شهدت المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - مرحلة جديدة في مسيرة التنمية بأهدافها ومرتكزاتها ومنجزاتها الأساسية للتنمية التي شملت النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي وتنويع القاعدة الاقتصادية وتقليل الاعتماد على النفط الخام في تنمية الموارد البشرية ورفع مستوى المعيشة وتحسين نوعية الحياة وتعزيز فاعلية القطاع الخاص . ويتمثل محور التنمية الأساس في عهد المغفور له في الاهتمام بالإنسان السعودي بعدما تحققت إنجازات البنية الأساسية والبناء الاقتصادي والاجتماعي لمؤسسات الدولة وذلك تحقيقاً لما تميزت به توجهات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين منذ بداية توليه الحكم . وأولى - رحمه الله - القطاع الصناعي أهمية كبيرة أسهمت إسهاماً أساسيّاً بشكل واضح خلال خطط التنمية الماضية، حيث ازدهر القطاع الصناعي ، حيث تضاعفت نسبة إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي، وكان ذلك الإسهام قبيل بداية خطة التنمية الأولى لا يتجاوز2,5٪ فقط بينما قفزت تلك النسبة لتصل في العام 1419-1420ه/1999م إلى حوالي 6,7٪. وتعزى هذه القفزة في حصة النشاط الصناعي في الناتج الوطني إلى ما أولاه الملك فهد - رحمه الله - من دعم كبير لهذا القطاع، ويتضح مدى ذلك الدعم فيما صرفته الدولة ولا تزال من قروض داعمة للنشاط الصناعي، حيث أنشأت الدولة لهذا الغرض صندوق التنمية الصناعي السعودي الذي أسهم إسهاماً أساسيّاً في دعم المشاريع الصناعية في القطاع الخاص، وقد ارتفع الدعم الحكومي لتلك المشاريع الصناعية من (35) مليون ريال مع نهاية فترة خطة التنمية الأولى إلى (26,7) بليون ريال حتى العام 1419/1420ه - 1999م، وقد استثمر هذا الدعم في إقامة مشاريع نهضة صناعية مذهلة إذ تضاعف رأس المال المستثمر في الصناعة من (2,8) بليون ريال عام 1970م إلى ما يقارب (231,2) بليون ريال عام 14201419ه/1999م. ومن البديهي أن ينعكس ذلك الدعم الحكومي على زيادة عدد المصانع والعاملين بها أيضًا؛ إذ ارتفع عدد المصانع الحكومية والأهلية من (199) مصنعًا عام 1970م إلى (3163) مصنعا في العام 1999م . كما زاد تبعًا لذلك عدد العاملين في المصانع بشكل مذهل فارتفع من (14) ألف موظف وعامل عام 1970م إلى (291,6) ألف موظف وعامل عام 1999م . وترتكز البنية الصناعية في المملكة على دعامتين؛ الأولى: تتمثل في قطاع الصناعات الأساسية الكبيرة التي تنتجها مصانع المدن الصناعية وهي في الغالب تستند إلى المواد الهيدروكربونية، والثانية: وتشمل قطاع الصناعات التحويلية والإنتاج الصناعي في المملكة متنوع، يشمل: أ - الإنتاج من مشاريع الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) التي تتنوع بين منتجات بتروكيميائية، معادن ثقيلة، الأسمدة، اللدائن، الغازات وغيرها. وتعد (سابك) معلمًا بارزًا من معالم التصنيع في المملكة ودليلاً واضحًا على مدى ما بلغته المملكة من تنمية شاملة . وقد نجحت الشركة السعودية للصناعات الأساسية في تحقيق الهدف من إنشائها وهو بناء قاعدة التصنيع الموسع في المملكة . ب - الإنتاج من المعامل والمصانع المرخصة، وقد دعمت الدولة المستثمرين في هذه المصانع والمعامل بإنشاء صندوق التنمية الصناعية السعودي . كما توفر الدولة أيضاً للمستثمرين في هذا القطاع العديد من الحوافز كتأجير الأراضي في المدن الصناعية السعودية، وإعطاء الأفضلية لمنتجات تلك المصانع الوطنية عند الشراء لمؤسسات الدولة، والمنح التدريبية، ومن هذه المصانع : الأسمنت، البلاستيك، مواد البناء، الأغذية، المنسوجات والملابس، صناعة الورق، الخزف والزجاج، المنتجات الجلدية، صناعة الأثاث.وتركز هذه المصانع والمعامل في تسويق منتجاتها على السوق المحلية التي تستهلك مجمل إنتاج هذه المعامل والمصانع تقريبًا. ج - المعامل الصغيرة أو الورش؛ وهذه معامل أو ورش صغيرة تعطى ترخيصًا من البلديات في المدن وتحصل على سجل من فروع وزارة التجارة، وهذه الورش أو المعامل غالبًا لا تحتاج إلى معدات ضخمة أو منشآت مبانٍ مكلفة لذا يقوم أصحاب هذه المصانع الصغيرة بتمويل مشاريعهم ذاتيّاً. وتضطلع وزارة التجارة والصناعة والهيئة الملكية للجبيل وينبع وغيرها بمهام التخطيط والتنفيذ للمشاريع الصناعية في المملكة وتقوم وزارة التجارة والصناعة بالدور الرئيس في ذلك، حيث يتم عن طريقها تمويل المشاريع للقطاع الخاص، ومنح التراخيص الصناعية للمشروعات الكبيرة والصغيرة كما أن الوزارة أنشأت العديد من المدن الصناعية لدعم المستثمرين في القطاع الصناعي وجهزتها بالتجهيزات والمرافق الضرورية. وهذه المدن أقيمت في كل من: الرياض، جدة، الدمام، القصيم، مكةالمكرمة، الأحساء، المدينةالمنورة، خميس مشيط، عسير، تبوك، حائل، الجوف. وتهدف الوزارة من إقامة هذه المدن إلى دفع عجلة النمو الصناعي، وذلك بإتاحة فرص الاستثمار في هذا المجال وتقديم التسهيلات للمستثمرين من الحصول على قطع الأراضي اللازمة لإنشاء المشاريع الصناعية عليها بأجر رمزي سنوي للمتر المربع. كما توفر هذه المدن العديد من المزايا للمستثمرين في القطاع الصناعي من أهمها: أ . توفير المرافق الضرورية كشبكات المياه والمجاري والطاقة الكهربية وشبكة الاتصالات وشبكة الطرق المسفلتة والمضاءة داخل المدن،. ب . توفير خدمات الورش الفنية بالمدن الصناعية مثل تصنيع بعض قطع الغيار اللازمة للمصانع. ج . الخدمات الأساسية، كمكاتب البريد، البنوك، مراكز الشرطة، المستوصفات الطبية، المقاصف، المساجد، مراكز الدفاع المدني. كما أن الدولة قد أنشأت الهيئة الملكية للجبيل وينبع عام 1395ه /1975م لتضطلع بالمسؤولية عن التخطيط والإنشاء والتشغيل والإدارة لجميع التجهيزات والمرافق الأساسية اللازمة لبناء مدينتين صناعيتين حديثتين ذات صلاحيات مستقلة في كل من الجبيل وينبع، والرئيس الأعلى للهيئة هو خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز. وتعد مدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان ظاهرة فريدة في تاريخ التنمية الحديثة في العالم، حيث أن هاتين المدينتين قد أنشئتا من نقطة الصفر وفق أساليب تخطيطية وتنفيذية وإنتاجية وتقنية محددة، وتكاد تكون متفردة . كما أن إنشاء هاتين المدينتين بهذه المقاييس يعد مثالاً واضحاً على ما يتميز به خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز من نظرة ثاقبة ونظرة مستقبلية بعيدة المدى لمستقبل المملكة الاقتصادي . كما أنهما تعدان نموذجاً فريداً لحسن ودقة التخطيط والتنفيذ التنموي الذي انتهجته المملكة طوال العقود الثلاثة الماضية. وقد خطط للمدينتين الصناعيتين على أساس التكامل رغم طول المسافة التي تفصل بينهما. فقد مدّ خط أنابيب من الجبيل إلى مدينة ينبع الصناعية لنقل الغاز الطبيعي لاستخدامه في الطاقة اللازمة للمصانع هناك.