خطت المملكة خطوات كبيرة في مجال التعاملات الإلكترونية الحكومية من خلال البوابة الالكترونية الرسمية الأكثر استخداما "سداد"؛ إذ يعتبر هذا النظام أحد أنظمة "مؤسسة النقد العربي السعودي"، ويهدف إلى عرض ودفع الفواتير والمدفوعات الأخرى إلكترونياً، حيث إنَّ مهمته الرئيسة تسهيل وتسريع عملية دفع الفواتير والمدفوعات الأخرى عبر جميع القنوات المصرفية في المملكة "فروع البنوك وأجهزة الصرف الآلي والهاتف والإنترنت المصرفيين"، كما أنَّه يُعدُّ الخطوة الفعلية الأولى لانتشار المعلوماتية في المجتمع، خاصَّةً إذا أخذنا بعين الاعتبار الإيجابيات الكبيرة التي يُحققها هذا النظام وقضاؤه على العديد من المُمارسات التي كانت منتشرة في النظام اليدوي سابقاً. ويمكن القول إنَّ المخاطر الأمنية نتيجة اتساع الفضاء الإلكتروني وانتشار المعاملات الإلكترونية، خاصَّةً المالية منها، تُعدُّ من أهم العقبات التي قد تواجه تحوُّل المجتمع إلى مجتمع رقمي مُتقدِّم، وهو ما حذَّر منه المشاركون في "مؤتمر الخليج لأمن المعلومات" الذي أُقيم بدولة "الإمارات العربية المتحدة" في شهر "يونيو" الماضي، بعد أن عرضوا إحصائيةً تُفيد أنَّ "الجرائم الإلكترونيَّة المُنظَّمة" تُكبِّد الشركات حول العالم خسائر سنوية بقيمة (800 مليار دولار أمريكى)، الأمر الذي يؤكِّد على أنَّ الحماية الأمنيَّة للأنظمة الإلكترونيَّة تُعدُّ أمراً في غاية الأهميَّة، كما أنَّ عمليَّة التحقُّق من فعالية برامج الحماية الأمنيَّة تُعتبر أمراً ضروريَّاً للمحافظة على ثقة المستفيدين. مميزات النظام وأوضح "د.طلعت بن زكي حافظ" -أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية بالبنوك السعودية- أنَّ نظام "سداد" للمدفوعات يُعدُّ من أحدث أنظمة المدفوعات الآلية على مستوى العالم، مُضيفاً أنَّ عمليَّة سداد الفواتير في المملكة شكَّلت عبئاً ثقيلاً على البنوك قبل وجود نظام "سداد"؛ لكونها كانت غير عملية وبطيئة، خاصَّةً أنَّ حوالي (60-70%) من الفواتير تُدفع نقداً في فروع البنوك، ممَّا تسبَّب في استغراق عملاء البنوك والمستهلكين فترات طويلة من الزمن أمام مكاتب الدفع في البنوك قبل أن يتمكنوا من دفع فواتيرهم، مُشيراً إلى أنَّ ذلك أدَّى إلى تنبُّه مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" لهذا الأمر، وأصدرت نتيجةً لذلك تعميماً لجميع البنوك في المملكة بقبول تسديد الفواتير في جميع فروعها من قبل أي شخص، سواءً كان من عملاء البنك نفسه أو غيره من البنوك الأخرى. ولفت إلى أنَّه نتيجة للمعطيات السابقة برزت الحاجة إلى توفير نظام مركزي يضمن الكفاءة التشغيلية والعدالة لجميع الأطراف لحل هذه التحديات؛ على أن يُشكِّل قاعدةً صلبة لأيّ تطوُّرات أخرى مستقبلية، مؤكِّداً أنَّه بناءً عليه فقد طوَّرت المؤسسة رؤيتها لبناء هذا النظام وذلك بتقليص الارتباطات المتعددة إلى ارتباط واحد، سواءً للبنوك أو الشركات المفوترة، بحيث يعمل نظام "سداد" كوسيط بين الطرفين، ويضمن التنظيم المالي توزيع التكاليف والفوائد. د.حمدان الحمدان تداول النقد وأضاف "د.حافظ" أنَّ نظام "سداد" يشهد في الوقت الحاضر توسُّعاً ملحوظاً في أعداد الشركات والمؤسسات الحكوميَّة والخاصَّة المُسجَّلة في النظام التي تتيح من خلاله تسديد الفواتير الخاصَّة بها، مُوضحاً أنَّ هناك إقبالاً مُتزايداً من العديد من أفراد المجتمع على استخدام النظام؛ نظراً لما يُوفِّره من سهولة ومرونة عالية ودقة متناهية، إلى جانب إسهامه بذكاء وفاعليَّه في التقليل من تداول النقد بين الناس، وخاصَّةً النقد المرتبط بسداد الفواتير، وكذلك إتاحته الفرصة للانتقال إلى مرحلة وحقبة متطوّرة في مجال سداد الفواتير تعتمد على استخدام أبرز ما توصلت إليه التقنية البنكيَّة ومعالجة المدفوعات على مستوى العالم، خاصَّةً لمجتمعنا الذي تُمثِّل فيه نسبة الشباب النسبة العليا من التركيبة السكانية، كما أنَّ أعداد المستخدمين لتقنيات الاتصالات في تزايد مُطَّرد يوماً بعد آخر، مُشيراً إلى أنَّه -على سبيل المثال- فإنَّ عدد المستخدمين للشبكة العنكبوتيَّة "الانترنت" في المملكة تجاوز ال(14) مليون مستخدم في العام الماضي، لافتاً إلى أنَّ هذا الرقم يُعدُّ الأعلى على مستوى المنطقة، في حين كان العدد خلال العام (2001 م) لا يتجاوز (1,2) مليون مستخدم. وأشار "د. حافظ" إلى أنَّ نظام "سداد" أسهم بشكلٍ كبير في تخفيض التكاليف التشغيلية، وذلك عن طريق تحوُّل عمليَّات الدفع الاعتيادية التي تتم عن طريق الفروع إلى عمليَّات دفع إلكترونية، الأمر الذي أدى إلى خفض التكلفة التشغيليَّة لهذه العمليات، مُضيفاً أنَّ البنوك كانت في السابق تُنشئ وتُدير وتعمل على صيانة قنوات الربط الخاصة ب"المفوترين" المُتَّفق معهم، كما أنَّ لكل "مُفوتر" المواصفات التقنية الخاصة به، والتي تتضمَّن عمليات التحديث والفوترة وقواعد التسديد الخاصة بالفواتير وطريقة إرسال واستقبال البيانات الخاصة بها، مُشيراً إلى أنَّه تمَّ توحيد متطلبات الربط مع كل البنوك عبر نظام "سداد"، مِمَّا سيُوفِّر على البنوك المبالغ الطائلة التي كانت تُصرف على قنوات الربط السابقة، لافتاً إلى أنَّ هذا النظام سيُحقِّق مزيداً من الدِّقة والاعتمادية بمعلومات الفواتير المُقدَّمة عن طريقه، إلى جانب أنَّه سيُمكِّن البنوك من التقليل والحد من ظاهرة الشكاوى والاستفسارات الخاصَّة بظهور الفروقات في عمليات التسديد التي يُنفّذها العملاء. د.طلعت حافظ عمليَّات إلكترونيَّة من جانبه أكَّد "د.حمدان الحمدان" -أستاذ أمن المعلومات بجامعة الباحة، وخبير في القضايا الإلكترونية- على أنَّ نظام "سداد" الإلكتروني نجح في تحويل (82٪) من المدفوعات الحكوميَّة اليدوية إلى عمليَّات الكترونية خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما أنَّ النظام من الناحية التقنية يختلف عن جميع الأنظمة المُشابهة بعدم وجود مركزيَّة في الربط إلكترونياً، مُضيفاً أنَّه من ناحية أمنية فإنَّ جميع العمليات المُنفَّذة عن طريق نظام "سداد" تتم من خلال قنوات آمنه وعالية الحماية، وعلاوةً على ذلك فإنَّ هذا النظام يُمثِّل دور الوسيط فقط، أو ما يُعرف بال" Third Party"، مُشيراً إلى أنَّ عملية الدفع تتم من خلال البنوك، وهي ذات أنظمة فائقة الحماية سواءً عن طريق الأجهزة المصرفية أو عبر موقع بنك المستفيد على الانترنت، وغير ذلك من خيارات الدفع المُتاحة، لذا فإنَّه لا يتم نقل معلومات بنكية مثل "أرقام الفيزا والماستر كارد" - على سبيل المثال- مباشرة عن طريق نظام "سداد". وأضاف أنَّ الطريقة السابقة قد تكون تحت تهديد الاختراقات الالكترونية، لذا فإنَّ نظام "سداد" يُعدُّ آمناً ونسبة اختراقه تبقى ضئيلة شريطة استمرار تقيم الأداء والعمل على تطويرها ووضع الخطط المستقبلية لضمان كفاءة النظام، مُشيراً إلى أنَّ "سداد" أخذت هذا الأمر في عين الاعتبار، وذلك عبر الشراكة التي أقامتها مع شركة "Booz Allen Hamilton" الرائدة عالمياً في مجال تطوير وحماية المنشآت والبُنى التحتية الحساسة، لافتاً إلى أنَّ من أبرز وأكبر الإيجابيات لنظام "سداد" أنَّه قضى على الأخطاء والاختلاسات المالية التي قد تكون الأجهزة الحكومية عُرضةً لها بسبب التعاملات المالية اليدوية، مُشدِّداً على ضرورة إدراج جميع التعاملات المالية للدوائر الحكومية تحت نظام "سداد"، وخاصةً فيما يتعلق بنظام المشتريات والمناقصات الحكومية. عيوب النظام وعن أبرز التهديدات التقنية والعيوب التشغيلية في نظام "سداد"، أكَّد "الحمدان" على أنَّ الحماية الأمنية تتطلب الحفاظ على الخصوصيَّة، مُشيراً إلى أنَّ ذلك هو ما يغفل عنه نظام "سداد"، مُستشهداً في ذلك بأنَّ رقم جوال العميل في شركات "الاتصالات" هو نفسه رقم "الفاتورة"، وبالتالي فإنَّه باستطاعة أيَّ مُتطفِّل معرفة المبالغ المدفوعة ومايصرفه العميل على اتصالاته، إلى جانب مايشكو منه هذا النظام من بُطءٍ في التوسع ليشمل دوائر حكومية وشركات جديدة، وكذلك فإنَّ عملية الربط تُعدُّ مُعقَّدةً إلى حدٍ كبير، لافتاً إلى أنَّ درجة الأمان العالية قد تكون سبباً في ذلك، إضافةً إلى أنَّ هذا النظام لايملك نظام تأمين كباقي بوَّابات الدفع الالكترونيَّة، مُشدِّداً على ضرورة توفير ذلك لتعويض المستفيد في حالة تعطُّل النظام أو عند بطء عمليَّة تحديث البيانات. وبيَّن "د.الحمدان" أنَّ الشركات المتوسطة أو الناشئة تُعاني من عدم وجود دعم من نظام "سداد"، خاصةً تلك التي تعتمد على التجارة الإلكترونيَّة مِمَّا يجعلها تتعامل مع بوَّابات دفع أجنبية، مُشيراً إلى أنَّ ذلك انعكس بشكلٍ سلبي على المستهلك عبر ارتفاع الأسعار نتيجة ارتباطها بالعملات الأجنبية، داعياً إلى فتح المجال أمام جميع الشركات الراغبة بالربط والإفادة من نظام "سداد" ليرتبط بجميع أجزاء الحياة اليومية لأفراد المجتمع، والبدء في خصخصة بوَّابات الدفع لتخفيف الحمل عن نظام "سداد" الحكومي. الانترنت المصرفي سهّل عملية سداد الفواتير