يفترض في أسعار الأسهم ان تستجيب للمعلومات بصفة عامة وللمعلومات المحاسبية بصفة خاصة، ويفترض أيضاً ان تكون الاستجابة تتناسب مع نوعية وطبيعة هذه المعلومات. ومن هنا فإن أهم المشاكل التي تواجه المتعاملين في أسواق المال هي مشكلة عدم تماثل المعلومات بين المتداولين. والواقع ان قضية المعلومات الداخلية Inside/ private Information مشكلة تعاني منها جميع أسواق المال بدون استثناء ولكن بدرجات متفاوتة، إلا ان هذا لا يعفي الهيئات المشرفة على أسواق المال في الحد من تسرب المعلومات الداخلية. ومن هنا فإنه من المناسب التطرق في هذا الوقت بالذات لهذا الموضوع حيث يترقب سوق الأسهم هذه الأيام التقارير السنوية للشركات المدرجة. ومن الدراسات التي تطرقت لهذا الموضوع دراسة حديثة عن سوق الأسهم السعودي نشرت في International Joumal of Accounting (مايو 2004) حيث توصلت الدراسة الى ان المعلومات المحاسبية السنوية وبالذات صافي الدخل لا تقدم أي معلومات وقتية أو آنية للمستثمرين في السوق السعودي حيث ان هذه المعلومات كانت تصل إلى السوق طوال العام، كما أوضحت الدراسة ان حوالي 11٪ من التغيرات في أسعار الأسهم يتم خلال الأسابيع الأربعة التي تسبق إعلان التقارير السنوية، مما يعني ان هناك احتمالية تسرب المعلومات قبل نشرها للعامة، ولاشك ان نتائج مثل هذه الدراسات الاحصائية تؤكد ضرورة العمل على تقليل تسرب المعلومات الداخلية إلى فئات خاصة. فالمعلومات الداخلية يتمكن من يحصل عليها في تحقيق مكاسب غير عادية على حساب الآخرين الذين تصلهم هذه المعلومات متأخرة أو لا تصلهم أحياناً. فالمعروف ان عملية إعداد التقارير السنوية تستغرق بعض الوقت للافصاح عنها، إلا ان بعض المستثمرين لن ينتظروا الافصاح الرسمي لتلك المعلومات بل يبحثون عن أي طريقة (لو كانت غير رسمية) للسبق بالحصول على المعلومات قبل وصولها إلى السوق. ولاشك ان طبيعة المجتمع السعودي ذي العلاقات الاجتماعية الوثيقة ما قد يساعد على تسرب المعلومات الداخلية بشكل مكثف. وبالتالي فإن معالجة هذه المشكلة يجب أن تأخذ مدخلين أحدهما أخلاقي (ديني)، والآخر تنظيمي (قانوني). أما الجانب الأخلاقي فإنه يقع على عاتق الجميع آخذاً في الاعتبار ان المعلومات الخاصة هي من قبيل الأسرار التي لا يجوز البوح بها، كما أن هذه المعلومات ليست من قبيل الصدقات التي يطبق عليها البعض «الأقربون أولى بالمعروف» وهي أيضاً ليست من قبيل إظهار التفاخر بالمكانة أو القوة الوظيفية بل هي ضعف في المركز وكما قيل قديماً «أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره». أما الجانب التنظيمي فإنه يقع على عاتق هيئة سوق المال، والشركات، ومكاتب المحاسبة، وجميع من يطلع على القوائم المالية قبل الافصاح عنها. فعلى الرغم ان لوائح سوق المال قد حظرت التداول بناء على معلومات داخلية، إلا ان الحظر بحد ذاته لن يحل المشكلة، لذا فإنه يقترح ان تسعى الهيئة إلى ضرورة تنظيم الإعلان عن الأرباح وتقليص الفترة الزمنية الواقعة بين نهاية السنة المالية وبين الافصاح عن التقارير السنوية (أربعون يوماً حالياً)، بحيث يتم الإعلان لو بشكل مختصر قبل الأربعين يوماً. ولعل ما أعلنته هيئة سوق المال والسلع الاماراتية هذا الأسبوع حيث الزمت جميع الشركات بإعلان نتائجها خلال شهر من نهاية السنة المالية كحد أقصى، مما يدعو إلى اعادة النظر في فترة الأربعين يوماً التي أقرتها هيئة سوق المال هنا آخذاً في الاعتبار التطورات التكنولوجية التي تجعل فترة الأربعين يوماً فترة طويلة لإعلان النتائج. ومن المقترحات التنظيمية التي قد تحد من تسرب المعلومات الداخلية ضرورة تشديد العقوبة على تسريب المعلومات الداخلية من جانب الادارة أو المراجع أو كل من له علاقة بالمعلومات الداخلية المسربة. ٭ أكاديمي - جامعة الملك سعود