مرة جديدة يظهر الاتحاد السعودي لكرة القدم مرتبكاً ومتخبطاً، وهذه المرة جاء الارتباك والتخبط في قضية السماح بدخول النساء لمباريات بطولة OSN الدولية بعد سلسلة تصريحات وبيانات وتغريدات متناقضة تعاقب عليها المتحدث الرسمي عدنان المعيبد، ونائب رئيس الاتحاد محمد النويصر، واللجنة الإعلامية في الاتحاد عبر بيان رسمي، فما بين التأكيد والنفي تفجر الموقف خصوصاً عبر مواقع التصفح الاجتماعي. ذلك الارتباك والتخبط اتضحت أسبابه مع دخول الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل على خط القضية من حيث مقر إقامته في الأرجنتين بتغريدات له عبر (تويتر) حينما نفى خبر السماح جملة وتفصيلاً؛ مشدداً على أن ليس ثمة أمر بهذا الشأن؛ خصوصاً وأن القرار ليس من صلاحيات اتحاد الكرة بل الدولة، كاشفاً عن أنهم سيقومون بالتحقق مع "أي أحد تحدث في غير اختصاصه"!. وسط حالة اللغط الإعلامية والجماهيرية رأينا عدنان المعيبد وحيداً أمام هجوم كاسح من بعض الجماهير المنفعلة التي لا ترحب بمثل هذا القرار، في وقت وجدناه في مرمى بعض الإعلام المنفلت من عقال المسؤولية والخاضع لحسابات المصالح والأهواء، والسبب لكونه هو من نقل قرار اتحاد الكرة، في وقت تخلى الرئيس ونائبه والأمين العام وهم رؤوس الحربة في الاتحاد عن مسؤوليتهم تجاه الحدث. الرئيس المنتخب يكتفي بتصدير بيان باسم الاتحاد، ونائب الرئيس يغرد عبر (تويتر) نافياً الخبر، ومؤكداً عدم صدور "أي تعليمات بهذا الخصوص" فيما الأمين العام يكتفي بمتابعة الموقف من بعيد وكأن على رأسه الطير، في الوقت الذي لا زال فيه اسم المعيبد تلوكه الألسن المحتقنة، وسمعته تنهشها الأقلام المتمصلحة، حتى بات مستوياً لتقديمه ككبش فداء. وحده فقط تسريب خطاب الأمين العام الموجه لمدير استاد الملك فهد بالسماح ب "الحضور النسائي" لمشجعات المنتخبات الزائرة من أنقذ رأس المعيبد من المقصلة المعدّة لاستقباله، فالخطاب فضح المستور، فالقرار كان مطبوخاً وجاهزاً، وما المعيبد إلا ناقل له، وليس بالضرورة أن يكون الخطاب قد تم إعداده في مطبخ الاتحاد، فربما طبخ في رعاية الشباب أو في أي مكان آخر، ذلك لا يهم الآن على الأقل، وإنما المهم هو افتضاح أمر الجميع. المنطق البسيط يكشف بأن ليس من المعقول أن يُصدِّر الأمين العام خطاباً ممهوراً بتوقيعه ويحمل توجيهاً يكسر من خلاله قراراً حكومياً، ويتجاوز فيه محظوراً اجتماعياً دون أن يكون قد استند على توجيه من رئيسه المباشر وهو رئيس اتحاد الكرة، ولا يعقل أيضاً أن يكون رئيس الاتحاد قد تجاوز في أمر بهذا المستوى جميع أعضاء الاتحاد وأولهم نائبه الذي ينفي صدور القرار، ولا أتصور أن يكون أحمد عيد ومعه كل أعضاء الاتحاد بهذه السذاجة واللامبالاة بحيث يصدرون قراراً بهذا الحجم دون العودة للمرجعية في هذا الشأن وأعني رعاية الشباب!. كل تلك التوقعات والتصورات المبنية على الحد الأدنى من المنطق والتي تجاوزها الكثيرون إما جهلاً أو عمداً باتت اليوم على طاولة "المسؤول"، ولا يهم من يكون هذا المسؤول، أهو في رعاية الشباب أو في أي جهة أخرى، المهم أن يتحمل كل واحد مسؤوليته، كبيراً كان أم صغيراً، بدلاً من الهروب من مواجهة الحقيقة برميها على عضو مسكين هنا، وإداري بسيط هناك كما جرت العادة في كل مرة.