منذ أن انتهى الحدث المصري والعيون على تونس لتتأمل في حدثها ومستقبلها ومسارها، الاغتيال الأول لشكري بلعيد ثم الاغتيال الثاني اغتيال النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي. والعجيب أن الأصابع تشير إلى تورط حركة النهضة أو بعض شبابها بسبب كون الراحل ناقداً قوياً وقاسياً ومحارباً شرساً للتطرف والإرهاب والإسلام السياسي، كان يحارب بقلمه وفكره لا بالرشاشات والمدافع، وقد كانت الحادثة قوية وتوشك أن يكون لها ضرام، إذ سيمتد الحدث ليشعل الثورة التونسية الثانية على غرار الذي يجري بمصر، وسيشعل النيران تحت أقدام حركة النهضة وسيعيد الثورة التونسية للشعب التونسي كما يستحقها فهو الذي أسقط النظام السابق وليست حركة النهضة التي كان رموزها يخطبون بالمنافي. المواقف تتالت حيث اعتبر راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة، الاغتيال الذي تعرض له النائب بالمجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي، اليوم (25 يوليوز)، جريمة خطيرة تستهدف الثورة وضرب الوحدة الوطنية وتعطيل المسار الانتقالي الديمقراطي. وقال الغنوشي على صفحته بالموقع الاجتماعي "فايسبوك"، إن "اغتيال البراهمي، جريمة جديدة تستهدف أمن البلاد ودفعها نحو العنف والتقاتل". هذا خطاب الغنوشي المُدين، لكن هل سيوقف مثل هذا الخطاب هدير الشوارع والضربات التي ستتلقاها القوى الأصولية من المجتمع؟! علّقت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) على حادث اغتيال المعارض التونسي محمد البراهمي، قائلةً إن ذلك الحادث يثير التساؤلات حول مدى قدرة حزب حركة النهضة الحاكم في تونس على النجاة من الأزمة السياسية الحالية وسط اندلاع الاحتجاجات المطالبة باستقالة الحكومة في عدة مدن تونسية وقيام سلطات الملاحة الجوية بإلغاء الرحلات الجوية من وإلى داخل البلاد. وأضافت (بي بي سي) في تقرير بثته أنّ اغتيال البراهمي أدخل تونس مرة أخرى إلى نفق الأزمة السياسية المعقدة تزامناً مع اشتعال موجات الغضب والسخط من جانب محبيه ومؤيديه، في الوقت الذي يتهمون من أطلقوا عليهم "متطرفين إسلاميين" وحزب "النهضة" الحاكم بالتواطؤ والضلوع في اغتياله. وأشار التقرير إلى أن البراهمي اشتهر بانتقاده الصريح واللاذع لحزب "النهضة" وإصراره على ضرورة أن تنتهي الشرعية الحالية باستقالة الحكومة وإجراء انتخابات جديدة في البلاد. الإخوان لديهم ترسانة من الاغتيالات منذ قائدهم حسن البنا الذي شرّع الاغتيالات كما ذكرت في مقالات سابقة. الإخوان لديهم تنظيم سري يقتلون بالخفاء أو يسهّلون القتل، صحيح أنهم ليسوا بوضوح تنظيم القاعدة لكنهم أخبث منه في المكر والتآمر وما الذي يجري بتونس ومصر إلا علامة على أيديولوجية سوداء! ظنّ الناخب التونسي أن تولي حزب «النهضة»، الإسلامي، مقاليد الحكم سيكون تمهيداً لدخول تونس حقبة جديدة، إلا أن شعور التونسيين بالخوف وتتالي أحداث الاغتيال وموجات العنف المتزايد في الشوارع، ورؤيتهم للحدث المصري مما قد ألحّ السؤال: إلى أين هي موجة العنف وإلى أين ستؤول؟! أجرى موقع أخبار اليوم استفتاء وافق 58% من المشاركين فيه على التحقيق مع الشيخ محمود شعبان، صاحب فتوى إهدار دم قيادات المعارضة، وعلى رأسها جبهة الإنقاذ الوطني. كانت "بوابة أخبار اليوم"، قد طرحت على قرائها سؤالاً "هل توافق على التحقيق مع صاحب فتوى إهدار دم قيادات "الإنقاذ"؟، وجاءت نسبة الموافقين 58%، بينما بلغت نسبة الرافضين للتحقيق مع الشيخ محمود شعبان 40%، فيما صوت 2% من المشاركين في الاستفتاء ب "لا أعلم". مهما اختلفت المواقف والتحليلات وتعدّدت غير أن الأكيد أن الثورة التونسية الثانية على الأبواب؛ وهذا ما يُخيف الغنوشي والنهضة والجماعة وسيزيد من الضربات التي ستتلقاها من بعد مصر في تونس وعلى قدر الضربات هناك تكون المفارقة أننّا نسمع صراخ الألم لدى أتباعها لدينا ههنا!