بعد 10 أيام فقط من الملاحظات التي دونها موظفو ديوان المراقبة العامة بوطننا العزيز حول تجاهل جامعات حكومية مسألة توظيف الخريجين من المبتعثين السعوديين في مختلف التخصصات واستعانتها بالأجانب لسد العجز في وظائفها الأكاديمية كشفت إحدى الصحف المحلية منح وزارة العمل أكثر من 10 آلاف تأشيرة لعدد من الجامعات الحكومية خلال العام الماضي في الوقت الذي رصد فيه ديوان المراقبة العامة على عدد من الجامعات ملاحظات في التوسع في التعاقد مع غير السعوديين للعمل كأكاديميين في الجامعات وتجاهل العائدين من برامج الابتعاث والحاصلين على شهادات عليا من جامعات داخل المملكة وخارجها أيضا. وكانت الجهات الرقابية قد رصدت أيضا تجاوز نسبة المتعاقدين في بعض الجامعات السعودية 48% من جملة أعضاء هيئة التدريس وعدم رغبة بعض الجامعات في عملية التوطين وإحلال المبتعثين «مثلا» في مواقع المتعاقدين! على الرغم من أن معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد بن محمد العنقري كان قد أبلغ مديري الجامعات السعودية التي رصد ديوان المراقبة العامة استعانتها بالأجانب وتجاهلها للمبتعثين بتلك الملاحظات وطلب منهم تبرير تجاوزاتهم المرصودة «خطيا» محددا لمدراء الجامعات مدة لا تتجاوز شهرا لرفع مبرراتهم إلى جانب دراسة الملاحظات المدرجة ضمن التقارير المرفوعة والعمل على تلافيها وبحث برامج التطوير المناسبة وتحسين الأداء.. ولكن تلك التوجيهات «ربما» لم تحدث أثرا فلماذا تتجاهل الجامعات السعودية مواطنيها خريجي جامعات المملكة وخريجي جامعات العالم المعتمدة بينما «تهرول» لدول عربية «ربما تكون مخرجاتها الأكاديمية هزيلة أو غير موثقة» للتعاقد مع خريجي جامعاتها؟! حقيقة لا أدري كيف يتم ذلك! كما أنني لم استطع فهم «مبررات» هذه الهرولة لا من الناحية الأكاديمية التي «تتحجج بعض الجامعات السعودية فيها من خلال وحدة التخصص التي تعني أن يكون الخريج السعودي متخصصا بمجال واحد في كافة مراحله الدراسية.. مع يقيني أن الجامعات تقوم بمخالفة هذه القاعدة «عندما تشتهي ذلك» سواء في حال توظيف من ترغب من السعوديين أو من خلال آليات التعاقد. كما أن عددا ضخما من أصحاب امتداد التخصص في كثير من الدول العربية لا يصلون لمستوى شباب الوطن خريجي جامعات العالم المعتمدة « ولا من الناحية الوظيفية أو الاقتصادية أيضا مثلما أنني لم أستطع حتى اللحظة فهم أو استيعاب مفهوم ومبررات تشغيل واستمرار تشغيل برامج السنة التحضيرية بجامعات المملكة من قبل «القطاع الخاص» الذي لم ينجح مطلقا حسب شهادة كثير من أكاديميي الجامعات وتجارب الطلاب أيضا وكنت أتمنى أن تقوم الجامعات باعتبار السنة التحضيرية جزءا من برامجها الأكاديمية وتخضعها لنفس المقاييس والمعايير الأكاديمية التي تتبعها. ومع هذا الاستغراب والتعجب تصفعني أخبار صحفية محلية تشير إلى أن هذه الإشكالية ليست حكرا على جامعات الوطن بل تمتد لكافة قطاعات المثلث التنموي «القطاع الحكومي والخيري والخاص» حيث تشير المعلومات إلى أن 13 % من وظائف الدولة «شاغرة» وأن المقيمين يعملون في 79 ألف وظيفة بوطننا بينما «يركض» أبناء الوطن هنا وهناك بملفاتهم باحثين عن عمل دون جدوى، والأكثر إيلاما أن ظاهرة بحث الشباب السعودي عن عمل لم تقتصر على غير المؤهل بل شملت الجميع وهنا يقف شعر الرأس لمعرفة المبرر والسبب. كما تشير معلومات موثقة إلى أن العمالة الوافدة في دول الخليج العربية تمثل حاليا ما نسبته 36.3 % من السكان وأن تحويلاتها المالية تقترب من 280 مليار ريال الأمر الذي يؤكد وجود خلل تنظيمي في دول المجلس سيحدث أثرا سلبيا صاخبا في المستقبل إن لم يتم التنبه له والعمل على معالجته مبكرا، أعتقد جازما أن على المخططين في وطننا العزيز دراسة والتنبه لمثل هذه القضايا الهامة قبل أن «تقع الفأس بالرأس» كما يقولون .. ودمتم.