقة خارج البلاد للعلاج فيما تم إسناد حقائب بعضها تم استحداثه مثل إصلاح الخدمة العمومية لوزراء جدد على مستوى قطاعات الخارجية والصحة والفلاحة والاشغال العمومية والسياحة. ولعل أهم ما تضمنه التعديل الجديد الذي تضمنه بيان صادر عن الرئاسة ونشرته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، إسناد حقيبة نائب وزير الدفاع إلى رئيس هيئة أركان الجيش الجزائري الحالي الفريق محمد الصالح قايد، فيما احتفظ بوتفليقة بحقيبة الدفاع باعتباره وزير الدفاع قائد القوات المسلحة، وهي حقيبة ظلت في يد الرئيس بوتفليقة منذ مجيئه الحكم العام 1999 حيث كان آخر وزير الدفاع عرفته الجزائر قبل مجيء بوتفليقة الجنرال خالد نزار الذي تولى الحقيبة في فترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد (1990-1993) وذلك في أوج أزمة العنف المسلح الذي شهدته الجزائر مطلع التسعينيات. وكان الفريق قايد صالح من بين المسؤولين الكبار القليلين الذين استقبلهم الرئيس بوتفليقة بعد عودته من فرنسا وربطت تحاليل الاستقبال بتفاقم الوضع الأمني على الحدود الجزائرية فيما لم يحظ عبد المالك قنايزية وهو الوزير المنتدب للدفاع سابقا بأي استقبال فضلا عن استبعاده في التعديل الجديد. وطال التعديل حقائب وزارية مهمة وحساسة على رأسها الداخلية والخارجية والاتصال الأشغال العمومية والصحة حيث تم إنهاء مهام وزير الخارجية السابق مراد مدلسي وتعويضه بالسفير رمضان العمامرة، مفوض السلم والأمن بالاتحاد الافريقي واتهم مدلسي ومن ورائه مصلحة الاتصال بالخارجية بسوء تسيير ملف مرض الرئيس إعلاميا وكذا أزمة الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين في مالي. وأسند التعديل الجديد حقيبة الداخلية التي تولاها منذ 2011 دحو ولد قابلية للخبير الدستوري طيب بلعيز وزير العدل السابق ورئيس المجلس الدستوري. وكان قابلية اتهم بسوء تسيير أزمة رهائن تيقنتورين، وأعابت عليه وسائل الإعلام المحلية تناقضاته بشأن الأرقام والوقائع ذات الصلة بالحدث وربطت ذلك بسنه المتقدم. وأنهى التعديل مهام وزير الصحة عبد العزيز زياري، الذي شهد قطاعه هزات ما تزال متواصلة تتصل بسوء التسيير والتدهور اللافت الذي تتخبط فيه المستشفيات الجزائرية وتم استخلاف زياري بعبد المالك بوضياف، والي وهران، عاصمة الغرب الجزائري. كما أنهى مهام وزير الاتصال محمد سعيد الذي اتهم قطاعه هو أيضا بسوء تسيير ملف مرض الرئيس. ولم يمس التعديل الجديد وزير التربية عبد اللطيف بابا أحمد رغم سلسلة الاحتجاجات التي عرفها قطاع التربية والتعليم والفضائح التي مسته آخرها فضيحة الغش الجماعي في بكالوريا 2013. وتعزز عدد النساء في الحكومة الجديدة حيث انتقل من 3 وزيرات إلى 4 بعد تعيين كاتبة الدولة المكلفة بالبيئة دليلة بوجمعة على رأس وزارة البيئة ورئيسة سلطة ضبط البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية زهرة دردوري على رأس وزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فيما احتفظت كل من وزيرة الثقافة خليدة تومي ووزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة سعاد بن جاب الله بحقائبهما. وألقت فضائح الفساد التي هزت عدداً من القطاعات الحساسة بظلالها على مضمون التعديل الحكومي الجديد حيث أبعد بوتفليقة وزير الاشغال العمومية عمار غول عن قطاع البناء لكنه لم يبعده تماماً من الحكومة رغم التهم التي تطاله ذات الصلة بالرشاوى التي دفعت في إطار مشروع القرن الطريق السيّار شرق غرب. ويأتي التعديل الحكومي الجديد عشية الإنتخابات الرئاسية وفي وقت ما يزال الرئيس بوتفليقة يخضع لفترة النقاهة التي أوصاه بها أطباؤه منذ عودته إلى الجزائر في 16 يوليو/تموز الماضي حيث يقتصر ظهوره في صور يبثها التلفزيون الرسمي وهو يستقبل كبار المسؤولين في الدولة.