أغلب من يظهرون في النقاشات التلفزيونية من حزب الإخوان تجدهم متوترين وحانقين ويُقاطعون الكلام، ويستخدمون ألفاظاً مقذعة في الردود. ويمكن أن نلاحظ أن السباب والشتم للخصم ونعته بأوصاف لاتليق تمثل سمة أساسية في منهجهم في التعامل ظلّت جماعة الإخوان فترة طويلة من الزمن تعمل في الخفاء، وبقيت المعلومات عن هذه الجماعة مُحاطة بالسرّية والغموض. وقد برز عندنا في المملكة مصطلح "إخواني" أو "إخونجي" الذي يُطلق على الأشخاص المتحزّبين الطامحين إلى الوصول إلى السيطرة على مفاصل الدولة، وكانت كميّة منهم يُسيطرون على التعليم وانتشر بعضهم في المدارس وصاروا يُشرفون على الأنشطة الطلابيّة وأصبح لهم نفوذ في تشكيل الجماعات الطلابيّة وتوجيه النشء نحو مبادئ معينة لم يجد فيها أولياء الأمور ضرراً، كطاعة رئيس المجموعة أو قائدها طاعة عمياء، وتنفيذ مايُطلب منهم دون سؤال، والرجوع في أصغر شيء إلى قائدهم، والقناعة التامّة بأنّ هذا القائد يملك معلومات أو أسراراً لايملكونها؛ ولهذا فإنه في نظرهم "الأعرف" أو "الأعلم" و "الأفضل"..إلخ. وقليل من اكتشف أنّ وراء هذا المنهج خططاً للسيطرة على عقول النشء وسلب إرادتهم لكي يتمكّن القائد من توجيه هؤلاء إلى الجهة التي يُريدها بكل يسر وسهولة. والواقع أن الكتب التي أُلّفت عن هذه الجماعة لا تكفي لكشف تفاصيل عمل الجماعة ومنهجها وأساليبها في التفكير والعمل حتى جاءت الفرصة لهذه الجماعة بتولّي الحكم في مصر خلال العام الماضي. وأصبحت تصرّفات الجماعة -بقيادة الرئيس المعزول محمد مرسي وأعوانه ومساعديه وقادة الحزب والمتحدثين باسمه- معروضة أمام الجميع للتعرّف عليهم عن قرب. وبعد سقوط مرسي ظهرت ردود أفعال المتعاطفين مع هذه الجماعة والمؤيدين لها وكشفتهم للناس على حقيقتهم. والآن، نحن أمام كميّة مناسبة من التصريحات التي وردت على ألسنة ممثلين لهذه الجماعة، وأمام مواقف وتصرّفات تُساعد الدارسين على رصد سمات التفكير ومنهج العمل عند جماعة الإخوان. وبالتركيز على نقطة واحدة تتعلق بمنهجهم في مواجهة الخصوم، سنجد أن التعرّف على ذلك سهل بالرجوع إلى الحوارات والمقابلات والتصريحات التي صدرت منهم خلال الفترة الماضية. وأبرز سمة يمكن ملاحظتها هي الهجوم المباشر على الخصم والانشغال بتوجيه الشتيمة له وتنحية موضوع النقاش جانباً. وهذه السمة تكاد تكون شائعة عند الإخوان في نقاشاتهم، فأغلب من يظهرون في النقاشات التلفزيونية من حزب الإخوان تجدهم متوترين وحانقين ويُقاطعون الكلام، ويستخدمون ألفاظاً مقذعة في الردود. ويمكن أن نلاحظ أن السباب والشتم للخصم ونعته بأوصاف لاتليق تمثل سمة أساسية في منهجهم في التعامل؛ وقد يصل الأمر بهم إلى تكفير الخصم وإخراجه من الدين. ومن تابع تعليقات الشيخ أبو إسلام أو محمد العمدة وعاصم عبدالماجد وطارق الزمر سيجد كمّاً كبيراً من هذا النوع من الشتائم، وقد عرض المذيع باسم يوسف في حلقات من برنامجه الساخر الشهير "البرنامج" مقاطع عديدة للشتائم والسبّ الذي يظهر من رموز جماعة الإخوان مستغلاً اسم الدين مع مايناقضها من كلام تنظيري بضرورة التخلّق بالأخلاق الفاضلة. وصدرت من الجماعة فتاوى عنيفة ضد الخصوم بلغت حدّ القطيعة مع المعارضين كتحريم الخروج على مرسي وتحريم التظاهر ضدّه، وجاءت هذه الفتاوى من عدد كبير من رموز الإخوان وقادتهم مثل: الشيخ وجدي غنيم والشيخ القرضاوي والشيخ أشرف عبدالمنعم ومحمد عباس وصالح جاهين وعبدالله بدر والسيد أبوخضرة وغيرهم ممن أطلقوا لأنفسهم العنان في تكفير الخصوم ونعتهم بالمجرمين المنتقصين لدين الله. كما أفتى الشيخ هاشم إسلام بضرورة قتل المتظاهرين ضد مرسي، وكذلك جاءت فتوى من أشرف عبدالمنعم أحد أعضاء الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح في مصر التي تضم في عضويتها خيرت الشاطر، نائب مرشد الإخوان، فأفتى بقتل المتظاهرين المعارضين لمرسي منعاً لزيادة الإجرام، لأن المعارضين في نظره هم من «المجرمين المنتقصين لدين الإسلام الساخرين من شرائعه، وحلفائهم من ذوي الطرح النصراني الطائفي، ومن سار في ركابهم من المخدوعين..». وبعد سقوط مرسي ظهرت دعوات منهم تقول بأن سقوط مصر عن بكرة أبيها أهون من سقوط مرسي لأن سقوط مصر يعني سقوط دولة أما سقوط مرسي فيعني سقوط الإسلام. وأعلن القيادي في الجماعة أحمد أبو بركة أنّ المنقلبين على محمد مرسي جريمتهم لا تقل عن الشرك بالله. والملاحظ أنهم يلعبون نفس الأدوار التي كانوا يصفونها بالديكتاتورية من خلال محاولتهم صياغة نظام سياسي يرتدي أقنعة دينية. ومما يرتبط بالشتائم والسباب من خصال، يرى المحللون أن منهج الكذب من المناهج الأساسيّة لدى الجماعة وذكر المتابعون أن الإخوان يستخدمون الكذب على نطاق واسع، لأن الكذب في نظر الجماعة وسيلة ناجحة من وسائل الحرب شريطة أن يقتصر استخدامه عليهم وأن يكون سرياً فيما بينهم. ويتذكر الناس تأكيد الجماعة بأنها لن ترشّح أحداً لمنصب الرئاسة حتى تمكّنوا من ثقة مناوئيهم ثم قدّموا مرسي مرشحاً لهم. كما يتذكرون الوعود التي قطعها الرئيس مرسي على نفسه حالما تقلّد الحكم ولم ينفذها ويتذكرون أنه حنث بالقسم وأنه قال أقوالا ولم يفِ بها. وقد كتب علي البخيتي مقالة بعنوان «الكذب عند الإخوان سنة مؤكدة عند الضرورة» أوضح فيه نماذج لكذبهم. كما ذكر سعيد رمضان في مقالة بعنوان «الكذب أفتك الأسلحة» موضحاً الاستخدام الحزبي للكذب لخدمة المصالح على حساب الحقيقة، ويبيّن عبد الحليم قنديل المعارض الذي يعرف الإخوان منذ زمن بعيد بأن «الكذب عند الإخوان تحوّل من عادة إلى عبادة». وهناك مجموعة من المقالات والكتابات في الصحف ومواقع الإنترنت تكشف عن هذه الصفة لدى الإخوان، نكتفي بذكر بعضها مثل: ما كتبه طه العامري بعنوان «الإخوان المسلمون وفلسفة الكذب المشروع» يسرد نماذج من كذب الإخوان حسب الوقائع والأحداث، وكتبت فريدة النقاش بعنوان «الكذب استراتيجية الإخوان»، كما كتب محمود مسلم مقالة بعنوان «كذب الإخوان لو وصدقوا». وأكّد المحامي ثروت الخرباوي المنشق عن جماعة الإخوان «أن الاخوان كشفوا حقيقتهم أمام الشعب وظهر فسادهم وعرف الشعب من هم اللصوص الحقيقين»، مضيفًا أن الاخوان يرفعون الشعار فقط، ويكذبون على الشعب وكأن الكذب عندهم عبادة. وإذا علمنا أن هاتين الصفتين من سمات مواجهة الخصوم عند الإخوان، فإنه يسهل علينا التعرّف على شخصياتهم وإدراك الأساليب المتّبعة لديهم في الإثبات أو الإبطال أو في التأكيد أو النفي أو في الإقرار أو الإنكار.